بريطانيا والخليج

بريطانيا والخليج

09 ديسمبر 2016
تتقاطع مصالح بريطانيا والخليج أكثر من أي وقت مضى(Getty)
+ الخط -
لم تكُفّ رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، منذ الأحد الماضي، عن الحديث في مختلف جوانب العلاقات الاستراتيجية التي تربط المملكة المتحدة بدول مجلس التعاون الخليجي. وتلوّن خطاب ماي بالحديث مرة عن التاريخ وعمق جذور هذه العلاقة، ومرة عن المستقبل وفتح صفحة جديدة، ومرات عن الأمن المشترك، والأعداء المشتركين، والمخاطر التي تتهدد الشركاء. تحدثت ماي ونظراؤها الخليجيون عن حراجة الحالة السياسية التي تمر بها المنطقة، تحدثوا عن "داعش" وسبل مواجهة التطرف والإرهاب، تحدثوا عن إيران وعدوانيتها، ولوّحت بريطانيا بأن "أمن الخليج من أمنها". ثم كان هناك حديث عابر وفاتر عن سورية واليمن، وهي ملفات لا يبدو التوافق حولها بين بريطانيا ودول مجلس التعاون بأحسن أحواله. وبوصفها أول امرأة أجنبية، وثاني رأس دولة غربية تحضر القمة الخليجية، وجدت ماي نفسها محل احتفاء من الشركاء الخليجيين، يعكس أهمية بريطانيا أمنياً واستراتيجياً وسياسياً واقتصادياً وحتى سياحياً بالنسبة لدول الخليج حكومات وشعوباً.
وبعيداً عن الكلام الدبلوماسي المُنمق، والكليشيهات المُسبقة الصنع، لا ريب أن مشاركة ماي في قمة البحرين الخليجية جاءت في توقيت تتقاطع فيه المصالح بين الطرفين أكثر من أي وقت مضى. فبريطانيا بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي، وربما فشلها للبقاء في السوق الأوروبية الموحدة، بحاجة إلى أسواق جديدة، ورافعة اقتصادية بديلة. في المقابل، فإن دول الخليج، التي لم تعد ترى في الولايات المتحدة الأميركية الحليف الراغب في حمايتها والدفاع عن مصالحها، لا سيما بعد فوز دونالد ترامب بالانتخابات الأميركية، بحاجة إلى رافعة سياسية وأمنية وعسكرية بديلة.
رئيسة الوزراء البريطانية التي بدأت مشاركتها في القمة الخليجية 37 بزيارة إلى القاعدة العسكرية البريطانية الجديدة في البحرين، وجّهت من هناك العديد من الرسائل حول بريطانيا ما بعد "بريكست". ولعل أول هذه الرسائل كانت إلى قادة الاتحاد الأوروبي، إذ عليهم أن يفهموا أن بريطانيا لن تكون يتيمة أو فقيرة بعد الخروج من الاتحاد، وأن لها أصدقاء وحلفاء أغنياء سيعوضونها بالشراكات الاقتصادية والاستثمارية عن الاتحاد الأوروبي. ولكن حديث ماي، عن الشراكات والاستثمارات الخليجية في المدن البريطانية، بالتوازي مع الحديث عن "خطر إيران"، لا يخلو أيضاً من رسالة واضحة لدول الخليج، فبريطانيا، أسوة بأميركا ترامب، لن تحمي الخليج من دون ثمن.