"أمير الظلام"... قائد عمليات "سي آي إيه" ضدّ إيران

"أمير الظلام"... قائد عمليات "سي آي إيه" ضدّ إيران

03 يونيو 2017
ملفّ إيران النووي على الأجندة (Getty)
+ الخط -
"أمير الظلام"، أو "آية الله مايك"؛ تلك ألقابٌ حصل عليها مايكل دي أندريا أثناء عمله في "سي آي إيه"، بوصفه الضابط الذي أشرف على مطاردة أسامة بن لادن، وعلى عمليات الطائرات الأميركية المسيّرة التي قتلت الآلاف من المدنيين والمسلّحين. لكن مايكل دي أندريا يملك وظيفة جديدة الآن؛ هو يدير عمليّات "سي آي إيه" الخاصة ضدّ إيران.

ذلك ما تنقله صحيفة "نيويورك تايمز" عن مسؤولين حاليّين وسابقين في الاستخبارات، وهو التعيين الذي يعدّ علامة رئيسيّة على أن إدارة دونالد ترامب تستعيد الخطّ المتشدد الذي اتّخذه الرئيس ضد إيران أثناء الحملة.

حامل أفكار ترامب

وتعتبر إيران أحد أصعب الأهداف بالنسبة لـ"سي آي إيه"، فوكالة الاستخبارات المركزيّة تملك قدرة محدودة للغاية على الوصول إلى البلاد؛ حيث لا سفارة أميركية توفّر الغطاء الدبلوماسي، كما أن أجهزة الاستخبارات الإيرانية قضت حوالى أربعة عقود وهي تحاول مكافحة تجسس الولايات المتحدة وعملياتها السرية.

ويرى معلّق "نيويورك تايمز" أن التحدّي المتمثّل في تنفيذ أفكار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب (بخصوص إيران) يقع الآن على عاتق دي أندريا، المدخّن الشره الذي تحوّل إلى الإسلام، كما تصفه الصحيفة، والذي يصل إلى منصبه مع صيت ذائع، وسجّل حافل يدعمه، لا سيما أنه، على الأرجح، المسؤول الأكبر عن إضعاف "القاعدة" داخل "سي آي إيه".

وبإمكان دي أندريا أن يدير برنامجًا عدوانيًّا للغاية ضدّ إيران، لكنه سيكون ذكيًّا للغاية أيضًا، كما يعقّب المحامي السابق في "سي آي إيه" روبرت إيتنغر، والذي شارك بشكل فعّال في برنامج الطائرات المسيّرة التابع للوكالة. ولدى سؤاله عمّا إذا كان تعيين دي أندريا يؤشّر إلى اتّخاذ خطّ أكثر عدوانيّة تجاه إيران، أجاب إيتنغر: "لا أعتقد أنها قراءة خاطئة".

وسبق أن وصف ترامب إيران بأنها "دولة الإرهاب الأولى"، وتعهّد خلال حملته بتفكيك أو مراجعة الاتفاق النووي بين إيران والدول الست.

سمعة عدوانية

يُشار أيضًا إلى أن مدير "سي آي إيه"، مايك بومبايو، يعتبر أحد أركان الإدارة الأميركية الذين يتبنّون مواقف حادّة إزاء إيران، ومن الذين عارضوا الاتفاق النووي المذكور علنًا قبل توليته المنصب من قبل ترامب، وقد سبق أن وصفته وسائل إعلام إيرانية بأنه الأخطر على إيران.

وترى الصحيفة أن بومبايو رأى في دي أندريا خفيره المؤتمن على إيران. هذا الأخير نشأ في ولاية فيرجينيا الشمالية، داخل عائلة تملك علاقات ممتدّة لجيلين مع "سي آي إيه"، والتقى زوجته المسلمة أثناء إحدى مهمّاته الاستخباراتيّة في الخارج، ليعتنق الإسلام طلبًا للزواج منها، على الرغم من أنه غير معروف بالتزامه الديني.


وداخل أروقة "سي آي إيه"، ارتبطت سمعة دي أندريا حول فطنته العمليّاتية بسلوكه الوقح. "الفظ"، أو "العابس"، اعتبر الوصف الأكثر شعبيّة له بين أقرانه، حتى إن بعضهم داخل الوكالة رفض العمل معه.

وثمّة لدى سمعة دي أندريا العدوانية، رغم إحاطتها بالكثير من السرية، ما يوثّقها على أية حال، ففي السنوات التي أعقبت هجمات 11 سبتمبر/أيلول، انخرط دي أندريا في برنامج الاعتقال والاستجواب، والذي أدى إلى تعذيب عدد من السجناء، حتّى أُدين في تقرير شامل لمجلس الشيوخ عام 2014 بأنه غير إنساني وغير فعّال. وتنوّه الصحيفة، في هذا السياق، إلى أن الموجز التنفيذي للتقرير هو فقط ما تمّ الإعلان عنه؛ في حين بدأت إدارة ترامب بإعادة النسخ للتقرير الكامل إلى الكونغرس، حيث لا تخضع لطلبات قانون حرية المعلومات، مما يزيد احتمال عدم الكشف عنها إطلاقًا.

دور في اغتيال عماد مغنية

وعلى أية حال، تولّى دي أندريا مركز مكافحة الإرهاب داخل "سي آي إيه" في أوائل عام 2006، وأمضى الأعوام التسعة اللاحقة يدير عمليّات مطاردة المسلّحين في مختلف أرجاء العالم.


وبحسب "نيويورك تايمز"، فإن العاملين تحت إشرافه لعبوا دورًا محوريًّا في اغتيال القيادي العسكري الأبرز داخل "حزب الله" عماد مغنيّة عام 2008، بالتعاون مع إسرائيل.

وفي تلك الأثناء، كان دي أندريا يعمل أيضًا على تكثيف برنامج الطائرات من دون طيار داخل باكستان، حين أصبحت تلك الطائرات المسيّرة عن بُعد السلاح المفضّل في "مكافحة الإرهاب" أثناء ولاية الرئيس السابق، باراك أوباما، الذي وافق شخصيًّا على الضربات التي استهدفت قادة متشدّدين. ومنذ تولّيه منصب رئيس مكافحة الإرهاب، تضاعف عدد هجمات الطائرات المسيّرة في باكستان من ثلاث هجمات عام 2008، إلى 117 عام 2010.

ولكن أثناء خدمته كانت ثمّة انتكاسات أيضًا، كما تستدرك الصحيفة، مشيرةً تحديدًا إلى أن دي أندريا كان في القيادة حينما فجّر أحد عملاء "سي آي إيه"، والذي كان يعمل سرًّا لمصلحة "القاعدة"، حزامه الناسف داخل القاعدة الأميركية في أفغانستان، مما أسفر عن مقتل سبعة أشخاص من عناصر الوكالة، وكان ذلك الهجوم الوحيد على "سي آي إيه" خلال أكثر من ربع قرن.

يقول مسؤول سابق في الوكالة للصحيفة، إنّه ذات مرة سأل دي أندريا، الذي يحتفظ بسرير مخبّأ في مكتبه، عمّا يفعله للمتعة؟ فأجاب: "العمل".