المعارضة السورية تلوح بـ"خيارات مفتوحة" رداً على الضغوط

المعارضة السورية تلوح بـ"خيارات مفتوحة" رداً على الضغوط

04 فبراير 2017
تظاهرة تضامنية مع السوريين في استراليا (أسنكا براندون راتنياكي/الأناضول)
+ الخط -
تتوالى التحضيرات لاجتماع جنيف المقرر في العشرين من الشهر الحالي بين وفدي النظام السوري والمعارضة، وسط محاولات من كل طرف لتوجيه الاجتماع كي يتوافق مع أجندته الخاصة. وفي وقتٍ تضغط روسيا لإدخال جهات وشخصيات محسوبة عليها وعلى النظام في وفد المعارضة، ترفض الأخيرة هذه الضغوط وتؤكد تمسكها بمرجعية جنيف وقرارات مجلس الأمن الناظمة للعملية التفاوضية، وحقها الحصري في تشكيل وفدها المفاوض.

وفي سياق التحضير لمؤتمر جنيف، اجتمع في أنقرة، أمس الجمعة، مستشار وزارة الخارجية التركية، أوميت يالتشين مع ممثلي المعارضة السورية العسكرية والسياسية. وبحث الاجتماع، بحسب بيان للخارجية التركية، نتائج اللقاء الدولي حول سورية في عاصمة كازاخستان أستانة، يومي 23 و24 يناير/كانون الثاني الماضي، وتحضيرات مفاوضات جنيف المرتقبة والمقررة تحت رعاية الأمم المتحدة، وسبل تثبيت وقف إطلاق النار. وكشف البيان أنه "شارك في الاجتماع المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات السورية المنبثقة عن مؤتمر الرياض، رياض حجاب، ورئيس الائتلاف السوري، أنس العبدة، وممثلو المجموعات العسكرية الذين شاركوا في لقاء أستانة، إضافة إلى رئيس المجلس الوطني الكردي السوري ابراهيم برو، ورئيس المجلس الوطني التركماني السوري أمين بوز أوغلان".

في هذا الصدد، كشف مصدر قريب من المعارضة لـ"العربي الجديد"، أنه "تم بحث مسألة تشكيل وفد المعارضة المفاوض إلى اجتماع جنيف". وأوضح أن "أطراف المعارضة أجمعت على ضرورة أن يكون هذا الوفد ممثلاً حقيقياً للمعارضة، رافضة أية إملاءات أو تدخلات خارجية في تشكيل الوفد على نحو ما تفعل روسيا، التي تريد ضمّ منصات القاهرة وأستانة وحميميم إلى الوفد، علماً أن مواقفها بحسب رأي المعارضة أقرب إلى مواقف النظام منها للمعارضة".

وأضاف المصدر أن "أطراف المعارضة رفضت أيضاً تدخلات المبعوث الدولي الخاص إلى سورية، ستيفان دي ميستورا في تشكيل الوفد. واعتبرت هذا التدخل خروجاً من جانب المبعوث الدولي عن صلاحياته". ولفت إلى أن "كل الخيارات متاحة أمام المعارضة في حال تواصلت مثل هذه الضغوط، وفي حال لم يتم احترام وقف إطلاق النار من جانب النظام والمليشيات المتحالفة معه، ولم يتم تنفيذ الشق الإنساني من اتفاق وقف إطلاق النار المتعلق بإدخال المساعدات للمناطق المحاصرة، وإطلاق سراح معتقلين".



وأكد المصدر أن "الكلمة النهائية في تشكيل وفد المعارضة ستكون لاجتماع الهيئة العليا للمفاوضات في العاشر من الشهر الحالي، وهي الجهة المخولة لبحث هذا الأمر"، مرجّحاً أن "يتم إدخال بعض التعديلات على وفد أستانة من دون الخضوع للإملاءات الخارجية".

وفي إطار دعم مطالب المعارضة، يُعقد في أستانة، بعد غد الاثنين، اجتماع لمناقشة عمل آلية الرقابة على نظام وقف إطلاق النار في سورية، حسبما أعلن دي ميستورا، وأكده المتحدث باسم وزارة الخارجية الكازاخستانية، أنور جايناكوف الذي أشار إلى أن "اللقاء سيضمّ وفوداً من روسيا وتركيا وإيران وبمشاركة ممثل عن الأمم المتحدة".

وأضاف جايناكوف أن "المشاركين في اللقاء يخططون لمناقشة تمسك الأطراف في سورية بوقف إطلاق النار والنظر في اقتراح طرحته المعارضة السورية المسلحة، في شأن تعزيز نظام الهدنة الذي دخل حيّز التنفيذ في 30 ديسمبر/كانون الأول الماضي".

بدوره، اعتبر وزير الخارجية الكازاخستاني خيرت عبد الرحمنوف، أمس الجمعة، أن "المباحثات الروسية التركية الإيرانية تسهم بشكل فعال في تسوية الوضع في سورية". أما روسيا، فقد اعتبرت أن "اجتماع أستانة سيركز على بحث سبل الفصل بين المعارضة السورية المعتدلة وجبهة فتح الشام". وأفاد بيان لوزارة الدفاع الروسية، بأن "خبراء من روسيا وتركيا وإيران والأمم المتحدة سيبحثون أيضاً في أول لقاء لمجموعة العمليات المشتركة، مسائل ملحة أخرى متعلقة بالتسوية في سورية". وتمّ إنشاء هذه المجموعة خلال اجتماع أستانة.

وإذا كان الملف السوري بات محصوراً في الآونة الأخيرة بين بعض العواصم المحددة مثل موسكو وأنقرة وأستانة، فضلاً عن طهران ودمشق، مع تدخلات من بعض ممثلي الأمم المتحدة، فإن الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة دونالد ترامب، بدأت تقترب من المشهد السوري من بوابات عدة.

في هذا الإطار، التقى وزير الخارجية الأميركي الجديد ريكس تيلرسون، أمس الجمعة، في واشنطن مع المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا، في أول لقاء لهما لبحث الأوضاع في سورية. كما أعلن مصدر في وزارة الخارجية الروسية أن "موسكو مستعدة للتواصل مع تيلرسون في أي لحظة،" مشيراً إلى أنه "من الصعب التنبؤ بموعد اللقاء الأول بين الوزيرين سيرغي لافروف وريكس تيلرسون". وكان ترامب، قد عين تيلرسون خلفاً لجون كيري، وسط انتقادات من قبل الحزب الديمقراطي، لعلاقة الوزير الجديد الوطيدة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

كما أعلن البيت الأبيض في بيان، ليل الخميس ـ الجمعة، أن "ترامب بحث مع ملك الأردن، عبد الله الثاني إمكانية إقامة منطقة آمنة في سورية". وأوضح البيان أن "الطرفين ناقشا الأمر خلال لقاء قصير جمعهما في العاصمة الأميركية واشنطن"، من دون ذكر أية تفاصيل إضافية.

وكان البيت الأبيض، قد ذكر في بيان، قبل أيام، أن "السعودية وافقت على دعم مقترح ترامب، بإنشاء منطقة آمنة شمالي سورية، وذلك خلال مكالمة هاتفية أجراها الأخير مع الملك السعودي، لتبدي روسيا استعدادها لدراسة المقترح في حال وافق عليه نظام بشار الأسد".



وفي سياق متصل، ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، في مقال نشرته أمس، أنَّ "طاقم ترامب، اعتبر خطة أعدها طاقم الرئيس السابق باراك أوباما، تقضي بتقديم السلاح للمسلحين الأكراد من أجل استعادة مدينة الرقة السورية من تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، بأنها هامشية جداً ومتناقضة وغير كافية وتهرب من المخاطر. وخلص إلى اعتبارها فاشلة بشكل قطعي".

وحسب الصحيفة فإن "خطة أوباما كانت تقضي بتسليح المقاتلين الأكراد في شمال سورية تمهيداً لبدء الهجوم على الرقة، وتدريبهم على استخدام الأجهزة الجديدة والقتال في المدن ذات الكثافة السكانية العالية، وكان من المقرر أن يتولى جنود أميركيون تلك التدريبات".

وأوضح أحد الموظفين في فريق ترامب للصحيفة، أن "الإدارة الجديدة وجدت ثغرات هائلة في هذه الخطة"، واصفاً الوثيقة بأنها "نتيجة لعمل سيئ". كما قال مسؤولون آخرون في فريق ترامب الأمني، إن "تلك الخطة أفزعتهم كونها لا تتضمن أي بنود حول التنسيق مع روسيا أو أي استراتيجية واضحة لمعالجة الأزمة المحتملة مع تركيا، في حال مضي واشنطن في رفع دعمها للمقاتلين الأكراد الذين تعتبرهم أنقرة جماعات إرهابية".
وكان ترامب قد اعتبر في وقت سابق أنه "يفضّل الاعتماد على نفسه في محاربة داعش، متعهّداً بشنّ هجوم سريع وقاس لتدميره نهائياً". وفي لقاءات مع فريقه الأمني، وافق الرئيس الأميركي على منح وزير الدفاع جايمس ماتيس حرية التصرف الكاملة ليفعل "كل ما يعتبره ضرورياً لمحاربة الإرهاب". وذلك في إطار مراجعة شاملة تجريها إدارة ترامب لسياسة الإدارة السابقة في الشرق الأوسط. وكشفت الصحيفة أنه "من الممكن أن يقرر ترامب تعزيز التنسيق مع القوات الروسية أو حتى مع قوات النظام، من أجل السيطرة على الرقة، كما أنه قد يتخلى عن خيار تسليح الأكراد نهائياً".



ومن المقرر أن يقوم فريق وزارة الدفاع (بنتاغون) برئاسة ماتيس بإعادة النظر في جميع الخيارات التي درستها إدارة أوباما لمدة 7 أشهر، وأن يقدم خطة جديدة خلال 30 يوماً فقط، تتضمن قائمة الخيارات المتاحة للتعامل مع "داعش"، مع تجاهل القيود التي فرضها أوباما على عدد الجنود الأميركيين المشاركين في العمليات، والقواعد الرامية للتقليل من الخسائر في صفوف المدنيين.

كما أن تصعيد إدارة ترامب من حدة المواجهة مع إيران على خلفية إجراء الأخيرة تجربة صاروخية جديدة، من شأنه كما يرى بعض المراقبين إرباك طهران التي تعتبر الحليف الرئيسي لنظام بشار الأسد، مما قد يجعلها مشغولة بنفسها خلال الفترة المقبلة، ويخفف من وطأة حضورها في المشهد السوري.

ميدانياً، أسفرت غارات يشتبه أن التحالف الدولي نفذها، عن انقطاع المياه عن الرقة، حسبما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان وناشطون لوكالة "فرانس برس" أمس. وقال الناشط في حملة "الرقة تذبح بصمت" حمود الموسى، إن "الخط الرئيسي تحطم وانقطعت المياه عن الرقة كلها بعد قصف قام به التحالف".

في سياق متصل، خرج متظاهرون في مناطق مختلفة من سورية، في تظاهرات نادوا خلالها بشعارات تطالب بإسقاط النظام السوري، واتّحاد فصائل المعارضة السورية المسلحة في جسم واحد، وأطلقت تنسيقيات المعارضة السورية على التظاهرات اسم "لا مكان للقاعدة في سورية".

وذكر الناشط جابر أبو محمد لـ"العربي الجديد"، أن "العديد من الفعاليات المدنية والناشطين والأهالي خرجوا في تظاهرات بمدينة إدلب، وفي مدن وبلدات جسر الشغور، وخان شيخون، ومعرة النعمان، وتل منّس، وسرمدا، وأطمة، وكفرنبّل، طالبوا خلالها بإسقاط النظام وطالبوا فصائل المعارضة بالعمل على توحيد صفوفها". كما ذكر الناشط ياسر الدوماني لـ"العربي الجديد" بأن "تظاهرة خرجت في مدينة دوما وأكّد المتظاهرون على ثوابت الثورة وجددوا مطلبها الرئيسي بإسقاط نظام الأسد، كما قام أطفال مدينة دوما بوقفة للمطالبة بحقوقهم من العالم في ظل الحصار الذي تعيشه المدينة، والقصف الذي تتعرض له من قوات النظام".

كما خرجت تظاهرة في مدينة الأتارب، بريف حلب الغربي، نادت بإسقاط النظام، ورفع المتظاهرون لافتات تدعم "الهيئة العليا للتفاوض"، كما رفعوا شعارات انتقدوا فيها مؤتمر أستانة. وخرجت تظاهرة في مدينة جرابلس الخاضعة لسيطرة "قوات درع الفرات" شمال شرقي حلب، ندّد فيها المتظاهرون بممارسات الميليشيات الكردية وتنظيم "داعش" التي أدت إلى تهجيرهم من قراهم في ريفي حلب والرقة.

المساهمون