اغتيال الناشطين في العراق يتواصل ولا إجراءات حكومية

اغتيال الناشطين في العراق يتواصل وسط غياب أي تدابير حكومية

12 ديسمبر 2019
المظاهرات تتواصل رغم القمع (أحمد الربيعي/ فرانس برس)
+ الخط -
للأسبوع الثاني على التوالي، تتواصل عمليات اغتيال تستهدف الناشطين العراقيين في التظاهرات ببغداد، وجنوبي البلاد بمدن كربلاء والبصرة وميسان، دون أن تقدم الحكومة حتى الآن أي تفسيرات حول تلك الجرائم أو تكشف عما توصلت إليه لجان تحقق في تلك الجرائم.

المتظاهرون وذوو الضحايا أنفسهم يتهمون مليشيات وجماعات مسلحة مرتبطة بإيران بالوقوف وراء تلك العمليات لإسكات صوت الشارع، عبر استهداف الناشطين البارزين كوسيلة ترهيب الشخصيات التي تبرز بالحراك الشعبي الذي يدخل شهره الثالث.


وشهدت بغداد مساء أمس الأربعاء، اغتيال ناشط جديد وهو علاء ناشي الجيزاني بعد ساعات قليلة من اغتيال الناشط البارز علي اللامي، وهو مدون وكاتب وشاعر عراقي نشط في التظاهرات، حيث اختطف بعد مغادرته ساحة التحرير وسط بغداد، ووجدت جثته في حي الشعب وقد أعدم رمياً بالرصاص.

وجاء ذلك بعد يوم واحد من اغتيال فاهم الطائي الناشط في تظاهرات كربلاء، والأخير كان إعدامه مدوياً على صعيد المجتمع العراقي، فقد سجلت كاميرا مراقبة العملية كاملة وكيف واجه الرصاص من شخصين كانا يركبان دراجة نارية.

قبل ذلك، شهدت بغداد اغتيال الناشطة العراقية زهراء علي سلمان، بعد أن اختفت لساعات ثم وُجدت ميتة، مع العلم أنها كانت تساند المتظاهرين بالأكل والشرب والإسعافات ولم تشارك كمحتجة مع المنتفضين. وسبق زهراء، الناشط عدنان رستم، ليلقيا مصير الناشط من مدينة ميسان الجنوبية أمجد الدهامات، الذي كان أول من تعرض للتصفية خلال الشهرين الماضيين بطريقة المراقبة والملاحقة ثم القتل.

وأكد عضو مجلس النواب العراقي، أحمد الجبوري، أن "الاغتيالات مستمرة في بغداد والمحافظات الجنوبية، ولكن ما تصل إلينا وإلى الإعلام ما هي إلا أسماء قليلة، فهناك العشرات من الضحايا لا يتعرف إليهم العراقيون بسبب زخم الأخبار، ولأن بعضهم غير معروف على مستوى الحراك الاحتجاجي"، مبيناً لـ"العربي الجديد"، أن "الحكومة العراقية لا تزال تتحمل مسؤولية إراقة المزيد من الدماء بسبب صمتها على القتلة الجوالين في الشوارع العراقية... وكأن العراق تحوّل إلى غابة".

ناشط نجا أخيرا من محاولة اغتيال جنوبي العراق قال لـ"العربي الجديد"، إنه يتهم كتائب "حزب الله" العراقية باغتياله، مضيفا: "بالنسبة لي أمتلك عشيرة قوية ستتولى متابعة من حاول قتلي قبل أيام، لكن لناشطي بغداد هل ستكون الحكومة أو وزارة الداخلية قادرة على تتبع الذين يغتالون الناس بدم بارد"، متهما ضباطا بوزارة الداخلية بالخوف من المليشيات وإغلاق التحقيقات دون إنهائها.


من جانبه، أكد مسؤول أمني برتبة عقيد بالجيش العراقي لـ"العربي الجديد"، أن "كل عمليات الاغتيال التي تنفذها مجاميع مسلحة، هي معلومة أو شبه معلومة لدى الحكومة العراقية، لكنها لا تريد الدخول بمواجهة مع مجاميع وجهات ترتبط بشكل مباشر مع إيران ويمكن أن تحرجها"، مشيراً إلى أن رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي "أذعن للجماعات المسلحة التي لا شك أنها تتحرك بتوجيهات إيرانية في ما يتعلق بمواجهة التظاهرات".

وتابع العقيد، أن مليشيات "كتائب حزب الله وكتائب سيد الشهداء والعصائب وبدر وسرايا الخراساني، تتقاسم جرائم الاغتيال في صفوف المتظاهرين وتستهدف الأبرز فيهم بالشارع أو الأكثر تأثيرا على مواقع التواصل الاجتماعي وله متابعون كثر"، وفقا لتعبيره.
واعتبر أن موجة الاغتيالات قد تكون "الفقرة ما قبل الأخيرة، لأن الأخيرة تعني قمع المتظاهرين علانية في ساحة التحرير بقوات كبيرة".

مع ذلك، لا ينتهي مسلسل الاختطاف الذي يتعرض له ناشطون ومحتجون عاديون من ساحات الاحتجاج، في وقتٍ تزداد اتهامات المتظاهرين لجهاز الأمن الوطني الذي يديره فالح الفياض وهو رئيس "الحشد الشعبي" أيضاً، بأنه يأمر بملاحقة المحتجين للتأكد من عدم انتمائهم لحزب "البعث" المنحل وأنهم لا يتلقون أموالاً أميركية أو من دول الخليج.


إضافة إلى ذلك، هناك من تم اختطافه من أسابيع ولم يُفرج عنه لغاية الآن، وهو ما يُرجح احتمالية قتل العشرات من المغيبين في ظروف غامضة.

من جانبه، أشار عضو "التحالف المدني" في بغداد وليد النجار، إلى أن "العراقيين يعرفون من يقف وراء اغتيال المتظاهرين لكن الجميع يخشى الحديث عنهم. الجهات القاتلة هي المستفيدة من الحكومة الحالية، والتي تسعى بكل قوتها لبقاء النظام الحالي، وأكثر المستفيدين هم قادة الفصائل المسلحة التي تنتمي للحشد الشعبي، وبالتالي فهم المتهمون الأوائل بكل المجازر التي تقع في بغداد ومدن الجنوب"، موضحاً لـ"العربي الجديد"، أن "عبد المهدي يتحمل مسؤولية كل ما يجري، وبعض المتظاهرين أصحاب الشهادات القانونية يسعون حالياً لرفض مذكرة قضائية لمحاكم دولية تدينه".

إلى ذلك، رأى المراقب للشأن المحلي في العراق علي الحياني، أن "الحكومة العراقية تعرف الجرائم التي تقوم بها المليشيات المسلحة من عمليات قتل واختطاف، لكنها تتكتم، نظراً لقوة ونفوذ هذه المليشيات؛ وبدورها تقوم العصابات المجرمة التي تقتل المتظاهرين بإعلان البراءة من كل العمليات عبر جيوشها الإلكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي".


وتابع قائلا لـ"العربي الجديد"، إن "المليشيات المسلحة تسعى بمختلف الخطط لإيقاف زخم التظاهرات، فقد بدأت بنشر القناصة ومن ثم اللجوء إلى الرصاص الحي وإلى الطعن بالسكاكين ومن ثم محاولة ركوب موجة الاحتجاج، وأخيراً عبر ترهيب المتظاهرين من خلال خطفهم، وكل ذلك يتم بعلم الأحزاب الكبيرة المشاركة في الحكومة".