السودان: ما الذي يؤخر تعيين حكام مدنيين للولايات؟

السودان: ما الذي يؤخر تعيين حكام مدنيين للولايات؟

19 ابريل 2020
خلافات بين مكونات "إعلان الحرية والتغيير" (أشرف الشاذلي/فرانس برس)
+ الخط -
تسببت خلافات بين مكونات تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير الحاكم في السودان، أمس السبت، في تأجيل تسمية حكام مدنيين في الولايات، وهي الخطوة التي ينتظرها الشارع بعدما تأخرت لأكثر من عام عقب الثورة.

وبعد سقوط نظام الرئيس المعزول عمر البشير، عيّن المجلس العسكري الانتقالي، العام الماضي، ولاة عسكريين لإدارة الولايات إلى حين تشكيل حكومة مدنية، وبعد توقيع الوثيقة الدستورية وتكوين الحكومة آلت صلاحيات التعيين لرئيس مجلس الوزراء، بالتشاور مع تحالف الحرية والتغيير، لكن العملية برمتها تأجلت انتظاراً لما ستفسر عنه المفاوضات مع الحركات المتمردة.

وطبقاً لجدولة زمنية، تم التوافق عليها الأسبوع الماضي بين مجلس السيادة الانتقالي ومجلس الوزراء، وتحالف الحرية والتغيير، فإنه كان يتوجب على رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، أمس السبت، الانتهاء من تعيين قائمة من ثمانية عشر مدنياً لتولي منصب ولاة الولايات بصورة مؤقتة إلى حين التوصل إلى اتفاق سلام مع الحركات المسلحة التي يتم التفاوض معها في جوبا.

لكن القرار لم يُتخذ بعد، في فشل جلي لاختبار الجدولة الزمنية التي تعهدت الأطراف بتنفيذها، والتي تبدأ بتعيين الولاة المدنيين.

ولم يصدر أي تصريح عن الأطراف الثلاثة لتوضيح أسباب التأخير، سوى ما ذكره البراق النذير، المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء، والذي أوضح أن التأجيل يعود إلى المشاورات التي يجريها عبد الله حمدوك بشأن التعيين.

ومن الواضح أن التأجيل تقف خلفه أسباب أكبر من عبارة المشاورات التي قالها المستشار الإعلامي، إذ يبدو أن الطرق مغلقة لإقناع الجبهة الثورية، وهى واحدة من التحالفات العسكرية التي يجري التفاوض معها، والتي ترفض من حيث المبدأ تعيين ولاة يتم تسميتهم بواسطة تحالف الحرية والتغيير، كما أنها تصر على تأخير التعيين إلى حين الاتفاق معها لتكون بعد ذلك جزءا من آليات الاختيار.

وخلال الساعات الماضية، جرت محاولات كثيفة شاركت فيها وساطة جنوب السودان لإقناع الجبهة الثورية بالخطوة، كأمر مهم للثورة والتغيير في البلاد، باعتبار أن استمرار الولاة الحاليين من العسكر لم يؤت أكله في تفكيك الدولة العميقة في الولايات، وكذا فشل العسكر في إدارة الولايات منذ تعيينهم بعد الثورة مباشرة، وقد ردت الجبهة بالموافقة على التعيين المؤقت، لكنها وضعت شروطا صعبة.

أهم تلك الشروط أن يتم الاختيار وفق أسس شفافة، ومعايير واضحة، تقدم الكفاءة والخبرة، والتنوع الإثني، ومشاركة المرأة، واللاحزبية، والقبول الشعبي، على الولاء الحزبي.

وأشارت الجبهة إلى أن التأكد من موافاة هذه المعايير والاشتراطات لا يتحقق إلا بأن تكون الجبهة الثورية شريكة في وضع أسس ومعايير الاختيار، وطرفاً في آلية اختيار الولاة وتشكيل المجلس التشريعي.

كما طالبت الجبهة الثورية بمراجعة كل ما تم الاتفاق عليه في الجدولة التي ذكرت أنها كتبت في غيابها، "رغم أنها شريك أصيل في صناعة الثورة، وفي عملية السلام، وعضو مؤسس في قوى الحرية والتغيير"، حسب ما جاء في خطاب أرسلته إلى الحكومة.



وهددت الجبهة الثورية حال إقدام الحكومة على تعيين الولاة وتعيين المجلس التشريعي بالانسحاب من مفاوضات السلام في جوبا، فيما حاولت بعض قياداتها إرسال رسائل تهديد لأخرى بالعودة للحرب. 

وإلى حد كبير، لم يكن موقف الجبهة الثورية مفاجئا لجهة أنها ثابتة عليه منذ فترة طويلة، واشترطته كتابة على الحكومة قبل بدء التفاوض معها في سبتمبر/أيلول الماضي، لكن أحزابا أخرى في الداخل من بين مكونات الحرية والتغيير رفضت أيضا القائمة المقترحة للولاة، باعتبار أنها أعدت على أساس المحاصصة الحزبية، واعتمدت على معايير أخرى غير الكفاءة، بل حتى رئيس الوزراء نقلت عنه بعض المصادر عدم رضاه التام عن القائمة التي تسلمها من الحرية والتغيير.

كما تجد القائمة اعتراضاً أكبر من المنظمات النسوية الموالية للثورة السودانية، لعدم ترشيح أي امرأة لمنصب الوالي، رغم أن المرأة كانت جزءا مهما في تحريك الشارع ضد نظام الرئيس المعزول عمر البشير.

مع تلك المواقف، ربما يضطر عبد الله حمدوك، بموافقة الحرية والتغيير، أو دونها، إلى إجراء تعديل كبير في القائمة المرشحة، ومن المنتظر أن ينعقد اجتماع، اليوم الأحد، لبحث المقترحات التي قدمتها الجبهة، وحسم الأمر بصورة نهائية.

دلالات