"داعش" يفتتح العام الثاني لعملية سيناء باعتداء دموي

"داعش" يفتتح العام الثاني لعملية سيناء باعتداء دموي

16 فبراير 2019
رغم التحذيرات لم يأخذ الجيش حذره بالمناطق كافة(فرانس برس)
+ الخط -
كما توقّع مراقبون، شنّ تنظيم "ولاية سيناء" الموالي لتنظيم "داعش"، اعتداءً دموياً على قوات الجيش المصري في محافظة شمال سيناء، وذلك بالتزامن مع بدء الجيش عامه الثاني ضمن العملية العسكرية الشاملة "سيناء 2018". وفي تفاصيل الاعتداء، قالت مصادر قبلية لـ"العربي الجديد"، إنّ مجموعات عسكرية تابعة لـ"ولاية سيناء"، هاجمت كمين "جودة 3" الذي يقع على طريق المطار جنوب مدينة العريش، صباح أمس السبت، موضحةً أنّ الهجوم بدأ بتفجير قوي استهدف الكمين، من ثم تبعه إطلاق نار وقذائف مضادة للدروع، فيما تمكّن عدد من المهاجمين من الوصول إلى داخل الكمين، والإجهاز على عدد من الجرحى. ولم تتمكن القوة العسكرية المتمركزة في الكمين، بحسب المصادر القبلية، من إطلاق النار إلا بعد فرار القوة المهاجمة، خصوصاً أن غالبية أفراد الكمين وقعوا بين قتيل وجريح.

وأضافت المصادر ذاتها أنّ قوات التدخّل السريع والطيران الحربي، وصلت إلى مكان الهجوم بعد ساعات من وقوعه، بالتزامن مع قطع شامل لشبكات الاتصال والإنترنت عن غالبية مناطق العريش، بهدف عدم حدوث اتصالات بين أفراد التنظيم، أو نقل المعلومات عبر شبكات التواصل. وقد تمّ نقل المصابين بواسطة سيارات المواطنين وبعض سيارات الإسعاف التي حضرت إلى المكان بعد أكثر من نصف ساعة على وقوع الهجوم، بحسب المصادر، التي أشارت إلى أنّ قوات الجيش أغلقت الطريق المؤدي إلى مكان الهجوم بالكامل، وشرعت في أعمال تفتيش وبحث عن المنفذين الذين لاذوا بالفرار في غضون 20 دقيقة من بدء الهجوم.

وعن الخسائر البشرية، قالت مصادر طبية في مستشفى العريش العسكري لـ"العربي الجديد"، إنّ سبعة عسكريين على الأقل قُتلوا، وأصيب 9 آخرون، موضحةً أنّ من بين القتلى ضابطا برتبة نقيب يدعى عبد الرحمن علي من الكتيبة "108 حربية"، وضابطين برتبة ملازم أول، وأربعة مجندين آخرين، بالإضافة إلى إصابات آخرين بجروح متفاوتة. وتمّ نقل جثث القتلى إلى القاهرة، تمهيداً لإيصالها إلى مسقط رأسها، فيما نُقل المصابون للعلاج في المستشفيات العسكرية ذات الإمكانات المتطورة في المنطقة العسكرية المركزية في القاهرة.

وكشفت المصادر أيضاً أنّ المهاجمين تمكنوا من اقتحام مقر الكمين، والصعود إلى سطحه، والاستيلاء على بعض الأسلحة المتوسطة والخفيفة، ورفع علم تنظيم "داعش" عليه، وحرق بعض الأدوات العسكرية الموجودة في الكمين، قبل الانسحاب منه بواسطة مركبات رباعية الدفع ودراجات نارية، في الوقت الذي أغلقوا فيه الطريق المؤدي إلى مكان الكمين طيلة وقت الهجوم، لمنع وصول أي دعم أو إسناد للقوة المُهاجَمة، أو حتى سيارات مدنية إلى المكان. وأكّدت المصادر أنّ الهجوم كان موثقاً بالصوت والصورة منذ بدايته وحتى القصف الجوي على المنطقة المحيطة بالكمين، فيما لم يبلّغ عن وقوع قتلى في صفوف المهاجمين، كما زعم المتحدث العسكري باسم القوات المسلحة المصرية، العقيد تامر الرفاعي.

وأضافت المصادر ذاتها أنّ هجوم العريش "يعتبر الأكثر دموية منذ بداية العام، ومن الهجمات القليلة ذات عدد الضحايا الكبير في صفوف الجيش منذ بدء العملية العسكرية"، مؤكدةً أنّ "الرقابة العسكرية تمنع نشر الحصيلة الصحيحة للإعلام، أو أسماء القتلى والمصابين في الوقت الحالي على الأقل".




من جهته، قال المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة المصرية، العقيد تامر الرفاعي: "قامت عناصر إرهابية بمهاجمة أحد الارتكازات الأمنية في شمال سيناء، وقامت قوة الارتكاز الأمني بالتصدي للعناصر الإرهابية والاشتباك معها وتمكنت من القضاء على 7 أفراد تكفيريين". وأضاف الرفاعي في بيان أنه "نتيجة لتبادل إطلاق النيران، استُشهد ضابط وأصيب 14 عنصراً من درجات أخرى، وجار استكمال أعمال التمشيط وملاحقة العناصر الإرهابية للقضاء عليهم في منطقة الحدث".

وتعقيباً على ذلك، قال باحث في شؤون سيناء إن "هجوم العريش يحمل دلالات أكبر من الحدث الميداني، إذ كان من المتوقع أن يعمد التنظيم إلى شنّ اعتداء كبير وذي خسائر بشرية فادحة في ذكرى العملية الشاملة (9 فبراير/شباط)، ليكون بمثابة إعلان رسمي للجميع بفشل هذه العملية التي روّج لها النظام المصري على أنها القاضية على الإرهاب"، مضيفاً، في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ "التعمّد باختيار هدف جديد في كل مرة، يشير إلى قدرة التنظيم على التنويع الجغرافي والزماني في هجماته، كما كان الحال في هجوم كمين البرث، في يوليو/تموز 2017، وكمين اللصافة في ديسمبر/كانون الأوّل 2018، ومعسكر القسيمة، وكمين زغدان، والكتيبة 101. فكل ما سبق كان شاهداً على تنفيذ التنظيم هجمات نوعية في توقيتات معينة بهدف التأكيد على وجوده والقدرة على السيطرة والهجوم بالشكل الذي يريده".

وتابع الباحث، الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه لوجوده في سيناء، أنّه "رغم التحذيرات من إمكانية شنّ ولاية سيناء هجوما في ذكرى العملية الشاملة، إلا أنّ قوات الجيش لم تأخذ حذرها في المناطق كافة، حيث كان كمين جودة 3، هدفاً سهلاً للتنظيم الذي تمكّن من اقتحامه، وقتل وجرح كل من كان فيه، وانسحب بسهولة". واعتبر الباحث أنه "لولا ضخامة الهجوم لما اضطر المتحدث العسكري للقوات المسلحة إلى الإعلان عنه، والذي اعتاد إخفاء الخسائر في الهجمات اليومية التي يتعرّض لها الجيش في سيناء، ما يشير إلى أن آليات تعامل الجيش مع الوضع الأمني في سيناء لم تتغيّر، رغم تكرار سيناريو الهجوم على الكمائن الثابتة، خلال السنوات الخمس الماضية. وهنا يعاد الحديث عن التقصير القائم في الخطط العسكرية في مواجهة تنظيم ولاية سيناء الذي يغيّر بين الفينة والأخرى في أساليب هجومه على الجيش".

المساهمون