الجولة الأخيرة من مشاورات الحكومة التونسية: الشاهد يختار وزراءه

الجولة الأخيرة من مشاورات الحكومة التونسية: الشاهد يختار وزراءه

15 اغسطس 2016
يواجه الشاهد ضغطاً حزبياً وسياسياً (فيسبوك)
+ الخط -
يواجه رئيس الوزراء التونسي المكلف، يوسف الشاهد، خلال الأسبوع الأخير من المشاورات الحكومية، ضغطاً حزبياً وسياسياً، بهدف التأثير عليه في اختيار الأسماء التي ستنال حقائب وزارية في طاقمه الحكومي.

وخُتم نهاية الأسبوع الماضي، لقاء الوفود الحزبية والشخصيات الوطنية التي قدمت مقترحاتها حول تمثيليتها، وسيراً ذاتية للمرشحين لمهام الوزارة، فيما قرر الشاهد أن يكون هذا الأسبوع مُخصصاً للردود والنقاش مع اقتراحاتها.

ولم يستبعد مقربون منه أن يحيل التشكيلة كاملة إلى الرئيس الباجي قائد السبسي خلال الأيام المقبلة، ليحيلها بدوره إلى البرلمان لعقد جلسة منح الثقة.

ويرى مراقبون أن الشاهد أجرى مشاورات ماراثونية، اختصر خلالها النقاشات، عبر تقسيم المشاورات إلى ثلاث مراحل، والتحاور حول كل واحدة على حدة، وهي منهجية أفادته في فرز الآراء حول الحكومة والمشاركة فيها، إذ انسحبت أحزاب المعارضة المنخرطة في مبادرة الوحدة الوطنية منذ أول يوم من المشاورات، ليلتحق بها حزب "مشروع تونس" فيما بعد.

ويعود الفضل، بحسب مراقبين، في اختصار الوقت وإنهاء المشاورات في فترة لم تتجاوز الثلاثة أسابيع، ليس فقط إلى الشاهد، بل إلى الأعمال التحضيرية التي سبقت تكليفه، لا سيما مشاورات قصر قرطاج، حول حكومة الوحدة الوطنية، التي قدمت له الطريق معبّدة وسهلة نحو توافقات حول الحكومة.

وآثر الشاهد، خلال الأسبوع الماضي، أن يلتقي أحزاب الائتلاف الحاكم في لقاءات رسمية، فيما التقى وزراء حاليين بالحكومة السابقة وشخصيات وطنية ومعارضة وإعلاميين، في لقاءات غير معلنة، خصص بعضها للتشاور حول الحكومة وآخر للاستماع إلى وجهات نظر مختلفة حول المرحلة المقبلة وسبل إدارتها لتطويق الأزمة.

أمّا أحزاب الائتلاف الحاكم فقد بدت على كامل الاستعداد لهذه المرحلة، بحيث قدم حزب "نداء تونس" ذي الغالبية النيابية الأولى، سابقاً، قائمة من الأسماء للشاهد، رافقها ضغط إعلامي من رئيس الكتلة النيابية الندائية وبعض القياديين، متهمين رئيس الحكومة المكلف بالضبابية في التعامل مع المسألة، مردها التزامه بعدم الرد الفوري على الأحزاب، وترك صلاحية انتقاء الأسماء المناسبة أو رفضها له، ما يعني أن القوائم الإسمية التي قدمت من طرف الأحزاب غير ملزمة.

من جهته، قال القيادي في حزب "نداء تونس"، حسن العمري، لـ"العربي الجديد"، إنّ "النداء يحترم المنهجية التي اعتمدها رئيس الحكومة المكلف، وقد اقترح عليه عدداً من الأسماء، إلى جانب تثبيت عدد من الوزراء الحاليين في الحكومة، على غرار ناجي جلول، وسعيد العايدي، وسليم شاكر، وسلمى اللومي، وأنيس غديرة".

وأضاف العمري: "كما اقترحنا على الشاهد الاختيار بين قائمة ثانية تحتوي كلاً من، عضو الهيئة السياسية، والنائبة وفاء مخلوف، والقياديين الناصر شويخ وعبد العزيز القطي، والطاهر بطيخ، والمشرف على التنسيق بين الجهات في النداء، بلقاسم الدخيل"، لافتاً إلى "أنه سيتم النقاش حول هذه الأسماء وأخرى قدمت بشكل فردي بعد أن يقرر الشاهد حولها".

وتنتظر حركة "النهضة" تحديد حصتها من الوزارات. وكانت قد أبلغت الشاهد، أنها لن ترضى بتمثيلية رمزية، كتلك التي قبلت بها في حكومة الحبيب الصيد، وإنما تطالب بحصة تتناسب وحجمها النيابي كأكبر كتلة نيابية حالياً.

وكانت مصادر من النهضة قد أكّدت لـ"العربي الجديد"، أن الوفد المفاوض قدم عدّة أسماء، من بينها "أحمد قعلول، لطفي زيتون، عماد الحمامي، السيدة الونيسي، وسمير ديلو مع تثبيت زياد العذاري في موقعه".

ولم تنف المصادر ذاتها، دعم الحركة بعض الأسماء للبقاء في وزارات السيادة حفاظاً على استقرارها، وهو ما لم يوافق عليه حزب "النداء" الذي يتطلع لنيل نصيب منها.

أمّا "الاتحاد الوطني الحر"، فقد هدّد نهاية الأسبوع الفائت، الشاهد، بالانسحاب من المشاورات وعدم الانضمام إليها، وفق ما أفادت به مصادر مقربة من رئيس الحكومة المكلف لـ"العربي الجديد".

وأعرب "الوطني الحر"، في وقتٍ سابق، عن رغبته في المحافظة على وزيري البيئة نجيب درويش، والتجارة محسن حسن، فيما لن يتم الإبقاء على وزير الشباب والرياضة ماهر بن ضياء، بسبب خصومة مع رئيس حزبه، ووزير أملاك الدولة حاتم العشي، الذي أعلن بنفسه أنه لا يجوز أخلاقياً أن يكون في حكومة الشاهد بعدما رفض تجديد الثقة له.

وسعى الوطني الحر لتدعيم وجوده في الحكومة بحضور نسائي عن طريق متحدثته الرسمية سميرة الشواشي، ورئيس الحزب سليم الرياحي في حقيبة مكافحة الفساد. وطالب الحزب أيضاً بأن يتم إسناد الحقائب الاجتماعية والاقتصادية له (والتي سبق وأن أعربت حركة النهضة عن رغبتها في توليها).

وتشير جميع المؤشرات إلى أن المقترح لم ينل رضا الشاهد، وأن ردة فعل "الوطني الحر" قد تصل حد الانسحاب من الائتلاف الحاكم، وهو ما سيتضح اليوم خلال الندوة الصحافية.

غير أن "آفاق تونس" بدا الأكثر تفهماً للوضع، فحجمه النيابي (8 نواب) لا يسمح له بالمطالبة بحقائب عديدة. ولفت الوزير في حكومة الصيد عن "آفاق تونس"، نعمان الفهري، لـ"العربي الجديد"، إلى أن "الحزب سيسعى لإقناع الشاهد بتثبيت وزراء آفاق الحاليين، باستثناء ياسين براهيم (نعمان الفهري وسميرة مرعي) واقترح أسماء أخرى".

غير أن مصادر لـ"العربي الجديد"، أكّدت أن "آفاق قدمت للشاهد سيراً ذاتية للمدير التنفيذي للحزب، فوزي عبد الرحمان، ووزير التجارة السابق في حكومة مهدي جمعة، رضا الأحول، الذي انضم حديثاً للحزب".

والتقى الشاهد، خلال الأسبوع الماضي، ممثلين عن منظمات وطنية؛ وعلى الرغم من تأكيد هذه الأخيرة أنّها لن تقدّم رأياً بشأن الأسماء، لكن تحتفظ لنفسها بحق الاعتراض على من تراه مناسباً، في إطار توسيع المشاورات، على أن الرد سينطلق غداً الثلاثاء.