قطر ترفض الاستسلام: لا تهاون في السياسة الخارجية

قطر ترفض الاستسلام: لا تهاون في السياسة الخارجية

09 يونيو 2017
وزير الخارجية القطري: الدبلوماسية لا تزال خيارنا المفضل (الأناضول)
+ الخط -
على الرغم من جميع الدعوات والمساعي لتهدئة التوتر الخليجي الناتج عن الحملة ضد الدوحة، أصرّ محور الرياض ـ أبوظبي ـ المنامة، على المضي في التصعيد من دون أن تتوقف الحملة التحريضية ضد قطر، وهو ما تطلب أمس الخميس، موقفاً حازماً من قطر، عبّر عنه وزير الخارجية، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، الذي وجّه مجموعة من الرسائل الواضحة التي تؤكد ثوابت قطر حيال التعاطي مع الأزمة المفتعلة ضدها. ثوابت الدوحة، بحسب ما لخصها وزير الخارجية، قائمة على الحوار من دون التهاون بسياستها الخارجية مع رفض أي محاولة لفرض وصاية سياسية عليها، فضلاً عن التشديد على أن قطر قادرة على الصمود "للأبد" في مواجهات الإجراءات ضدها.
وبينما أكد وزير الخارجية القطري، في تصريحات نقلتها وكالتا "فرانس برس" و"رويترز" أن الدبلوماسية لا تزال خيار الدوحة المفضل، أضاف حاسماً "لسنا مستعدين للاستسلام، ولن نتهاون في استقلال سياستنا الخارجية". وفيما استبعد أي حل عسكري، لفت وزير الخارجية إلى أن "قطر لم تشهد من قبل مثل هذا العداء حتى من دولة معادية". وأضاف "واجهنا عزلة بسبب نجاحنا وتقدُّمنا"، مشدداً على أن الدوحة "منتدى للسلام لا للإرهاب". كما أكد وزير الخارجية أن قطر لم تصلها قائمة بمطالب من الدول التي قطعت علاقاتها معها، لكنه أكد ضرورة حل النزاع سلمياً.



كما أكد وزير الخارجية القطري أن أمير البلاد، تميم بن حمد آل ثاني، "لن يغادر قطر وهي تحت الحصار"، لذا لن يتمكن من حضور (لقاء) الوساطة الذي عرضه الرئيس الأميركي دونالد ترامب في البيت الأبيض، بحسب ما أوردت وكالة "أسوشيتد برس". كما شدد على أن قطر لن تغلق شبكة الجزيرة الإخبارية.
كما اتهم الإمارات "بأنها تستغل الوضع التجاري كأداة سياسية" على الرغم من أن "الإمارات تعتمد على الغاز القطري في توفير 40% من الكهرباء"، لكنه أشار إلى أن قطر ستحترم اتفاقات الغاز الطبيعي المسال التي أبرمتها مع الإمارات على الرغم من قطع أبوظبي العلاقات مع الدوحة. وفيما جزم بأن "الدوحة غير قلقة بشأن الوضع الغذائي ويمكننا أن نظل هكذا للأبد"، قال إن إيران أبلغت الدوحة استعدادها لمساعدتها في تأمين الإمدادات الغذائية وأنها ستخصص ثلاثة من موانئها لقطر، لكنه أضاف أن بلاده لم تقبل العرض بعد.
وفيما حذر وزير الخارجية القطري من أن الخلاف يهدد استقرار المنطقة بأسرها، أكد أنه لن يكون هناك أبداً حل عسكري للأزمة. ولفت إلى أن انتشار الجيش القطري لم يشهد أي تغيير. كما أكد أن قطر "لم ترسل مجموعات (إضافية) من الجنود إلى حدودها" مع السعودية التي قررت المملكة إغلاقها. كما تطرّق إلى القاعد العسكرية الأميركية في قطر، قائلاً "لا نتوقع أي تغير في مهمتها".
وفي سياق متصل، قال دبلوماسي قطري، لوكالة "رويترز" إن ما يحدث حصار مثل حصار برلين وإعلان حرب. ووصف ما يحدث بأنه عدوان سياسي واقتصادي واجتماعي، وذكر أن القطريين يريدون من العالم أن يدين المعتدين.

وجاءت المواقف القطرية الحاسمة الرافضة لمحاولة فرض الوصاية السياسية عليها، مع استمرار الحملة على الدوحة من معسكر الرياض-أبو ظبي- المنامة، على الرغم من جميع الوساطات التي سعت إلى فتح قنوات للحوار لتهدئة التوتر.
وأبرز الوساطات هي التي لا يزال يقودها أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح من خلال زيارات مكوكية يومي الثلاثاء والأربعاء، شملت السعودية أولاً ثم الإمارات، قبل أن يختتمها في قطر. كذلك دخل الرئيس الأميركي دونالد ترامب على خط الوساطة، وأجرى الأربعاء اتصالاً بأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، تخلله إبداء ترامب استعداده للمساعدة في إيجاد حل للأزمة، بما في ذلك إمكانية استضافة المعنيين بالأزمة في البيت الأبيض للتحاور، وهو ما ردّ عليه أمير قطر بإبداء الدوحة استعدادها "لمناقشة كل النقاط الخلافية لكنها ترفض التهديد والحصار"، قبل أن يواصل الرئيس الأميركي جولته الهاتفية على الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد. كما الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، مع أمير الكويت والرئيس الإيراني حسن روحاني، والعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، وسط حرص فرنسي على حثّ "كل الأطراف" على مواصلة "الحوار".
وبعد الإمعان في كيل الاتهامات لقطر في موازاة إسكات أي أصوات رافضة من مواطني الدول الثلاث لهذه الحملة عبر إشهار سلاح الحبس والغرامات المالية، فضلاً عن الضغط على عدد من الدول وآخرها تشاد التي استدعت سفيرها من قطر للتشاور، أقحم معسكر الرياض - أبوظبي - المنامة، الأمير الوالد، الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، في الأزمة، بقول مسؤول خليجي كبير لوكالة "فرانس برس"، أمس الخميس، إن الأزمة ناتجة عن "التأثير المستمر للشيخ حمد بن خليفة آل ثاني على نجله الشيخ تميم".


وترافقت الحملة مع تصويب بحريني – إماراتي على مساعي الوساطة التي يقودها أمير الكويت ومحاولة اتهام الدوحة بالمسؤولية عن فشلها، تولاها وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي، أنور قرقاش، الذي قال لوكالة فرانس برس، إن الظروف لم تتضافر بعد من أجل وساطة فعلية من قبل أمير الكويت. وفي استمرار في نفس النهج الساعي إلى تحميل قطر المسؤولية قال "لا بد في البدء من تصريح وإرادة من قبل قطر".
وفي المسار نفسه، نقلت صحيفة "مكة" السعودية عن وزير الخارجية البحريني، خالد بن أحمد آل خليفة، الذي زار السعودية يوم الأربعاء برفقة ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة ضمن جولة قادته إلى مصر أمس، قوله إن "أمير الكويت ساعٍ بالخير، لكن سياسات قطر لم تمنح مساعيه النجاح". وأردف: "لن نتردد في حماية مصالحنا والطريق مفتوح أمام أي خيارات تحمينا من قطر".
وجاءت هذه المواقف على الرغم من الموقف القطري الحاسم لجهة الترحيب بجهود أمير الكويت والتجاوب معه. وانعكس هذا الموقف من خلال ما نقلته وكالة الأنباء القطرية "قنا"، من إعراب أمير قطر عن شكره وتقديره لجهود أمير الكويت من أجل حل الأزمة الخليجية، خلال اللقاء الذي عقداه مساء الأربعاء، وأطلع خلاله الصباح أمير قطر "على مساعيه الكريمة في محاولة حل الأزمة في العلاقات بين دولة قطر وكل من السعودية والإمارات والبحرين، من أجل عودة العلاقات إلى طبيعتها ووحدة صف دول مجلس التعاون الخليجي".
في موازاة ذلك تنشط الدبلوماسية القطرية لشرح وجهة نظر الدوحة من الأزمة وخلفياتها بالتزامن مع استكمال جميع الإجراءات التي من شأنها ضمان عدم تأثر المواطنين القطريين والمقيمين في قطر بأي من إجراءات الحصار، ومع الكشف عن ملابسات الاختراق لوكالة الأنباء القطرية بعد أن شكل الاختراق بداية التصعيد الممنهج ضد الدوحة. وفي سياق التحرك الدبلوماسي القطري، يزور وزير الخارجية القطري، غداً موسكو، حيث من المقرر أن يلتقي نظيره الروسي سيرغي لافروف.
وتتفق العديد من الدول على التحذير من خطورة وأبعاد الحملة على قطر، بما في ذلك من قبل تركيا، التي عرض رئيسها رجب طيب أردوغان، في اتصال هاتفي مساء الأربعاء، مع أمير الكويت، تطورات الأوضاع في الخليج.

المساهمون