العلاقات الأردنية ـ الإيرانية: الجفاء والحماسة

العلاقات الأردنية ـ الإيرانية: الجفاء والحماسة

08 فبراير 2017
الصفدي: لا اتصالات مع إيران بشأن حدودنا الشمالية(صلاح ملكاوي/الأناضول)
+ الخط -
في الوقت الذي كان فيه وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، يتحدث اليوم الأربعاء، خلال مؤتمر في مقر الوزارة، عن عدم وجود قنوات اتصال مباشرة مع إيران، كان السفير الإيراني في عمّان، محبتي فردوس، يؤكد من مجلس النواب الأردني حرص بلاده على تطوير علاقاتها مع الأردن.

تثير العلاقات الأردنية الإيرانية الكثير من الجدل، فالأردن لا يتوقف عن بث العديد من الرسائل المندّدة تجاه إيران وسلوكها في المنطقة، لكن إيران لا تكفّ عن طلب ود المملكة، وعلى نحو يثير الكثير من علامات الاستفهام أحيانًا. 

وفيما لم يُعد الأردن سفيره إلى طهران منذ استدعائه في إبريل/نيسان 2016، للتشاور حول ما صدر عن مسؤولين إيرانيين من أقوال وأفعال، رأت فيها عمّان آنذاك "تدخلات مرفوضة في الشؤون الداخلية لدول عربية، وعلى الأخص دول الخليج العربي"، لا يزال السفير الإيراني يواصل نشاطه في تجاهل كبير للرسائل غير الإيجابية التي يوجهها صانعو القرار الأردني بعدم إعادة سفير المملكة إلى طهران.

كما يغفل السفير، ومن خلفه المسؤولون في طهران، عن قصد واضح، التصريحات الأكثر عدائية تجاه إيران ودورها في المنطقة، على غرار تلك التي أطلقها رئيس هيئة الأركان المشتركة الأردنية، الفريق محمود الفريحات، مطلع العام الجاري، وحذر فيها مما سماه "حزام بري إيراني" الذي قد يشكل جسراً بين إيران ولبنان عبر العراق وسورية.

وأيضاً، لم يجب الإيرانيون على تصريحات العسكريين الأردنيين، التي حذرت من خطر وجود المليشيات الإيرانية المشاركة في القتال داخل سورية على مقربة من الحدود الأردنية، واعتبارها خطراً داهماً.



"العربي الجديد" سأل وزير الخارجية الأردني، خلال المؤتمر الذي عقده مع نظيره المصري، سامح شكري، عن مخاوف المملكة من "الحزام الإيراني" الذي يقترب من الحدود، وإذا ما جرت تفاهمات مع إيران لضمان أمن الحدود الأردنية المتاخمة للجبهة الجنوبية السورية، فأجاب الوزير أن "حدودنا الشمالية، أولوية مطلقة، القوات المسلّحة وجيشنا العربي والأجهزة الأمنية قادرة على ضمان أمن المملكة وحماية حدودها. لا توجد اتصالات مباشرة مع إيران حول هذا الموضوع. نفعل كل ما هو ضروري من أجل مصالحنا الوطنية، وحماية حدودنا الشمالية".

جواب الوزير يعكس الموقف المتجذر في السياسة الأردنية، الرافض لأي تقارب مع إيران، التي تقف في الجبهة المعادية لحلفاء الأردن الخليجيين، وحتى الغربيين.

لكن، وفي توقيت حديث الصفدي نفسه تقريبًا، كان السفير محبتي فردوس يلتقي رئيس مجلس النواب الأردني، عاطف الطراونة، في مكتبه داخل المجلس، ويبحث معه تطوير سبل التعاون بين المملكة والجمهورية الإسلامية.

ونقل بيان صادر عن مجلس النواب في أعقاب اللقاء عن محبتي قوله: "لدى عمان وطهران مواقف مشتركة فيما يخص حل الأزمة السورية سلمياً".

ودأب محبتي، منذ تسلمه منصبه في الأردن في يوليو/تموز 2014، على التسويق لتطوير علاقات بلاده مع الأردن من بوابة السياحة، التي أطلق عليها سابقًا وصف "نفط الأردن"، طارحًا تنفيذ برنامج سياحي مشترك يتيح للإيرانيين زيارة مقامات مقدسة لدى الشيعة موجودة في مدينة الكرك الجنوبية.

ورغم رفض الأردن المعلن والمطلق للمشروع الذي ترى فيه "خطًا أحمر"، لم يتوقف السفير عن طرحه، وتسويقه لدى نخب وأحزاب أردنية نسج معها علاقات متينة.

أمام الجفاء الأردني والحماسة الإيرانية، لا يبدو أي تحسن في العلاقات واردًا في المدى المنظور، تعيدها حتى إلى مستوى "دبلوماسية المجاملة" التي حكمت العلاقة منذ الثورة الإيرانية.


دلالات

المساهمون