تونس: تسارع المشاورات حول "مدونة السلوك السياسي" بين الأحزاب

تونس: تسارع المشاورات حول "مدونة السلوك السياسي" بين الأحزاب

19 يوليو 2019
محاولات لاعتماد المدونة قبيل الانتخابات (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -
يتسارع إيقاع الاجتماعات والمشاورات بين الأحزاب السياسية في تونس، من أجل الاتفاق على "مدونة السلوك السياسي" التي دعا إليها رئيس الحكومة يوسف الشاهد، والتي من شأنها أن تشكّل ميثاقاً بين مختلف الفاعلين في الحياة السياسية، قبيل الانتخابات التشريعية والرئاسية التي ستشهدها البلاد.

ومن المنتظر أن يتم الانتهاء، في غضون الأيّام القليلة المقبلة، من الصياغة التشاركية لهذه المدونة، من أجل "ترسيخ قيم الاعتدال والحوار والتنافس النزيه" بين مختلف الفاعلين السّياسيين في الفترات الانتخابيّة أو بعدها.

وشدد ممثلو الأحزاب، خلال جلسة تشاورية لمشروع "مدونة السلوك السياسي"، أمس الخميس، على ضرورة أن "يتم التفريق بين ما هو شخصي وما هو حزبي"، وأن تكون المدونة "غير مرتبطة بجهة معينة، وألا تصاغ لفترة زمنية بذاتها، وتكون لها قيمة حضارية جامعة وصيغة مدنية واضحة".

وقال المحلّل السياسي الجمعي القاسمي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، اليوم الجمعة، إنّ "هذه المدونة مطلوبة رغم أنّ الحديث حولها تأخر كثيراً، إذ كان يفترض أن توضع منذ عام 2011، عندما تنكرت الأحزاب السياسية للالتزامات الأخلاقية التي تعهدت بها حينها، حيث تطور الوضع إلى تبادل الاتهامات بين الأحزاب، ووصلنا إلى المشهد السياسي الحالي الذي بات يستدعي مدونة سلوك سياسي تحدد أخلاقيات العمل السياسي، لا سيما وأنّ تونس مقبلة على انتخابات".

وتترقّب تونس إجراء الانتخابات التشريعية في 6 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، والرئاسية في 10 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.

وأوضح القاسمي أنّ "التركيز بين الفاعلين السياسيين يجب أن يكون على ثوابت العمل السياسي، لا على تبادل الاتهامات وسياسة القذف والشتم، وعلى البرامج التي تبقى متباينة، وهو ما يثري المشهد السياسي بعيداً عن المناخ المشحون الذي لن يقدم أو يضيف شيئاً للمشهد السياسي"، معتبراً أنّه "لا بد من تعميق الحوار حول بنود هذه المدونة، والأهم الحفاظ على تطبيق ما يرد فيها، وخاصة احترام الضوابط الأخلاقية".

وأضاف أنّه "قد يصعب تطبيق بنود مدونة السلوك بالنسبة لجميع الأحزاب، لأنّ طبيعة المنظومة الحزبية والسياسية التي برزت منذ 2011 بيّنت أنّ بعضها غير قادرة على احترام تعهداته والتزاماته"، مؤكداً أنّ "تونس في أمسّ الحاجة إلى مدونة للسلوك السياسي من شأنها أن تنظم المشهد السياسي والبلاد على أبواب انتخابات، كما أنّ الوضع بات أمام منعطف جدي يفرض على الجميع وضع مدونة علها ترسم بعض العلامات التي قد ترشد سلوك الفاعلين السياسيين".

وأوضح المحلل السياسي ذاته أنّ "الدعوة إلى التفريق بين الشخصي والحزبي سببه أنّ الأحزاب تركّز على الأشخاص، خاصة في الاستحقاق الرئاسي، وقد لوحظ خلال التنافس السياسي القذف السياسي واختلاق قصص واهية حول المترشحين، وتبادل اتهامات، إذ لا بد من الترفع والنأي عن هذه الممارسات، والتركيز على التنافس على الأفكار والبرامج". 

والأحزاب التي شاركت في الجلسة التشاورية لمشروع "مدونة السلوك السياسي"، أمس الخميس، هي؛ "آفاق تونس" و"التيار الديمقراطي" وحركة "نداء تونس" وحركة "تحيا تونس" و"المسار الديمقراطي الاجتماعي" و"مشروع تونس" و"حزب الطليعة" و"رابطة اليسار الديمقراطي" و"بني وطني" و"الوطنيين الديمقراطيين الموحد" (وطد) و"أمل تونس".


وأكد وزير العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان العميد محمد الفاضل محفوظ، أنّ مدونة قواعد السلوك السياسي "لن تقوم مقام القوانين بالنسبة إلى من يعتدي على حرمة الأشخاص"، مضيفاً، في اجتماع مع الأحزاب، مساء الخميس، أنّ "مدونة السلوك ستكون بمثابة الميثاق الأخلاقي، والذي يجب أن يكون قدر الإمكان ملزماً لجميع الأطراف المهتمة بالشأن السياسي".

وأضاف محفوظ أنّ "الهدف من مدونة قواعد السلوك السياسي ترسيخ ثقافة سياسية تحترم الجانب الأخلاقي، لا سيما بعد أن تعالت الكثير من الأصوات من أجل تنقية الأجواء السياسية بسبب ارتفاع منسوب العنف اللفظي، وأحياناً العنف المادي".

يُذكر أنّ وزارة العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان، كانت قد نظمت اجتماعات سابقة مع عدد من ممثلي المنظمات والجمعيات، في إطار سلسلة اللقاءات حول التوجهات والمحاور الكبرى لمشروع مدونة قواعد السلوك السياسي؛ من بينها "الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري"، و"الهيئة الوطنية للمحامين"، و"الجمعية الوطنية لغرف عدول الإشهاد"، و"الهيئة الوطنية للعدول المنفذين"، و"الاتحاد الوطني للمرأة التونسية"، و"الاتحاد التونسي للمهن الحرة"، و"مركز الكواكبي للتحولات الديمقراطية"، و"ودادية خريجي المرحلة العليا للمدرسة الوطنية للإدارة".