استمرار الاحتجاجات في لبنان رغم قرارات مجلس الوزراء

لبنان: جرحى في مواجهات بين الأمن ومحتجين في بيروت وطرابلس

12 يونيو 2020
من احتجاجات لبنان اليوم (حسين بيضون)
+ الخط -
يشهد عدد من المناطق اللبنانية، مساء الجمعة، حالة من التوتر بلغت ذروتها في العاصمة اللبنانية بيروت وساحة النور في شمال لبنان، حيث جرت مواجهات بين العناصر الأمنية والمعتصمين الذين يحتجون على ارتفاع سعر صرف الدولار، وتخطيه يوم الخميس عتبة الستة آلاف ليرة لبنانية، مع تردّي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية.
وقام عدد من المعتصمين في وسط بيروت بتكسير وتحطيم واجهات المحال التجارية وحرق البعض منها، ما دفع القوى الأمنية إلى إطلاق القنابل المسيلة للدموع لتفرقة الشبان، بينما تدخلت عناصر الدفاع المدني لإخماد النيران.
كذلك تستمرّ المواجهات بين العناصر الأمنية وشبان أتوا بكثافة على دراجات نارية ما أسفر عن سقوط عدد من الجرحى نتيجة رمي الحجارة والقنابل المسيلة للدموع والمفرقعات النارية والرصاص المطاطي. وتم استقدام تعزيزات أمنية مكثفة لمحاولة تفرقة المعتصمين، ومحاولة إعادة الهدوء إلى الشارع منعاً لتطوّر الوضع وانحداره نحو الأسوأ. 



شمالاً، تشهد أحياء طرابلسية، ولا سيما ساحة النور، مواجهات بين المعتصمين والجيش اللبناني تستخدم فيها القنابل المسيلة للدموع والمفرقعات النارية والحجارة، وسط عمليات كر وفر، مع محاولات من قبل المحتجين لإحراق بعض المحال والأملاك العامة، في ظلّ انتشار أمني كثيف في شوارع وأرجاء المنطقة. وأعلن الصليب الأحمر اللبناني عن إصابة 9 جرحى على الأقل في المواجهات الدائرة. 

وتستمرّ التحركات الشعبية في لبنان بزخمٍ كبيرٍ، لليوم الثاني على التوالي، اعتراضاً على ارتفاع سعر صرف الدولار، وتخطيه يوم أمس الخميس عتبة الستة آلاف ليرة لبنانية، وتردّي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية، وذلك على الرغم من عقد مجلس الوزراء، الجمعة، جلستين متتاليتين بصورة طارئة، تقرّر خلالهما تخفيض قيمة الدولار إزاء العملة اللبنانية، وصولاً إلى 3200 ليرة، ابتداءً من اليوم، على أن تظهر النتائج أكثر يوم الاثنين المقبل، ومخاطبة صندوق النقد الدولي بلغة واحدة وبرعاية المجلس النيابي.
وشهدت العاصمة اللبنانية جملة تحركات اليوم، ولا سيما أمام مصرف لبنان، حيث طالب المحتجون بإقالة حاكم البنك المركزي رياض سلامة، ونددوا بالسياسات المالية التي انتهجها خلال سنوات طويلة، بالتعاون مع الحكومات المتعاقبة والطبقة السياسية التي أفقرت الشعب ودفعت البلد نحو الانهيار. وكما يبدو، فإنّ مطلب المنتفضين لن يلقى تجاوب السلطة، إذ صرح رئيس مجلس النواب نبيه بري من قصر بعبدا، اليوم، "إنّنا بحاجة إلى كلّ الناس ولسنا بحاجة إلى الاستغناء عنهم".
في السياق، لا تزال معظم الطرقات البقاعية مقطوعة من قبل المعتصمين الذين يصرون على البقاء في الشارع حتى تحقيق المطالب، وعلى رأسها خفض سعر صرف الدولار، واستقالة حكومة حسان دياب.
والمشهد الجامع نفسه في الشمال والجنوب والجبل ومختلف المناطق اللبنانية، التي نصبت فيها خيم المنتفضين وعلقت فيها الأعلام اللبنانية، ورفعت لافتات تطالب بقضاء عادل ومستقل يعمل على مكافحة الفساد واستعادة الأموال المنهوبة ومحاسبة المنظومة السياسية والمصرفية التي ساهمت في إفقار الشعب اللبناني.


وعقد رئيس الجمهورية ميشال عون، بعد ظهر اليوم، اجتماعاً ضم رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء حسان دياب، تناولوا فيه الأوضاع المالية والتطورات الأخيرة في البلاد. ومن ثم استكمل مجلس الوزراء الجلسة التي كانت قد بدأت صباحاً في السراي الحكومي.
وتحدث الرئيس عون، في مستهل الجلسة، عما حصل أمس نتيجة ارتفاع سعر الدولار، "ما جعلنا نتساءل هل الرقم الذي أعطي لسعر الدولار هو شائعة تم تعميمها لينزل الناس إلى الشوارع للاعتراض، فحصلت مواجهات وأعمال شغب؛ هذا يدفعنا إلى السؤال: هل هناك لعبة سياسية أو مصرفية أو شيء آخر يجدر بنا التفكير فيه؟"، على حدّ قوله.
وأضاف: "بدا الاعتراض في الشارع وكأنه منظّم ويستهدف الحكومة، لأن خبراء أكدوا أنه لا يمكن للدولار أن يرتفع قياساً إلى الليرة اللبنانية إلى هذا الحد، ما يدل على وجود ما يجعلنا نعمل لمواجهة أي خطة وراء ذلك".
وقال عون: "لقد توصلنا إلى تدبير سيبدأ تنفيذه يوم الاثنين المقبل، إذ ستتم تغذية السوق بالدولار من مصرف لبنان. هذه الحكومة سوف تطمئن الجمهور، ويُفترض أن يتراجع سعر صرف الدولار تدريجاً"، معتبراً أنّ "مسؤولية ما حصل مالياً تُوزَّع على ثلاث جهات: الحكومة، مصرف لبنان، والمصارف. وبالتالي فإن الخسائر يجب أن تتوزّع على هذه الجهات وليس على المودعين".
وأضاف رئيس الجمهورية: "لقد ورثنا إرثاً ثقيلاً لكننا لن نتهرب من المسؤولية، ويجب أن يساعدنا اللبنانيون لمعالجة الوضع الناشئ، علماً أننا لا نتحمل مسؤولية ما حصل. سنبقى متضامنين لتأتي المعالجة لمصلحة الشعب اللبناني".
من جهته، أشار رئيس الحكومة إلى أن "البلاد لم تعد تحتمل خضات إضافية، ومطلوبة إجراءات قاسية لوضع حد لأي شخص أو جهة تلجأ إلى إحداث خضات". مشدداً على أنه "لا بد من اتخاذ إجراءات عملية تعطي مناعة أكبر للحكومة والدولة لمواجهة خضات من هذا النوع".
وكلّف مجلس الوزراء وزيرة العدل الطلب من النائب العام التمييزي إجراء التعقبات بشأن ما أثير ويُثار من وقائع ملفقة أو مزاعم كاذبة لإحداث التدني في أوراق النقد الوطني، والذي أدى إلى زعزعة الثقة في متانة نقد الدولة وغيرها من الأفعال الجرمية المنصوص عليها في الباب الأول من الكتاب الثاني من قانون العقوبات، تمهيداً لإحالة ما ينتج عن تلك التحقيقات من دعاوى إلى القضاء المختص، بما فيه المجلس العدلي".
وتقرر أيضاً، تشكيل خلية أزمة برئاسة وزير المالية وعضوية وزير الاقتصاد والتجارة، ووزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية، ووزير الصناعة، ووزيرة الإعلام، وحاكم مصرف لبنان، ورئيس جمعية المصارف، ونقيب الصرافين في لبنان، والمدير العام للأمن العام، تكون مهمتها متابعة تطورات الوضعين المالي والنقدي وتطبيق القرارات، على أن تجتمع هذه الخلية في وزارة المالية مرتين في الأسبوع على الأقل، ويقدم من خلالها حاكم مصرف لبنان تقريراً مفصلاً عن تلك التطورات، وترفع خلاصة عملها بشكل دوري إلى رئيس مجلس الوزراء، تمهيداً لعرض الموضوع على مجلس الوزراء. وقرر مجلس الوزراء الطلب من الأجهزة الأمنية "على اختلافها وتنوعها التشدد في قمع جميع المخالفات".

المساهمون