"العدالة والتنمية" المغربي وجناحه الدعوي... نحو مزيد من الفصل

"العدالة والتنمية" المغربي وجناحه الدعوي... نحو مزيد من الفصل

06 يناير 2020
نقاش حول طبيعة العلاقة بين الحزب والحركة(فاضل سينا/فرانس برس)
+ الخط -
في خطوة غير معهودة بينهما، اجتمعت قيادتا حزب "العدالة والتنمية" المغربي الذي يقود الحكومة الحالية، وحركة "التوحيد والإصلاح"، التي تعتبر بمثابة جناحه الدعوي، ومنها تتحدر جلّ قيادات ووزراء الحزب الإسلامي.

وحرص البيان المشترك بين الهيئتين على الإشارة إلى أن هذا الاجتماع كان قد تقرر بين الطرفين منذ 20 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وهي الفترة التي كانت تعرف سجالات قوية حول الحريات الفردية في المغرب.

وأكد البيان المشترك أن اللقاء لتعزيز التواصل بين قيادتي الحزب والحركة "في إطار التشاور المستمر وتدارس سبل التعاون للقيام بمهام الإصلاح والترافع من أجل المصالح الوطنية العليا للوطن والمواطنات والمواطنين".


ويعتبر حزب "العدالة والتنمية" وليد عملية اندماج قامت بين حركة "التوحيد والإصلاح" وحزب "الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية" الذي كان يقوده الراحل عبد الكريم الخطيب، أحد قادة المقاومة ضد الاستعمار ومن رجالات الدولة المغربية الذين كانوا مقربين من القصر.

وسمح هذا الاندماج، الذي جرى منتصف التسعينيات، لأول مرة بولوج أعضاء من الحركة الإسلامية إلى العمل السياسي والحزبي. واعتبر الراحل عبد الكريم الخطيب بمثابة "عرّاب" هذه العملية كونه رجلاً ثقة لكل من الدولة المغربية وأعضاء الحركة الإسلامية المندمجين في حزبه، قبل أن يتم تغيير اسمه ليصبح "حزب العدالة والتنمية" بدءا من عام 1998.

أما حركة "التوحيد والإصلاح" فنشأت عن اندماج فصيلين دعويين كانا ينشطان في مجال الدعوة الإسلامية منذ السبعينيات من القرن العشرين، وهما كل من حركة "الإصلاح والتجديد" و"رابطة المستقبل الإسلامي". وكان أول رئيس للحركة بعد هذا الاندماج الذي جرى في صيف عام 1996، هو أحمد الريسوني، الرئيس الحالي لاتحاد علماء المسلمين.

ويسود حالياً نقاش داخل كل من الحزب والحركة، حول طبيعة العلاقة التي تربط بينهما، إذ تطوّرت الروابط بينهما تدريجياً نحو الفصل التنظيمي والحدّ من التداخل، من خلال اختيار قيادات متميّزة لكل منهما، لكن النقاش عاد إلى الواجهة في الفترة الأخيرة، بالنظر إلى الإكراهات الخاصة التي يواجهها حزب "العدالة والتنمية" في ممارسته التدبير الحكومي إلى جانب تيارات حزبية وسياسية متنوعة يضطره التحالف معها إلى تعديل مواقفه أو القبول بقرارات وقوانين تتعارض مع مرجعيته الفكرية؛ فيما تحرص حركة "التوحيد والإصلاح" الدعوية على الدفاع عن مواقفها وفقاً لمرجعيتها الدينية.

الهيئتان أعلنتا عن اجتماعهما، أمس الأحد، بحضور كل من الأمين العام لحزب "العدالة والتنمية"، رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، ورئيس حركة "التوحيد والإصلاح"، عبد الرحيم الشيخي.

وجاء في بيان مشترك نشرته الهيئتان، أنّ كلاً من الأمانة العامة لحزب "العدالة والتنمية" والمكتب التنفيذي لحركة "التوحيد والإصلاح"، عقدا "لقاء دراسياً وتواصلياً تناول موضوع الشراكة في الإصلاح على ضوء المتغيرات الوطنية والدولية".

هذا اللقاء يأتي بعد دخول حركة "التوحيد والإصلاح" في نقاش داخلي يرمي إلى تقييم علاقتها بالحزب، خاصة بعدما تضمن ميثاقها الجديد المصادق عليه في مؤتمرها العام الأخير، تعميقاً لطابعها الدعوي.

وحسب ما كشفته وكالة أنباء "الأناضول"، فإن هذا النقاش الداخلي للحركة يميل نحو مزيد من الفصل بينها وبين حزب "العدالة والتنمية"، وهو ما يرجّح أن الاجتماع الأخير بين الهيئتين القياديتين خصّص لدراسته.

وشهد هذا اللقاء الذي حضره وزراء حزب "العدالة والتنمية"، تقديم ثلاث أرضيات، "همت أولاها المنطلقات الفكرية والأسس المنهجية لنموذج الشراكة من أجل الإصلاح بين الحزب والحركة القائمة على الفصل التنظيمي بين الهيئتين والتمايز في مجالات العمل والاستقلالية في القرار مع التعاون في مجالات العمل المشتركة"، بحسب البيان، الذي اعتبر أن "هذه العلاقة تعتبر تجربة متميزة في المنطقة العربية والإسلامية".