هل تفرّق صفقات إعمار سورية بين روسيا وإيران والأسد؟

هل تفرّق صفقات إعمار سورية بين روسيا وإيران والأسد؟

24 يناير 2018
الأسد سلم سورية لإيران وروسيا (ديليل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -
ربما لا يزال من المبكر الحديث عن تفكك التحالف الثلاثي الذي يجمع كلا من روسيا وإيران والنظام السوري، غير أن المؤشرات تتزايد حول احتمال حصول "الطلاق" خصوصاً بين الثنائي الروسي ــ الإيراني على خلفية عنوانَين مركزيَّين: الصراع على أكبر حصة ممكنة من "كعكة" صفقات إعادة الإعمار في سورية، والتمسك بالمركز الأول لناحية النفوذ السياسي ــ العسكري، وبالتالي الاقتصادي في هذا البلد.

وتستشعر إيران بمحاولة استبعادها من الواجهة، خصوصاً لمصلحة روسيا فعلياً، الممسكة بالنفوذ السياسي الأكبر حالياً في الملف السوري.

وفي الأيام القليلة الماضية، خرجت مواقف إيرانية، رسمية وإعلامية، بلهجة غير مسبوقة تصل إلى حدّ "الشتيمة" ضد رئيس النظام بشار الأسد، على خلفية تفضيله الحليف الروسي على حساب إيران.

مواقف وتصريحات طاولت الروس أيضاً وإن كانت بلهجة أقل حدّة من تلك التي طاولت الأسد الذي ربما يجد نفسه قريباً مضطراً إلى الاختيار بين طهران أو موسكو، وإنهاء ما ظل متمسكاً به منذ سبع سنوات من الثورة والحرب السوريتين، أي تسليم أمر سورية لهذين البلدين بشكل متساوٍ.

وفي هذا السياق، نقلت صحيفة "كيهان" الإيرانية، قبل يومين، عن مستشار المرشد الإيراني الأعلى للشؤون الدولية، علي أكبر ولايتي، قوله إنه "لولا إيران، لما تمكّنت روسيا من لعب أي دور في المنطقة، ولسقط النظام السوري خلال أسابيع".

كلام ولايتي يحمل في طياته رسائل مبطنة عديدة إلى كل من الأسد وموسكو، كما سبقه كلام أقل دبلوماسية نشرته صحيفة "قانون" الإيرانية المستقلة، معتبرة أن بشار الأسد "يريد تقليم أظافر إيران في سورية"، مع تذكيرها بأن "العالم يدرك أن طهران هي التي تحملت تكلفة بقاء الأسد في رئاسة سورية، ودفعنا ثمنا باهظاً لذلك، ولكن اليوم يبدو أنه مع جهودنا وتضحياتنا، ستكون حصة داعمي بشار الأسد إيران لا شيء من بازار الشام".

ونددت صحيفة "قانون" بما وصفته "تهميش دور إيران في مستقبل سورية" وأن "هذه المسألة لم تعد خافية عن أعين الإيرانيين، وكانت سبباً في بعض الاعتراضات داخل أوساط النظام بإيران"، على حد تعبيرها.

ووصفت الصحيفة بشار الأسد بأنه "بلا مبادئ، وناكر للجميل بسبب اتفاقه مع الروس حول تسليم ملف إعادة إعمار سورية للروس بدلاً من إيران".

وبحسب الصحيفة، فإن الرئيس الإيراني حسن روحاني "يشعر بفقدان حصة إيران في سورية، ولقد تناول، أخيراً، مسألة إعادة إعمار سورية، وحصة إيران من هذا الملف مع الأسد". أكثر من ذلك، وصل الحال بالصحيفة الإيرانية إلى حد القول إنه من حق إيران أن تستولي ولو بالقوة على حصتها من الكعكة السورية.

كلام مشابه سبق أن صدر عن مسؤولين روس، مثل قول نائب رئيس الحكومة الروسية، ديمتري روغوزين، في نهاية 2017، بعد لقائه الأسد في دمشق: "الآن علينا أن نفكر كيف نجني الأموال لميزانيتنا، لمواطنينا، للناس الذين ينتظرون أيضاً مقابلاً ما، لقاء العمل الكبير الذي قامت به روسيا الاتحادية على الأراضي السورية".

ويبدو أن الصراع المستقبلي في سورية  سيتمحور حول حصص إعادة الإعمار وصفقات تقاسم الكعكة السورية، وسط مواقف عديدة من رأس النظام السوري مفادها بأن كل العقود ستعطى للدول والأطراف التي ساعدت النظام السوري في حربه. والمنافسة الرئيسية في هذا السياق تدور، بشكل علني، بين الروس والإيرانيين الذين حاولوا طرح أنفسهم كرعاة لإعادة الإعمار، من خلال "معرض دمشق الدولي" الذي أقيم في أغسطس/آب الماضي، وشاركت فيه شركات من 24 دولة.

وفي ذاك الحين، اقتصرت الدعوات على الدول الصديقة للنظام السوري، وأبرزها روسيا وإيران، وقدّمت الشركات حينها مشاريع لإعادة الإعمار. وسبق أن استحوذت إيران على عقود كبيرة تتعلق بقطاع الكهرباء التي تغذي حلب وحمص خصوصاً، وأبرمت اتفاقيات كبيرة مع حكومة النظام في مجالات الزراعة والصناعة والنفط والاتصالات والثروة الحيوانية والمواصلات والاتصالات والصحة والتعليم والطاقة. لكن روسيا ردت منذ 2015 حتى اليوم بعقود أخرى لا تقل أهمية خصوصاً في قطاعات النفط والتنقيب عن الغاز والصناعات الغذائية واستغلال الفوسفات خصوصاً.

وبعيداً عن الصفقات الاقتصادية، ظهر التنافس الروسي الإيراني في سورية بشكل متقطع منذ تدخلت روسيا عسكرياً، عام 2015، في سورية، من خلال الاختلاف مثلاً على بعض الاتفاقيات العسكرية، والهدن، كالهدنة التي وقّعها الإيرانيون مع "جيش الفتح" آنذاك، وحاولت روسيا إفشالها عدة مرات، بقصف القرى والبلدات الخاضعة للتهدئة في ريف إدلب.

وتطور الأمر عندما تمّ الاتفاق على إخراج مقاتلي المعارضة من مدينة حلب، برعاية روسية، واعتداء قوات تابعة لإيران على المدنيين الخارجين من الأحياء الشرقية، على مرآى الجنود الروس، واحتجازها عدداً من الحافلات، وإذلال المدنيين، وسرقة ممتلكاتهم الشخصية.

وعلى الصعيد السياسي أيضاً، فإن السياسة الروسية تنطلق من قاعدة أن الحل يكمن في إبقاء بنية النظام على حالها مع تطعيمها بوجوه معارضة، بينما تتبنى إيران رؤية النظام السوري كاملة، من حيث إن الحل السياسي يجب أن يكون انعكاساً مباشراً للحل العسكري، وبدا هذا التباين جلياً من خلال تصريحات الطرفين، فموسكو تؤكد دائماً أن مصير الأسد يقرره السوريون، وأنها لم تتدخل من أجله شخصياً وإنما من أجل حماية الدولة السورية ومؤسساتها ومحاربة الإرهاب، أمّا إيران، فترفض أي حل سياسي يقترب من الأسد شخصياً، الذي تعتبره الجندي الوفي لها في المنطقة.

المساهمون