مشروع "الإدارة الذاتية" جنوبي اليمن ينتكس

مشروع "الإدارة الذاتية" جنوبي اليمن ينتكس

27 مايو 2020
لم ينجح الانفصاليون بحل أزمات عدن (صالح العبيدي/فرانس برس)
+ الخط -
اصطدمت مساعي "المجلس الانتقالي الجنوبي" لبسط سيطرته على جنوبي اليمن، لا سيما العاصمة المؤقتة عدن، وذلك من خلال إعلانه "الإدارة الذاتية" في 25 إبريل/ نيسان الماضي، بحصار داخلي وخارجي، ليفشل في معالجة الأزمات المعيشية والاقتصادية التي تواجهها عدن، بالتوازي مع ضغط سعودي لتطبيق "اتفاق الرياض" الموقّع في 5 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي بين الحكومة اليمنية و"الانتقالي"، مع تسريبات عن توجّه سعودي لنقل مقر قيادة التحالف إلى شبوة بدلاً من عدن، تحسباً لعمل عسكري ضد الانفصاليين في العاصمة المؤقتة من قبل قوات الحكومة لفرض "اتفاق الرياض" بالقوة. وبدا أن هذه الضغوط دفعت الانفصاليين لإجراء مباحثات مع المسؤولين السعوديين في الرياض، إذ أعلن المجلس مساء الإثنين أن وفداً منه برئاسة عيدروس الزبيدي يجري مباحثات مباشرة مع القيادة السعودية.

واعترفت مصادر في "المجلس الانتقالي"، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، بأن الوضع معقّد للغاية وهناك حصار قيّد حركة المجلس في التقدّم بخطوات تطبيق مشروع "الإدارة الذاتية"، على الرغم من محاولات قيادة هذه "الإدارة" تجاوز هذا الوضع، وكسر الحصار الذي يتعرض له "الانتقالي" من الحكومة بسبب خطواته الأخيرة، لا سيما أن الرياض والحكومة تضغطان على كل الجهات والأطراف المعنية للامتناع عن التعاطي مع قيادة "الإدارة الذاتية".

وأضافت المصادر أن الخلاف السعودي الإماراتي حول خطوة إعلان "الإدارة الذاتية" أثّر على حجم وكمية الدعم الذي كان يمكن أن تقدّمه أبوظبي لـ"الانتقالي" لتجاوز الأوضاع الصعبة في عدن، ما وضع المجلس وقيادة "الإدارة الذاتية" في موقف صعب جداً، إضافة إلى أن الموقف السعودي دفع الجهات الدولية من منظمات ودول فضلاً عن جهات داخلية، إلى رفض محاولاته في التواصل معها لتجاوز الأوضاع الكارثية في عدن، بحجة أن "الانتقالي" غير شرعي وتلك الأطراف لا تتعامل إلا مع الحكومة والمؤسسات الشرعية، وهذا أكبر التحديات التي تعصف بمشروع "الإدارة الذاتية".
من جهته، قال مصدر في الحكومة الشرعية لـ"العربي الجديد"، إن الحكومة أوضحت لكل الأطراف، من منظمات دولية ودول فضلاً عن بعض الجهات المحلية، أن ما يقوم به "الانتقالي" في عدن هو تمرد وانقلاب على الدولة، وأن من يتعامل معه يتحمّل المسؤولية وتداعيات ذلك على مختلف المستويات، وأنها غير ملزمة بأي محاولات من تلك الأطراف للاعتراف بالتمرد القائم في عدن أو التنسيق معه، وستتخذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة تجاه أي جهة تتعامل معه ويجب على الجميع حصر التعاطي فقط بالمؤسسات الحكومية. وإذ اتهم المصدر "الانتقالي" بنهب مؤسسات الدولة والإيرادات وبسط سيطرته على المؤسسات والمرافق الحكومية، ومنع الحكومة ومؤسساتها من القيام بواجبها تجاه الناس لتوفير الخدمات من كهرباء وماء، وأيضاً مواجهة جائحة كورونا، لفت إلى أن المجلس يريد اليوم تحميل الحكومة أخطاء وكوارث ارتكبها هو في عدن بعدما فشل في توفير أي من الخدمات.

ويتهم أنصار الانفصاليين الحكومة بالمسؤولية عن أزمة الكهرباء والماء لأن الشركات رفضت إيصال الوقود للمدينة بالاتفاق مع الحكومة في محاولة لحصار "الانتقالي" وإفشاله. فيما قالت قيادات مقربة من المجلس لـ"العربي الجديد"، إنه فشل حتى اللحظة في إقناع الجهات والأطراف الدولية الموالية له بتقديم دعم له، والتعاطي معه بشكل مباشر بدلاً من الحكومة الشرعية بعد أن بات هو المسيطر على الأرض، لا سيما بعد إعلانه "الإدارة الذاتية". كما أن "الانتقالي" لم يتمكّن من توفير المبالغ المطلوبة لشراء الوقود لمحطات الكهرباء أو إنشاء محطات طاقة جديدة، وإصلاح شبكات المياه، ويعاني في الحصول على تمويل من أي جهة لتجاوز أزماته في عدن والتي تتعقد يوماً بعد آخر.

وأكد أحد قادة "الانتقالي" لـ"العربي الجديد"، أن إيرادات عدن غير كافية لتوفير أي من الخدمات للمدينة، ولا سيما في ملف الكهرباء الذي يُعدّ أكبر من قدرة المجلس وإمكانياته، لذلك يحتاج إلى دعم خارجي لحل جزء بسيط من المشاكل القائمة وتخفيف الضغوط التي تواجهه.
ويشير متابعون إلى تراجع الخدمات في عدن وانهيار كبير للوضع الصحي في المدينة وارتفاع عدد الوفيات بسبب الأوبئة ومن بينها كورونا، خلال شهر، إلى أكثر من 1400 ضحية، وذلك بالتوازي مع إغلاق المستشفيات أبوابها أمام المصابين.

تفاقم الأزمات وفشل "الانتقالي" في إيجاد حلول لها، دفع الأوضاع في عدن للخروج عن سيطرته، مع تزايد الغضب الشعبي وخروج احتجاجات شعبية ضده تطالب بعودة الحكومة، في الوقت الذي تضغط فيه الحكومة عليه في مختلف المجالات الصحية والاقتصادية، بالتوازي مع الضغط العسكري في البوابة الشرقية لمدينة عدن، وتحديداً في محيط زنجبار، عاصمة أبين، بعد نجاح الشرعية بالسيطرة على منطقة خنفر، شرق زنجبار، وعلى عدد من المعسكرات في المنطقة. أما أبوظبي فهي تتخوف من أي خطوات عسكرية ضدها في مناطق وجودها جنوباً، لا سيما في منطقة بلحاف في شبوة.