ارتفاع عدد الناشطين المختطفين ببغداد والجنوب: ترهيب "مليشيات مجهولة"

ارتفاع عدد الناشطين المختطفين في بغداد وجنوب العراق: ترهيب "مليشيات مجهولة"

21 أكتوبر 2019
لا توجد إحصائية دقيقة للنشطاء المختطفين (أزهر شلال/فرانس برس)
+ الخط -
منذ فجر السادس من أكتوبر الحالي وإلى غاية اليوم الاثنين، سجلت أكثر من 30 عملية اختطاف استهدفت ناشطين ومدونين عراقيين في بغداد والجنوب، ما زال 7 منهم مصيرهم مجهولا حتى الآن، فيما لاذ الُمفرج عنهم بالصمت من دون أن يكشفوا عن الجهة التي اختطفتهم أو كيفية إطلاق سراحهم. 

ويشترك ضحايا الاختطاف من الناشطين في العراق بأنهم من الداعمين أو المؤيدين للتظاهرات، التي توشك على الانطلاق مجددا في بغداد ومدن وسط وجنوب العراق بعد أيام قليلة، حيث حدد الجمعة المقبل موعدا لاستئنافها.

في المقابل، ما زالت عمليات التهديد والترهيب على أشدها في العراق، والتي اضطرت العشرات من الصحافيين والناشطين إلى التزام الصمت أو مغادرة مدنهم وتغير أماكن سكنهم. 

وتؤكد المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق تلقيها الكثير من الشكاوى والمعلومات في بغداد ومحافظات أخرى، تؤكد وجود عمليات تغييب لعدد من الناشطين، من دون معرفة مصيرهم حتى الآن.

وتتهم جهات سياسية عراقية مليشيات مسلحة بالقيام بعمليات خطف وملاحقة عدد من الصحافيين والناشطين والمدونين، تهدف إلى الحفاظ على ما حصلت عليه من مناصب ومكاسب في الحكومة العراقية الحالية، برئاسة عادل عبد المهدي.

مسؤول أمني عراقي قال لـ"العربي الجديد" إن "سبعة ناشطين عراقيين تم التأكد أنهم ليسوا لدى أي جهاز أمني"، مضيفا أنه "على الأرجح ما زالوا لدى الجهات التي تختطفهم، مثل ناشطين آخرين اختطفوا وأطلق سراحهم". 

واعتبر المصدر الأمني أن "السبب وراء اختطافهم واحد، وهو التظاهرات، والهدف من الخطف ترهيبهم وثنيهم عن الدعوة للتظاهرات أو دعمها، كونهم يملكون آلاف المتابعين على مواقع التواصل، ولهم تأثير في محيطهم الاجتماعي أيضا في بغداد وجنوب البلاد"، مرجحا أن "العدد غير دقيق، حيث يعتقد أن هناك آخرين، لكن ذويهم اختاروا عدم الإعلان عن ذلك أو إبلاغ الأمن حماية لأبنائهم، ولعدم استفزاز الخاطفين خوفاً من تصفيتهم، وأملا بإطلاق سراحهم مثل الآخرين بعد وقت قصير".

وأكد أن بلاغات تلقي التهديدات، التي وصلت إلى السلطات الأمنية، بلغت أعلاها في بغداد وذي قار والبصرة وبابل، وأغلبها من هواتف مجهولة على شكل رسائل نصية تصل إلى الناشطين، أجبرت كثيرا منهم على تغيير مكان سكنهم.

وأكد عضو المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق فاضل الغراوي، تلقي المفوضية بلاغات وشكاوى بشأن اعتقال الكثير من الناشطين والمدونين، بالإضافة إلى خطف مجموعة من الأشخاص في العاصمة بغداد وباقي المحافظات.

وقال الغراوي، لـ"العربي الجديد": "تلقينا الكثير من البلاغات والشكاوى، بشأن اعتقال الكثير من الناشطين والمدونين، بالإضافة إلى خطف مجموعة من الأشخاص في العاصمة بغداد وباقي المحافظات، وهؤلاء الأشخاص حتى الساعة لا يعرف مصيرهم، ونحن نجري التحقيقات بشأن تغييبهم، إذ تمت مفاتحة الجهات الأمنية والحكومية لمعرفة مصيرهم".

وبين أنه "حتى الساعة لم نتوصل لأي رد من الجهات الأمنية والحكومية عن مصير هؤلاء، حتى نبلغ ذويهم بما حصلنا عليه من معلومات عن مكان تواجدهم أو مصيرهم".

وأكد الغراوي أنه "تم الإفراج عن جميع المعتقلين لدى الجهات الأمنية، وما تبقى منهم هم فقط 11 شخصا معتقلين وفق أوامر قضائية، وعليهم دعاوى".

وأضاف عضو المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق أنه "لا يوجد عدد دقيق للمغيبين من المختطفين لغاية الساعة، فهناك الكثير من الشكاوى والمعلومات تصلنا بشأن ذلك، ونحن لا نعرف صحتها، ولهذا نحن الآن نتحرى وندقق في المعلومات التي تصل إلينا، وفي حال التحقق سنعلن عن النتائج". 

وقال علي السنيد، القيادي في ائتلاف النصر، بزعامة رئيس الوزراء العراقي السابق حيدر العبادي، إن "هناك مليشيات مسلحة تريد بناء جمهورية الخوف والرعب في العراق، من خلال تكميم الأفواه والقيام بعمليات خطف وقتل، والضغط على الحريات الصحافية والرأي، ملاحقة الصحافيين والناشطين والمؤثرين في الاحتجاجات الشعبية".

وأضاف السنيد، في حديثه مع "العربي الجديد"، أن "هذه المليشيات هي نفسها التي قنصت المتظاهرين وقتلتهم، وهي من قامت بعمليات الخطف وتغييب عدد من الناشطين، وهي حتى الساعة تقوم بمطارة عدد من الصحافيين والناشطين"، مؤكداً أن "هذه المليشيات المسلحة تريد بناء جمهورية خوف ورعب، من أجل بقاء حكومة عادل عبد المهدي، حتى تحصل على مكاسبها التي خططت لها، خصوصاً أن بعض تلك المليشيات لديها أجنحة سياسية هي التي أنتجت الحكومة الحالية، فهي تريد البقاء في السلطة، خصوصاً أن الحكومة الآن فقدت شرعيتها بقتل المتظاهرين". 

أما القيادي في جبهة الإنقاذ العراقية أثيل النجيفي فاعتبر، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن عمليات الخطف والترهيب "ليست من مصلحة الحكومة العراقية"، مؤكدا أن "جميع العقلاء يعرفون أنه لا يمكن الاستمرار في الحياة السياسية إلا في ظل قبول شعبي، فمتى ما وجد الرفض الشعبي، لا يمكن أن تستمر الحياة السياسية".


وبين النجيفي أن
"هناك مليشيات تعمل على نشر الفوضى، فهي تعرف أنه ليس لها بقاء إذا كان هناك استقرار في العراق، وهذه المليشيات كوّنت كتلا سياسية ونجحت في الوصول إلى السلطة، وحصلت على مناصب عدة، فهي ترفض حالياً التنازل عنها، ولهذا السبب هم مستعدون للدفع بالعراق نحو الهاوية، لأن ما يهمهم هو بقاؤهم في المناصب التي حصلوا عليها".

وأضاف القيادي في جبهة الإنقاذ العراقية أن "هذه المليشيات كوّنت كتلا سياسية خلال الانتخابات الأخيرة، التي كثر فيها التزوير، ولا بد من تغيير هذا الحال من خلال حل مجلس النواب العراقي والدعوة إلى انتخابات مبكرة، حتى لا يذهب العراق إلى الفوضى". 

وكانت منظمة "العفو" الدولية قد أصدرت بيانا، في وقت سابق من هذا الأسبوع، أوضحت فيه أنه يجب على السلطات العراقية أن تضع حداً للحملة المتواصلة من الترهيب والاعتداء على النشطاء في بغداد، وأن تكشف عن أماكن وجود آخرين، ومن بينهم طبيب ومحام اختفيا قسراً قبل ما يزيد عن 10 أيام.

وقالت لين معلوف، مديرة البحوث في الشرق الأوسط في منظمة "العفو" الدولية: "كل من يعبر عن المعارضة في العراق اليومن يواجه استجوابًا تحت تهديد السلاح، والتهديد بالقتل والاختفاء القسري. وقد وعدت السلطات العراقية بفتح تحقيق في مقتل المحتجين. لقد مر أكثر من أسبوع الآن على هدوء الاحتجاجات، ولم يجر مثل هذا التحقيق، بل ما نراه هو استمرار للنهج نفسه نهج القمع بتكلفة مروعة للشعب العراقي".

وأكدت أنه يجب على السلطات العراقية "تبديد مناخ الخوف الذي خلقته عمداً لمنع العراقيين من ممارسة حقوقهم في حرية التعبير وحرية التجمع"، مطالبة بالكشف عن مكان وجود عدد من الناشطين المختطفين، أبرزهم علي الحطاب، والطبيب والناشط في بغداد ميثم محمد رحيم الحلو، اللذان تعرضا للاختفاء القسري منذ الأسبوع الماضي.