اجتماعات عمّان... واشنطن تضغط لإلغاء "أحكام المالكي الإقصائية"

اجتماعات عمّان... واشنطن تضغط لإلغاء "أحكام المالكي الإقصائية"

06 فبراير 2016
المالكي أقصى معارضيه عبر أحكام قضائية (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -
تسعى حكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي، للتوصل الى تسوية سياسية مع قيادات سياسية عراقية تم اقصاؤها خلال حقبة حكومتي رئيس الوزراء السابق نوري المالكي من خلال أحكام قضائية. وبحسب ما كشف وزير عراقي لـ"العربي الجديد"، فإن هذه المساعي تجري بضغوط من واشنطن ودول أخرى على العبادي، من أجل تصحيح بوصلة العملية السياسية وتطمين الشركاء الى أن نهج الإقصاء قد انتهى، تمهيداً للمصالحة الوطنية.

اقرأ أيضاً: القضاء العراقي أمام سيناريوهات محاكمة المسؤولين عن سقوط الموصل 

واعتُبرت تلك الأحكام في حينها سياسية ومضللة، هدفها الإطاحة بمعارضي سياسة المالكي. وحملت اتهامات بالإرهاب والانتماء لتنظيم "القاعدة". وأُقصي عبرها قيادات سنية بارزة تتمتع بثقل شعبي، مقابل تقريب آخرين لا يحظون بأي احترام لمجرد أنهم صامتون عن تجاوزات سياسة المالكي، أو مؤيدون لها.

ومن أبرز الشخصيات التي أُقصيت بواسطة تلك الأحكام نائب رئيس الجمهورية السابق طارق الهاشمي، ووزير المالية السابق رافع العيساوي، والنائبان المعتقلان حالياً أحمد العلواني ومحمد الدايني، وآخرون تمكنوا من الإفلات من الاعتقال ويقيمون بدول الجوار مثل تركيا والأردن.

وكشف مسؤول عراقي بارز لـ"العربي الجديد" عن وجود حراك سياسي، برعاية أميركية، للملف المرتبط بمشروع المصالحة الوطنية الذي تصرّ واشنطن على تنفيذه بالعراق خلال العام الجاري 2016 بأقرب وقت ممكن.

ووفقاً للمسؤول العراقي، وهو وزير في حكومة العبادي، فإن اجتماعات عقدت في العاصمة الأردنية عمان برعاية الاستخبارات الأردنية مع قيادات معارضة لهذا الغرض". وبين أن "الاتفاق أن تكون هناك عملية نقض لأحكام صدرت بحقهم أثناء حكم نوري المالكي كونها تحتوي على ثغرات كبيرة ولا تتفق مع الدستور". 

وأضاف أن العبادي يتفق مع الطرح الأميركي، ومع بقية الأطراف السنية والكردية، بأن القضاء أثناء حكم المالكي كان مختطفاً، وأن الجزء الأكبر من التهم الموجهة للقادة السياسيين المبعدين جاء نتيجة لخلافات سياسية مع المالكي". وبين أن وسطاء التقوا مع أطراف المعارضة وعدد من السياسيين المبعدين، وتم عقد اجتماعات خلال الأيام الماضية، إلا أنها لم تفض الى شيء بسبب إصرار "ضحايا قضاء المالكي" على فتح جميع الملفات الأخرى وليس ملفاتهم فقط"، في إشارة الى ملف المعتقلين أثناء حكم المالكي والبالغ عددهم 232 ألف شخص لا يزالون بأغلبيتهم يقبعون بالسجون.

لكن سرعان ما تسربت تلك الاجتماعات والتطورات الى أوساط سياسية بالمنطقة الخضراء، من بينها حزب "الدعوة" بزعامة نوري المالكي، والذي اعتبرها "ضغوطاً على الحكومة لإسقاط التهم عن المجرمين". وقالت عضو "كتلة دولة القانون" بزعامة المالكي عالية نصيف في مؤتمر صحافي قبل يومين، إن الرضوخ لهذه الضغوط والقبول بالمساومات، التي تحاول أن تفرضها تلك الجهات يمثل استهانة بدماء الشعب العراقي، داعية الحكومة ومجلس القضاء الأعلى لجعل العدالة تأخذ مجراها احتراماً لإرادة الشعب العراقي، على حدّ تعبيرها.

ودعت الى "عدم الرضوخ لأية ضغوط ومساومات تقوم بها جهات سياسية لإسقاط التهم عن مجرمين صدرت بحقهم أحكام قضائية بتهم الإرهاب مثل رافع العيساوي وأحمد العلواني ومحمد الدايني"، مضيفة أن "هذه الجهات تبذل مساعيها وراء الكواليس لتبرئتهم من الجرائم التي اقترفوها بحق العراقيين".

في المقابل، رأى عضو تحالف القوى محمد المشهداني، أن المصالحة الوطنية تقتضي إلغاء الأحكام القضائية السابقة التي صدرت بحق سياسيين عراقيين بناء على تهم كيدية، موضحاً خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "التسقيط (الإبعاد) السياسي في زمن الحكومة السابقة وصل الى حد إقصاء الخصوم ورميهم بالسجون من خلال الضغط على المؤسسة القضائية لإصدار أحكام باطلة".

وأشار المشهداني إلى "ضرورة اشتراك جميع العراقيين في العمل السياسي وتجاوز الخلافات التي مهدت لسقوط عدد من المحافظات والمدن بيد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)". وطالب رئاسات الجمهورية والوزراء والبرلمان بالعمل الجدي لاحتواء الأزمات السياسية.

وفي سياق متصل، أكد استاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، أن الجهود الجارية لإسقاط التهم عن بعض السياسيين تعد نتيجة طبيعية لاتفاق الرئاسات الثلاث على تعزيز المصالحة الوطنية في البلاد، مشيراً خلال حديثه لـ"العربي الجديد" إلى أن الأزمات الأمنية والاقتصادية، التي يمرّ بها العراق تتطلب التخلي عن الخلافات الثانوية والإبعاء السياسي الذي ذهب ضحيته أبرياء، بينهم سياسيون.

وكان الرئيس العراقي فؤاد معصوم قد أكد في بيان أن المصالحة الوطنية في العراق يجب ألا تستثني أحداً، داعياً إلى إشراك جميع المؤمنين بالعملية السياسية في بناء العراق، باستثناء الذين تلطخت أيديهم بدماء الأبرياء.

وتشير تقارير إلى وجود أكثر من 100 ألف عراقي من أصل 232 ألف معتقل جرت إدانتهم بتهم كيدية بناء على معطيات قدمها من يعرف بالمخبر السرّي أو لأسباب طائفية معروفة اتسم بها حكم المالكي للبلاد طيلة السنوات الثماني الماضية قبل الإطاحة به بانقلاب وصف بالأبيض نهاية العام 2014. وتطالب كتل سياسية باتحاد القوى بتطبيق قانون العفو العام والإفراج عن المعتقلين، في حين ترفض كتل أخرى محسوبة على إيران تشريع القانون.

وكان وزير العدل العراقي حيدر الزاملي قد أعلن عن تقديم المخبرين السريين للمحاكمة بتهمة "الادعاء الكيدي"، مشيراً إلى تدقيق أحكام الإعدام الموجودة في مجلس القضاء الأعلى، والتي صدرت بناء على معلومات من المخبر السري.

كما دعت اللجنة القانونية في البرلمان العراقي نهاية العام الماضي إلى إطلاق سراح المعتقلين بسبب وشاية المخبر السري، مؤكدة وجود مطالب سياسية بهذا الخصوص، مشيرة إلى إحالة نحو 500 مخبر سري إلى المحاكمة بعد إدلائهم بمعلومات كاذبة.

اقرأ أيضاً: العراق: اتفاق لـ"تبييض" سجون المالكي