طرابلس تقاوم للحفاظ على استقرارها

طرابلس تقاوم للحفاظ على استقرارها

16 فبراير 2015
+ الخط -
في ظل الاقتتال والانقسام الذي تشهده أجزاء عدة من البلاد، تعتبر العاصمة طرابلس أفضل حالاً عن غيرها من المدن الليبية، التي تشهد اشتباكات في أحيائها وتهجيراً لأسرها ومعاناة إنسانية بلغت حد وصفها بمدن منكوبة كمدينتي بنغازي وككلة.

وشهدت طرابلس الأشهر الماضية استقرارا أمنيا نسبياً ملحوظاً أدى إلى عودة كافة الأجهزة الأمنية والشرطية إلى العمل في المدينة، منذ سيطرة قوات فجر ليبيا على المدينة وإخراج لواءي القعقاع والصواعق -المعززين بعناصر من كتائب القذافي الأمنية- منها.

كما اختفت حوادث القتل والخطف التي كانت تشهدها المدينة قبل سيطرة فجر ليبيا عليها، وكتائب أمنية من أبناء المدينة نفسها تتبع وزارة الداخلية، والتي تعتبر أهمها قوات الردع الخاصة.

غير أن العاصمة لم تنجُ من سلسلة الخروقات الأمنية التي تطال مدناً ليبية عدة، وظهرت في اليومين الماضيين دعوات من قبل مؤيدين لما يعرف بعملية الكرامة التي يقودها اللواء المتقاعد خليفة حفتر إلى الخروج في شوارع طرابلس في ما وصفوه "انتفاضة المدينة ضد الإرهابيين"، إلا أن مراقبين لا يتوقعون انتقال أحداث بنغازي إلى طرابلس.

تأتي هذه الدعوات "المحدودة" عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، بعد دعوات عدة من قبل حكومة الثني التابعة لمجلس النواب -المنحل بحكم المحكمة العليا- لأهالي طرابلس للانتفاض ضد قوات فجر ليبيا، ومساندة "الجيش" الذي لم يصل حتى الآن إلى العاصمة.

تبعها في ذلك حفتر الذي أكد في مقابلة مع قناة "بي بي سي" العربية سعيه دخول طرابلس و"تحريرها" من سيطرة قوات فجر ليبيا، نوه خلالها إلى أن لديه خلايا نائمة في العاصمة تنتظر الأوامر لتباشر في تنفيذ خططه.

فسجلت في يناير/كانون الثاني الماضي خروقات أمنية تباينت في حدتها، كان أبرزها حادثة اقتحام فندق كورنثيا والتي قتل على إثرها عشرة أشخاص من بينهم أجانب، واحترقت طائرة شحن في مطار معيتيقة وصفته رئاسة الأركان بالعمل الإجرامي.

كما سجل عدد من الاعتداءات على مقرات البعثات الدبلوماسية، كالسفارة الجزائرية ومقر تابع لبعثة الأمم المتحدة، سبقها استهداف سفارتي الإمارات ومصر بعبوتين ناسفتين في حادثتين منفصلتين.

وتعرض عدد من الشوارع في المدينة في منطقتي فشلوم وزاوية الدهماني إلى إغلاق جزئي من قبل شباب المنطقتين، الذين كانوا يحتجون على قبض الأجهزة الأمنية على تجار مخدرات وأصحاب سوابق فيهما، دون أن يستمر الإغلاق لأكثر من 6 ساعات بعد منتصف الليل.

إلا أن العاصمة هذه الأيام تشهد انتشاراً مكثفا لدوريات أمنية وعسكرية، ونقاط تفتيش في عدد كبير من أرجائها.

وتسيطر حكومة الإنقاذ الوطني برئاسة عمر الحاسي كسلطة تنفيذية على العاصمة ومناطق غرب البلاد، إضافة إلى أجزاء كبيرة من جنوبها، وهي حكومة منبثقة عن المؤتمر الوطني العام الذي يتنازع على الشرعية مع مجلس النواب والذي أصدرت فيه المحكمة العليا قرارا باطلا وغير قانوني.

وتمكن المؤتمر الوطني العام الفترة الماضية من إجبار الأمم المتحدة على الاعتراف به طرفا رئيساً في الحوار المرتقب الذي ترعاه بعثتها في ليبيا، وفرضه نقل جلسات الحوار إلى داخل ليبيا، ويحظى المؤتمر الوطني بدعم شعبي كبير في مناطق غرب البلاد، حيث إنه يستمد وجوده من الحراك الشعبي وتجمع ساحات الثورة وقوى سياسية واجتماعية، تخرج كل يوم جمعة تعلن تأييدها له وتستنكر ما يعرف بعملية الكرامة وتطالب بإسقاط "مجلس النواب".

ويسيطر المؤتمر على معظم مقرات مؤسسات الدولة الموجود معظمها في طرابلس، والتي تسيّر الشؤون الحياتية للمواطن الليبي، كما أن المؤتمر قد أوصى الحكومة باتباع سياسات تقشف بسبب وجود عجز تراكمي في الميزانية العامة بالدولة.

كل هذه الصراعات تلقي بظلالها على المواطنين في العاصمة الذين يغلب على كثير منهم عدم الاكتراث لما يدور من صراعات ميدانية على الأرض، ولا حتى في أروقة السياسة، مواطن أصبح همه قوت يومه وأهله.

ومع اقتراب ذكرى الثورة يبقى السؤال قائماً، هل ستحتفل طرابلس فرحاً بذكرى ثورة رفعت عنها الهم والبلاء والظلم الذي قبع على صدور أبنائها طيلة 42 عاماً؟ أم أنها ستلبي تلك الدعوات الداعية إلى تكرار سيناريو بنغازي المنكوبة؟

المساهمون