تساؤلات أمنية حول قنبلة "داعش"

تساؤلات أمنية حول قنبلة "داعش"

20 نوفمبر 2015
تعمّدَ "داعش" تأخير الكشف عن تفاصيل إسقاط الطائرة(فرانس برس)
+ الخط -
تجدد الجدل حول سقوط طائرة الركاب الروسية في منطقة سيناء المصرية، ليتركز هذه المرة حول مدى إمكانية إسقاط طائرة، عبر قنبلة بحجم علبة معدنية لمشروب مياه غازية، على غرار الصورة التي ظهرت عليها الطائرة عقب سقوطها. وبرزت تساؤلات أمنية عدة بعدما بثّ تنظيم "داعش"، أول من أمس (الأربعاء)، في العدد الجديد من مجلته "دابق"، الناطقة باللغة الإنجليزية، صورة للقنبلة التي استخدمها لإسقاط الطائرة الروسية، ليتبين أنها بدائية الصنع وعبارة عن علبة معدنية، ومعها أسلاك ومفتاح للتفجير.

وذهب بعض المراقبين إلى اعتبار أنه من الصعوبة تصديق أن هذه العلبة المعدنية قد تسبب إسقاط الطائرة وشطرها في الهواء قبل سقوطها على الأرض وتبعثر أجزائها. كما يشير مراقبون إلى أنه من المؤكد أن العلبة/ القنبلة كانت محشوة بمادة شديدة الانفجار مثل "تي إن تي"، لكن الأهم هو المكان الذي وضعت فيه، بما يسمح بالانشطار والانفجار الذي خلفته في الطائرة، وهي أمور يحسمها المتخصصون.
وفي السياق، نقلت صحيفة "كوميرسانت" عن خبراء قالت إنهم قريبون من التحقيق، أن القنبلة انفجرت في أثناء التحليق تحت أحد كراسي الركاب في الجزء الأيمن من آخر صف الكراسي، بحسب ما أورد موقع "روسيا اليوم". وبحسب الصحيفة أيضاً "فإنه في هذا المكان بالضبط، كشف الخبراء الروس الذين درسوا حطام الطائرة، عن ثغرة يبلغ عرضها قرابة المتر في الألواح المعدنية على سطح الطائرة. وأدى هذا التفجير "إلى تخفيض الضغط في صالون الطائرة وتفككها في الجو". كذلك ذكرت الصحيفة أن الصورة التي نشرها "داعش" وقيل إنها للقنبلة تظهر جهازاً يشبه عبوات استخدمت لتفجير مبان سكنية في موسكو يومي 8 و13 سبتمبر/أيلول عام 1999.

اقرأ أيضاً: كارثة الطائرة:مصر متمسكة بسياسة الإنكار وثلاثة سيناريوهات روسية للرد 

ولم يفصح تنظيم "داعش" أو حتى فرعه في سيناء، عن أي تفاصيل حول إسقاط الطائرة، حتى يوم الأربعاء، منتظراً مرور ما يزيد عن أسبوعين على تاريخ إسقاطها. كما جاء كشف "داعش" لبعض تفاصيل العملية في أعقاب بيانات وتصريحات رسمية من روسيا، وتحديداً من الرئيس فلاديمير بوتين، حسمت سقوط الطائرة نتيجة قنبلة زرعت فيها، فضلاً عن توعده بالرد.
وحول أسباب تأجيل إعلان "داعش" لهذه التفاصيل، يقول الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء عادل سليمان، إن أسلوب "داعش" في إعلان العمليات الكبيرة قد يتسم بالبطء بعض الشيء، ولكن في مسألة الطائرة هو أمر مقصود. ويضيف سليمان، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن الإعلان عن بعض من جوانب العملية، جاء بعد التصريحات الرسمية الروسية، وبوتين شخصياً، وهو ما يعني أنهم كانوا ينتظرون لتكون التأثيرات أكبر لصالحهم.
ويشير إلى أن إعلان التنظيم الأم "داعش"، يرجّح أن العملية كانت لها خيوط خارج مصر، وليس المتكفل بها فرع التنظيم في سيناء. ويشدد على أن العملية في ذاتها تثير حالة من الفزع والتأثيرات الشديدة على روسيا ومصر معاً، مستبعداً أن يكون للأمر علاقة بتعمد التأثير على العلاقات بين الدولتين.
ويلفت سليمان إلى أن الهدف المباشر من العملية هي رمزيتها، إذ إنها تعكس ضرب أكثر الأهداف صعوبة وهي طائرة مدنية عبر إيجاد ثغرة أمنية في مطار شرم الشيخ واستغلالها في اختراق طائرة روسية، أما الهدف الثاني هو إحداث أكبر فاجعة لروسيا التي تشارك في العمليات ضد التنظيم في سورية والعراق. ويوضح سليمان أن "مسألة إسقاط طائرة روسية أكثر إيلاماً من استهداف سفارة مثلاً أو مصالح روسية في دول أخرى، ولا سيما أنها عملية لها تأثيرات إنسانية ونفسية وعسكرية خطيرة، خصوصاً بعد العدد الكبير من الضحايا".
ويلفت سليمان إلى أن "التنظيم يدرك ما يخطط له، ويتمكن من تنفيذ عمليات إرهابية بحكم أن عناصره متخفية وغير ظاهرة ومعروفة بشكل كبير". ويوضح أن "التنظيم، بالتأكيد يريد ضرب أكثر من هدف في وقت واحد، وإحداث اضطرابات عالمية وأزمات داخلية في عدد من الدول، وهو أمر يتعلق بأمر فكري لديه، وتصرفاته في هذا الإطار متوقعة".
وحول إمكانية التدخل العسكري الروسي في مصر، يستبعد الخبير العسكري هذا الأمر، لافتاً إلى أنه ربما يكون هناك تنسيق وتعاون بين الطرفين، لكن المشاركة الفعلية تعد مستبعدة لدرجة كبيرة. ويلفت إلى ضرورة مراجعة الجيش المصري لخططه بشكل دوري لمواجهة الجماعات الإرهابية في سيناء، ومحاصرتها لمنع تكرار أحداث تهز مصر داخليا وخارجياً. ويشدد على أن هدف التنظيم ضرب الاقتصاد المصري في مقتل، بعد منع وفود السياح، وحظر رحلات الطيران إلى مطار شرم الشيخ، وهو أمر مؤثر لدرجة كبيرة.

من جهته، يوضح خبير في الإرهاب تحدث لـ"العربي الجديد" عن إمكانية إسقاط قنبلة بحجم علبة معدنية صغيرة للطائرة الروسية، أن هذا الأمر جائز، لكن الأهم هو تفاصيل العملية لكي يمكن الحكم عليها، لمعرفة الأسلوب والتكتيك، وهو أمر لن يعلنه "داعش" لكي لا يتم كشفه والتحرز منه.
ويشير الخبير نفسه إلى أنّ "داعش" يريد من عملياته في بلدان عدة، سواء عربية أو أجنبية، إثارة فوضى عارمة في العالم بأكمله، لافتاً إلى أن "الإرهاب الذي يمارسه داعش أمر متوقع، ولا سيما بعد عمليات التضييق عليه والقصف المتواصل لمعاقله في العراق وسورية. بدوره، يرى الخبير أن أجهزة الأمن المصرية لا بد أن تراجع إجراءاتها بشكل دقيق في عمليات التأمين، والبعد عن الأمن السياسي، والاهتمام بمواجهة التهديد الحقيقي. ويشير إلى أن مسألة اختراق مطار شرم الشيخ وإيجاد ثغرة فيه، فضيحة عالمية، مطالباً بضرورة مراجعة إجراءات تأمين المطارات بالكامل، والاهتمام بالأمن الجنائي والبحث والتحري.

اقرأ أيضاً: 8 كوارث طيران شهدتها مصر خلال 65 عاماً

دلالات