العيسوية... حين يعاقب الاحتلال الأهالي بسحب الإقامات

العيسوية... حين يعاقب الاحتلال الأهالي بسحب الإقامات

01 يناير 2020
تواصل قوات الاحتلال سياسة الاقتحامات اليومية للعيسوية (مصطفى الخاروف/الأناضول)
+ الخط -
في الوقت الذي حذرت فيه لجنة المتابعة في بلدة العيسوية في القدس من الخطوات القمعية الأخيرة التي قررت سلطات الاحتلال اتخاذها بحقّ أهالي البلدة، وخصوصاً الشبان الذين تتهمهم بالاشتباك اليومي مع قواتها ومقاومة اقتحاماتها الاستفزازية، تبدو إجراءات الاحتلال واضحة في محاولات تجريد الأهالي من حقهم في الإقامة ببلدتهم واضطهادهم بممارسات عقابية أخرى.

ويأتي هذا التحذير، بعد أوامر الحبس الليلي التي فرضتها سلطات الاحتلال على عدد من شبان بلدة العيسوية، وتهديدها لآخرين بتجريد عوائلهم من حقهم في الإقامة، في خطوة وصفت بأنها ارتفاع في منسوب القمع والتنكيل بأهالي البلدة التي تتعرّض منذ أكثر من ستة أشهر لحملة من المداهمة والاقتحام والاعتقال على مدار الساعة. وطاولت حملة الاعتقالات إلى الآن أكثر من 500 من أبناء البلدة، أطلق سراح معظمهم، غير أنّ عدداً كبيراً خضع لتقييد حركته وفرض عقوبات الحبس المنزلي عليه، وفق ما أشار إليه عضو لجنة المتابعة في العيسوية، محمد أبو الحمص، في حديث مع "العربي الجديد"، الذي تعرّض هو نفسه للاعتقال والضرب والإصابة أكثر من مرة خلال تلك الفترة، بما في ذلك إبعاده عن منزله لنحو أسبوعين، ما اضطره إلى الإقامة في خيمة على المدخل الغربي لبلدته.

ووصف أبو الحمص التهديد بفرض الحبس الليلي، وما تناقلته وسائل إعلام إسرائيلية من أنّ قائد الجبهة الداخلية الإسرائيلية، اللواء تامير يدعي، يدرس فرض حظر التجوال الليلي على العيسوية، بأنها "محاولات من قبل الاحتلال للعودة إلى إجراءات مماثلة كان قد طبّقها بحق البلدة وأحياء وتجمّعات مقدسية إبان الانتفاضة الأولى، على الرغم من أنّ هذه الخطوة تشكّل بصورة غير مباشرة اعترافاً من قبل تل أبيب بأنّ القدس التي أخضعتها بقوتها العسكرية والبوليسية هي مدينة محتلة، على خلاف ما تدعيه بأنها مدينة موحدة".

وأكّد أبو الحمص أنّه "ينبغي للاحتلال أن يوقف اقتحاماته اليومية لبلدة العيسوية، وأن يكفّ عن استهداف الشبان بالاعتقال والضرب والاستفزاز اليومي، وانتهاك حرمات البيوت والاعتداء على من فيها"، مشدداً على أنّ "أيّ تصعيد بالحبس المنزلي أو فرض حظر التجوال أو سحب الإقامات من سكان البلدة لن يمنع من دفاع المواطنين عن أنفسهم".

يُذكر أنّ قيادة الجبهة الداخلية في الجيش الإسرائيلي كانت قد أبلغت قبل بضعة أيام، ستة شبان فلسطينيين من بلدة العيسوية بقرارها فرض الحبس المنزلي الليلي الإداري عليهم، لبضعة أشهر، بموجب أنظمة طوارئ وضعها الانتداب البريطاني. وأنظمة الطوارئ الانتدابية تمنح صلاحيات واسعة لقادة الجيش الذي يستخدمها من أجل تنفيذ اعتقالات إدارية وهدم بيوت في الضفة الغربية، فيما تطبيقها في مناطق تحت "سيادة إسرائيل" نادر جداً.

ويُعدّ هذا الإجراء الأول من نوعه الذي يطبق على بلدات وأحياء في القدس المحتلة، علماً بأنّ العقوبات السابقة كانت تشمل في أقصاها الحبس والمحاكمة، أو الإبعاد عن مكان السكن إلى مناطق أخرى، وهي عقوبة طاولت مئات المقدسيين، ومن بينهم عدد كبير من الأطفال، خصوصاً من سلوان والبلدة القديمة والعيسوية. وطاولت محافظ القدس عدنان غيث، الذي اعتقل منذ توليه منصبه مطلع العام الحالي خمس عشرة مرة، وأُبعد عن منزله في سلوان ثلاث مرات.

وفي السياق، اعتبر غيث في حديث مع "العربي الجديد"، أن ما أعلن إسرائيلياً بشأن العيسوية، خصوصاً الحبس الليلي وسحب الإقامات، "يشكّل ذروة في القمع الإسرائيلي بحق هذه البلدة الصامدة التي تدافع عن نفسها أمام تغوّل قوات الاحتلال على أطفالها ونسائها واستباحة الجنود اليومية للبلدة حتى عندما لا تسجَّل فيها أي مواجهات أو أعمال مقاومة". ورأى أنّ هذا الأمر تطوّر خطير جداً قد يمهّد لخطوات تصعيدية أكبر ليس بحق العيسوية وحدها، بل بحق جميع المقدسيين، مع الإشارة إلى أنّ سياسات الاحتلال بسحب الإقامة والاعتقال الليلي واستباحة المقدسات لم تتوقف قَطّ، بل هي في تصاعد كبير.

من جهته، قال مدير "نادي الأسير الفلسطيني" في القدس، ناصر قوس، في حديث مع "العربي الجديد" إنه "على مدى الأشهر الستة الماضية من هذا العام، رصدنا قرابة 4 آلاف حالة اعتقال في عموم القدس، من بينها أكثر من 500 حالة في العيسوية وحدها التي تحظى بنصيب الأسد، تليها سلوان، ثمّ البلدة القديمة، ومخيم شعفاط".

بدوره، دعا القيادي في حركة "فتح" حاتم عبد القادر، إلى نصرة أهالي العيسوية في مواجهتهم اليومية مع قوات الاحتلال، قائلاً في حديث مع "العربي الجديد": "في العيسوية يدافعون عن أنفسهم في مواجهة سياسات القمع والإذلال والتعدي على النساء والأطفال من دون مبرر، ويبدو أنّ الخطوات الاحتلالية الأخيرة تؤشر على ما هو أبعد من ذلك، أي أنّ الاحتلال عاقد العزم على عزل هذه البلدة عن امتدادها المقدسي، وإخراجها من الحدود البلدية التي اصطنعها للقدس في سياق الصراع الديمغرافي المستمر والمتصاعد، وإخفاق الاحتلال في حسمه لمصلحته إلى الآن".

المساهمون