رهانات روسيا في ليبيا... وحدود دعم حفتر

رهانات روسيا في ليبيا... وحدود دعم حفتر

10 ابريل 2019
روسيا لم تخفِ يوماً تعاطفها السياسي مع حفتر (Getty)
+ الخط -
مع مواصلة قوات اللواء الليبي خليفة حفتر، هجومها على العاصمة طرابلس، تسعى روسيا إلى المناورة للجمع بين دعمه، وعدم رفع قيمة الرهان في بلد لا يشكل منطقة النفوذ المباشر لها، على عكس سورية.

وفي هذا الإطار، يرى الخبير في المجلس الروسي للشؤون الدولية، كيريل سيميونوف، أن موسكو قررت الرهان على حفتر في آخر لحظة، بعد أن توقّعت أن يكون هو المنتصر في المعركة، مرجحاً، في الوقت ذاته، ألا يخلو الدعم الروسي من المساومات مع أهم داعمي حفتر، السعودية والإمارات، مقابل أخذ مصالح حليف موسكو، بشار الأسد، في سورية بعين الاعتبار. ويقول سيميونوف، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنه "سيتم تقديم الدعم لحفتر في حدود تسمح بالعدول عنه في حال تراجعت مواقفه. وكلما تحسنّت أوضاعه، ازداد الدعم. لكن روسيا غالباً لن تتجاوز نطاق الدعم الدبلوماسي"، في إشارة إلى منع موسكو تمرير البيان البريطاني في مجلس الأمن المطالب بوقف تقدّم قوات حفتر.

وحول إمكانية استعانة روسيا بشركات عسكرية خاصة لدعم حفتر على غرار تجربتها في سورية، يوضح سيميونوف أنه "حتى الآن، لم يتم إثبات وجود شركات عسكرية خاصة روسية على الأرض في ليبيا. لكن حتى إذا كانت موجودة هناك، فعلى الأرجح لن تدعم عمليات الجيش الوطني الليبي ضد طرابلس، لأن ذلك سيحمل مخاطر للمصالح الروسية". ويقر بأن الموقف الروسي الداعم لحفتر لا يخلو من مساومات "اللعبة الكبرى في الشرق الأوسط"، قائلاً "تنتظر روسيا من الإمارات والسعودية أخذ مصالح الأسد بعين الاعتبار، ومزيداً من الخطوات نحو التصالح معه. صلات الرياض وأبو ظبي مع حفتر أقوى من صلاته مع موسكو".

من جهتها، تساءلت صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" عن مواقف مختلف الأطراف الدولية حيال حفتر وعملياته في طرابلس. وفي مقال بعنوان "لماذا لا يريد الغرب دعم حفتر؟"، تعتبر الصحيفة أن حفتر، بإطلاق حملته المفاجئة على طرابلس، رفع قيمة الرهان إلى كامل رأسماله العسكري والسياسي المتراكم منذ العام 2014. وتضيف أنه "في حالة النجاح العسكري، سيبسط حفتر، على سبيل المكافأة، السيطرة على كامل البلاد تقريباً وسينال لقب الديكتاتور. وفي حال فشله، قد يخسر كل شيء، ويبقى بلا حيز من الوقت لاستعادة مواقعه". وترى الصحيفة أن حفتر ارتكب خطأين، أولهما سوء تقديره لمواقف حلفائه، مثل فرنسا ومصر والإمارات، الذين لا يرغبون في إفساد العلاقات مع الآخرين من أجله، وثانيهما المبالغة في تقييم إمكاناته العسكرية التي لن تكفي لإلحاق هزيمة مرة واحدة بالعدو، فما بال بسط السيطرة الدائمة على أراضٍ واسعة. وتخلص "نيزافيسيمايا غازيتا" إلى أن "أغلب القوى الغربية لا تريد مساعدة حفتر، إذ يرى بعضهم فيه نسخة من معمر القذافي، بينما يفضّل آخرون فائز السراج الذي يعتبره كثيرون ناعماً وخاضعاً لإرادة الغرب".

بدورها، تحذر صحيفة "غازيتا رو" الإلكترونية من أن تؤدي الصراعات الليبية الداخلية إلى "مواجهة لا تقل نطاقاً عن الحرب في سورية"، في ظل وقوف مختلف القوى الإقليمية والدولية وراء أطراف النزاع. وتشير الصحيفة إلى أن روسيا لم تخفِ يوماً تعاطفها السياسي مع حفتر، مذكّرة بأن كبار المسؤولين الروس، بمن فيهم وزير الدفاع سيرغي شويغو، عقدوا محادثات معه مراراً. وذكّرت "غازيتا رو" أن روسيا لم تفرض حق النقض (الفيتو) لمنع التدخل العسكري الغربي من إسقاط القذافي في العام 2011، لكن الوضع تغير كثيراً منذ ذلك الحين في ظل تدهور العلاقات الروسية الغربية وبدء موسكو التدخل في النزاعات المسلحة خارج حدودها. وفيما يتعلق بالتداعيات الاقتصادية للتصعيد في ليبيا، ترى الصحيفة أن ارتفاع أسعار النفط يصب في مصلحة روسيا من جانب، لكن أعضاء الكونغرس الأميركي قد يعتمدون ورقة "التدخّل الروسي" لفرض عقوبات جديدة على موسكو من جانب آخر.

وحتى الآن، التزمت موسكو، على مستوى التصريحات الرسمية، حياداً تجاه التطورات في ليبيا، إذ أكد المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، توظيف روسيا كافة إمكاناتها المتاحة لـ"حث جميع الأطراف على الامتناع عن أي أعمال من شأنها التسبب في معارك دموية وسقوط سكان مدنيين". أما وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، فدعا، خلال زيارته إلى القاهرة السبت الماضي، كافة أطراف الأزمة الليبية إلى التوصل لاتفاق من دون تأثير الدول الأخرى على الوضع، مؤكداً في الوقت ذاته تواصل موسكو معها جميعاً.