المغرب: براغماتية "العدالة والتنمية" في التطبيع مع "الاشتراكي"

المغرب: براغماتية "العدالة والتنمية" في التطبيع مع "الاشتراكي"

06 ابريل 2017
قاوم بنكيران محاولات كسر الحزب (فضل سنّا/فرانس برس)
+ الخط -


مع قبول حزب "العدالة والتنمية" المغربي، والذي تصدّر نتائج الانتخابات البرلمانية في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، دخول حزب "الاتحاد الاشتراكي" إلى الحكومة، على الرغم من الرفض المسبق بشدة من قبل، يكون قد أبرز براغماتية سياسية جديدة، بالنسبة للبعض و"نكوصاً وتراجعاً للحزب" بالنسبة للبعض الآخر.

في هذا السياق، خرجت أصوات عديدة، حتى من داخل الحزب ذاته، على رأسهم القيادي البرلماني عبد العزيز أفتاتي، والذي طالما اشتكى رئيس الحكومة السابق عبد الإله بنكيران من تصريحاته "المزعجة"، رأت أن "ما حصل للعدالة والتنمية نكوص وتراجع عما سبق أن قرره، ما ينذر بتراجع سمعته وشعبيته لدى المغاربة". وأبدى هو ومعه بعض القيادات الشابة، والتي لجأت إلى مواقع التواصل الاجتماعي لإبداء أسفها من تراجع "العدالة والتنمية" عن موقفه السابق، من دخول "الاتحاد الاشتراكي"، خشيته من أن تؤدي "البراغماتية السياسية" للحزب الأول بالمملكة إلى الإخلال بوعوده في المحطات الانتخابية المقبلة.

وما سمّاه كثر "براغماتية سياسية" لحزب "العدالة والتنمية"، سوّغه عضو المجلس الوطني للحزب، بلال تليدي، بأنه "مجرد موقف سياسي ساير معطيات تفاوض رئيس الحكومة المكلف مع حزب الاتحاد الاشتراكي". وأضاف في حديث مع "العربي الجديد" بأن "حزب العدالة والتنمية لم يسبق له أن وضع خطاً أحمر على الاتحاد الاشتراكي، بدليل أن رئيس الحكومة المعين السابق عبد الإله بنكيران تفاوض مع هذا الحزب، ولم يكتفِ بإبداء رغبته في إشراكه بل دخل معه في تفاصيل تخص المناصب الوزارية التي يمكن أن يقترحها".

ونوّه إلى أن "السلوك التفاوضي لقيادة هذا الحزب، واصطفافه إلى جانب الأحزاب الثلاثة لممارسة الضغط على بنكيران لفرض واقع سياسي جديد يؤثر على صلاحياته الدستورية، جعل الأمانة العامة للعدالة والتنمية برمتها، تقرر اتخاذ قرار ضد مشاركته".

ولفت إلى أن "الجديد في الموقف هو أن الملك أعفى بنكيران، وفضّل أن يبقي رئاسة الحكومة لدى العدالة والتنمية، متحيزاً بذلك للتأويل الديمقراطي للدستور ومحترماً المنهجية الديمقراطية"، مردفاً بأنه "إزاء هذا الموقف، رجحت قيادة العدالة والتنمية أن تتفاعل معه بشكل إيجابي، واختارت الأمانة العامة أن تقرأ التطورات الجديدة قراءة أخرى".



وأشار إلى أن "عدم التفاعل الإيجابي مع بلاغ الديوان الملكي بخصوص إعفاء بنكيران وتكليف شخصية أخرى من الحزب بتشكيل الحكومة، أو التفاعل الإيجابي معه والإبقاء على نفس منهجية بنكيران في التفاوض ورفض دخول الاتحاد الاشتراكي ستنتج عنه بالضرورة أزمة أخرى في تشكيل الحكومة وخروج الحزب إلى المعارضة، وتقديم هدية ثمينة لحزب الأصالة والمعاصرة ليقود الحكومة".

وبيّن تليدي أن "الأمر مبني على تقدير للموقف وقراءة معينة لتجربة بنكيران في المفاوضات وموازين القوى السائدة، وتحولات الموقف الدولي، ورغبة بعض الأطراف للتخلص من تجربة حزب العدالة والتنمية في تدبير الحكومة". ورأى أن "بنكيران كان يحمل تقديراً سياسياً دقيقاً، يعتبر فيه أن إدخال الاتحاد الاشتراكي بالصيغة التي فُرضت عليه من قبل الفرقاء السياسيين الذين كان يتحاور معهم، يعني تنازله على صلاحياته الدستورية، وتحوله إلى رئيس حكومة ضعيف يدير تحالفاً حكومياً يمكن للرباعي الحزبي السيطرة عليه". ورأى أن "بنكيران كان يقدّر أن أي تنازل من قبله ستتلوه تنازلات أخرى مؤلمة. ويرجّح بأن المقصود ليس فقط إضعاف موقف الحزب في الحكومة، بل كسر شعبية الحزب وتحريف نتائج الانتخابات بالدينامية التفاوضية، وهو ما قاومه بنكيران بكل قوة".

وختم تليدي قائلاً إنه "بعد إعفاء بنكيران رجح لقيادة العدالة والتنمية أن الاستمرار في قيادة الحكومة ولو بتقديم بعض التنازلات، يعتبر أفضل بكثير من الخروج من الحكومة، وإعطاء فرصة لخصومهم من أجل شطب مسار الإصلاحات التي دشنتها الحكومة السابقة".


المساهمون