خيارات محدودة لـ"حماس" في مواجهة الأزمات

خيارات محدودة لـ"حماس" في مواجهة الأزمات

01 مايو 2017
تحرك احتجاجي في غزة أخيراً ضد قرارات عباس(مصطفى حسونة/الأناضول)
+ الخط -
تبدو خيارات حركة حماس الفلسطينية في مواجهة الأزمات التي تعصف بقطاع غزة، في الشهر الأخير، محدودة للغاية. هذا ما تظهره ردود فعلها المختلفة والهجومية في أحيان كثيرة، وافتقارها إلى الإعلان عن خطوات قادرة على تجاوز الأزمات وحلحلتها. ولجأت "حماس" للشارع ووسائل الإعلام التابعة لها والناشطين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، للحديث عن الأزمة والهجوم على الطرف الذي تسبب بها، في إشارة للرئيس الفلسطيني، محمود عباس، وحركة "فتح" والسلطة في رام الله. لكن بعض ما جرى في الشارع عمّق الأزمة وأساء إلى حرية التعبير عن الرأي.

ومع أن "حماس" خاضت تجربة مماثلة وناجحة جزئياً، في السابق، مع الاحتلال الإسرائيلي الذي فرض حصاراً عام 2006 على قطاع غزة، إلا أنّ أدواتها في مواجهة الأزمات الحالية المصنوعة بعناية لضرب حكمها وخلخلته تبدو أضعف من السابق وأكثر إرباكاً. وفي ظل تمسك السلطة الفلسطينية بقرارها بتقليص دفعاتها المالية لموظفيها ولقطاع الصحة في غزة، فإن الأزمة ستضيق الخناق أكثر على حركة "حماس"، خصوصاً مع اعتكاف داعمي غزة عن التدخل هذه المرة على عكس المرات السابقة.

ويقول النائب عن "حماس" في المجلس التشريعي الفلسطيني، يحيى موسى، لـ"العربي الجديد"، إنّ كل الإجراءات الأخيرة التي اتخذها الرئيس عباس موجهة لمختلف أطياف الشعب الفلسطيني، وليست مقتصرة على الحركة وحدها. غير أنّ موسى يستدرك ويشير إلى أنّ "حماس" هي من تدير شؤون القطاع، وبالتالي فإنّ الإجراءات الأخيرة ستزيد وتضاعف من الأعباء المفروضة عليها، من أجل مواجهة الإجراءات الأخيرة التي اتخذها الرئيس الفلسطيني كوقف الرواتب ودفع فاتورة الكهرباء وغيرها.

ويلفت موسى إلى أنّ خيارات "حماس" تتمثل في حشد التحالفات الوطنية الداخلية ضد قرارات الرئيس الفلسطيني والعمل على مواجهتها بشتى السبل كونها ستؤدي إلى مضاعفة المعاناة الناتجة أصلاً عن الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع للعام الحادي عشر على التوالي. ويشير إلى ضرورة العمل مع المنظمات الدولية والحقوقية من أجل إسناد أكثر من مليوني مواطن محاصرين في القطاع والعمل على إيجاد الحلول للعديد من الأزمات التي تعصف بالجميع، مع تحميل الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عما يجري، بحسب قوله. ويرى القيادي في "حماس" أنّ الاحتلال وحده من يتحمل مسؤولية ما يجري من تشديد للحصار، وأنه يتوجب الضغط عليه بشتى الوسائل من أجل إيقاف أدواته التي يحركها لخلق المزيد من الأزمات في غزة، ومحاولة البحث مع بعض الدول العربية والإسلامية لوقف المؤامرة التي يتعرض لها الغزيون.


وعن انعكاسات القرارات الأخيرة عن الواقع المالي للحركة، يقول موسى إن حركة "حماس" لن تتخلى عن الشعب الفلسطيني وستضع كل ما تملك أمامه وستبذل كل الجهد للدفاع عنه، مشدداً في ذات الوقت على أهمية فتح معبر رفح البري مع مصر والسماح بحركة البضائع للقطاع عبره.

من جهته، يؤكد الكاتب والمحلل السياسي، طلال عوكل، لـ"العربي الجديد"، أنّ "حماس" التي تدير شؤون غزة منذ الانقسام الفلسطيني منتصف يونيو/حزيران 2007 وبعد قرارات القمة العربية الأخيرة والإجراءات الأخيرة التي اتخذت من قبل السلطة الفلسطينية، قد "وضعت في الزاوية ولا خيارات لها"، بحسب تعبيره. ويقول إن الخيار الوحيد المطروح لحركة "حماس" هو الصمود فقط في وجه هذه الإجراءات، خصوصاً أن المطروح عليها هو رفع الراية البيضاء فقط وهو ما لا توافق عليه، لا سيما أن الإجراءات الأخيرة التي اتخذت لا تزال محدودة حتى اللحظة، على حد وصفه.

ويشير عوكل إلى أن الحركة ستحاول البحث عن خيارات محدودة من أجل تخفيف حدة الأزمات في القطاع، والاستفادة من التناقضات القائمة في المنطقة العربية والإقليمية، وكذلك الاستفادة من حالة الرفض الإسرائيلي لخنق غزة بشكل كامل. ويستبعد أن تلجأ الحركة إلى الخيار العسكري في الوقت الراهن أو أن تكون مبادِرة لمواجهة عسكرية مع إسرائيل، خصوصاً أنها لا تريد أن تعطي الاحتلال الذرائع الكافية من أجل ضرب القطاع، وستحاول الصمود في وجه كل الإجراءات المبذولة ضدها، وفق تأكيده.

وفي السياق نفسه، يشير الكاتب والمحلل السياسي، تيسير محيسن، إلى أنّ الخيار الوحيد الذي تملكه حركة "حماس" هو محاولة تفكيك الأزمات، التي تُخلق لسكان قطاع غزة، أو التخفيف منها، بمعنى أنها بحاجة إلى ضخ أموال قدر المستطاع لتغطية النقص الحاد التي تحدثه عملية الاقتطاع من الرواتب وتغطية النفقات التي يتم تقليصها للقطاع الصحي. وهذا يحتاج من "حماس" إلى أن تبادر للدفع من أجل استقرار الأوضاع الحياتية بما هو مقبول ومعقول، وعدم ترك الساحة الغزية تُنهش وتُرهق جراء البحث عن سبل حياة كريمة، وفق حديث محيسن لـ"العربي الجديد"، والذي أشار أيضاً إلى ضرورة أن تتماهى الحركة مع حالة الضيق التي يعيشها الشارع جراء الأزمات الاقتصادية المتتالية، وأن تحافظ على مستوى الثقة بينها وبين المجتمع المحلي من ناحية إشعار المجتمع بأنها أيضاً تقتصد وتتقشف في مصاريفها، وفق قوله.

ويبينّ محيسن أنّ وسائل التعبير عن الرفض لأي شيء يكون بالإعلان والإعلام، والتعبير عن الرفض لإجراء الرئيس الفلسطيني يحتاج إلى رفع الصوت دون قذف الاتهامات، لتوضيح الحقائق والإشارة للخطر الداهم وخطورته على مستقبل الشعب الفلسطيني وتوضيح الحقائق للناس، بحسب تعبيره.

المساهمون