اقتتال "الهيئة" و"الجبهة" يشعل الشمال السوري

اقتتال "الهيئة" و"الجبهة" يشعل الشمال السوري

23 فبراير 2018
تمّ اتهام الهيئة بتسهيل تقدم النظام (عبيد فاضل/الأناضول)
+ الخط -
استعر القتال بين "هيئة تحرير الشام" من جهة، و"جبهة تحرير سورية" التابعة للمعارضة السورية، وفصائل أخرى مساندة من جهة أخرى، في شمال غربي سورية، مع محاولة المعارضة السورية استعادة السيطرة على محافظة إدلب وريف حلب الغربي، وإنهاء وجود الهيئة المرفوضة من الشارع السوري المعارض.

وأوضحت مصادر محلية، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "الاحتراب الداخلي بين هيئة تحرير الشام التي تشكل جبهة النصرة نواتها الصلبة، وبين جبهة تحرير سورية التي أُعلنت أخيراً وتضم فصيلي أحرار الشام، ونور الدين الزنكي، وهما من أهم فصائل المعارضة السورية، لا يزال مستعراً في ريف إدلب". وأشارت المصادر إلى أن "الجبهة تتلقى مؤازرة من الفرقة 13، وفصيل صقور الشام". وبيّنت المصادر أن "الاقتتال دار بالأسلحة المتوسطة والثقيلة في قريتي كفر روما وحاس، وكرسعة في محيط مدينة كفر نبّل ذات الأهمية الاستراتيجية". وأوضحت المصادر أن "الكفة تميل لصالح جبهة تحرير سورية والفصائل المساندة لها".

من جانبه، أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس الخميس، إلى أن "هدوءاً حذراً يسود القطاع الغربي من ريف حلب، ومحاور الاقتتال في محافظة إدلب، بعد اقتتال عنيف بين هيئة تحرير الشام من طرف، وجبهة تحرير سورية من طرف آخر، في ظل معطيات على أن هذا الاقتتال الداخلي لن ينتهي قبل تغيير خارطة السيطرة في شمال غربي سورية".



وأشار المرصد إلى أن "الاقتتال تواصل على محاور في الريف الغربي لحلب"، مؤكداً "سيطرة هيئة تحرير الشام على بلدتي باتبو، وكفرناصح". ولفت إلى أن "الهيئة تحشد في محيط دارة عزة وخان العسل وتديل، فهي تحضّر لمعارك أشرس مع جبهة تحرير سورية، خصوصاً مع فصيل نور الدين الزنكي، الذي كان جزءاً من الهيئة قبل أن يفك ارتباطه بها على خلفية (بغي الهيئة) على فصائل المعارضة السورية". وكان الاقتتال قد اندلع منذ أيام مع الإعلان عن تشكيل "جبهة تحرير سورية" في محاولة من "هيئة تحرير الشام" لقطع الطريق أمام هذا التشكيل. واتهم الشارع المعارض الهيئة بـ"التراخي" أمام قوات النظام ومليشيات إيرانية في ريف إدلب الجنوبي، ما أدى إلى سيطرة الأخيرة على مطار أبو الظهور ومناطق أخرى.

وقد سيطرت "جبهة تحرير سورية" والفصائل المساندة لها على العديد من المدن والبلدات والقرى والنقاط الهامة، أبرزها مدينة معرة النعمان في ريف إدلب الشرقي، وريفها، وأغلب بلدات وقرى جبل الزاوية، ومعسكري وادي الضيف والحامدية، ومدينة أريحا وسجن عابدين. وانحصر وجود "هيئة تحرير الشام" في المناطق القريبة من الحدود السورية التركية، وأبرزها: سرمدا، وخربة الجوز، وعقيربات، وأطمة، وجسر الشغور. والاقتتال هو الأول من نوعه، إذ تقاتل الطرفان منتصف العام الماضي، مع انتزاع "هيئة تحرير الشام" مناطق واسعة من "حركة أحرار الشام"، أبرزها معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا.

وأبدى المحلل العسكري العقيد مصطفى بكور، اعتقاده بأن "الاقتتال بين الهيئة والجبهة له أسباب عديدة"، مضيفاً في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "منها داخلي يتلخص في محاولة كل فريق أن يفرض واقعاً جديداً على الأرض يكون هو الأقوى فيه من خلال إضعاف الفريق الآخر، ومن ثم يصبح وجوده أمراً واقعاً ويتم التعامل معه على أنه الفريق المسيطر، ومن ثم يجب التعامل معه كبديل واقعي للنظام وباقي الفصائل".

وأشار بكور إلى أن "المصالح الاقتصادية ومحاولة كل فصيل إيجاد مصادر تمويل بديلة من خلال المعابر مع مناطق سيطرة النظام، والجانب التركي، هي في صلب الخلاف الذي أدى إلى الاقتتال". ورأى أن "هناك أسباباً خارجية للاقتتال بين هيئة تحرير الشام وجبهة تحرير سورية وفصائل أخرى"، معتبراً أن "الاتفاقات التركية الروسية حول توزع السيطرة على العديد من المناطق وتجاوب هيئة تحرير الشام مع المطالب التركية في أكثر من مكان، جعل موقف الهيئة ضعيفاً لدى الحاضنة الشعبية، خصوصاً أن جبهة النصرة التي تشكل عماد الهيئة قد قضت على العديد من الفصائل بسبب تعاونهم مع الأتراك والأميركيين. وهي حالياً تنفّذ اتفاقات الأتراك مع الروس". وأضاف أن "ارتباط فصائل جبهة تحرير سورية بالجانب التركي، ربما جعلها تفكر في أنها يجب أن تكون البديل عن الهيئة، وبالتالي تحاول تحجيم دور الهيئة في الساحة السورية، مستغلة نقمة الشارع السوري في المناطق المحررة على الهيئة بعد أحداث شرق سكة القطار". وبرأي بكور، فإنه "لن يكون من مآلات الاقتتال إنهاء أي من الفريقين حالياً"، لافتاً إلى أن القتال "ربما سيجعل مناطق سيطرة جبهة تحرير سورية تتوسع على حساب هيئة تحرير الشام في الشمال، وستعود فصائل الجيش الحر إلى تصدر الواجهة الثورية بعد تراجع شعبية الهيئة". كما لفت إلى أن "الموقف في الشمال السوري لن يتأثر بما سيحصل في الغوطة كثيراً، لأن الموقف في الشمال يخضع، وبشكل كبير، للاتفاقيات التركية الروسية، وهذا لا يعني تخلي النظام والروس عن محاولات استعادة ما أمكن من الأراضي، لكن ذلك لن يكون خلال الأشهر المقبلة"، على حد قوله.