"العربي الجديد" في سيدي بوزيد بذكرى اندلاع الثورة التونسية

سيدي بوزيد تحيي ذكرى اندلاع الثورة التونسية: غضب حاضر من تجاهل السلطة

17 ديسمبر 2019
تحوّلت الذكرى إلى مهرجان سنوي (العربي الجديد)
+ الخط -
أحيا أهالي سيدي بوزيد، وسط تونس، الذكرى التاسعة لاندلاع شرارة ثورة الحرية والكرامة التي تفجرت في 17 ديسمبر/كانون الأول 2010، وسط يأس وإجماع بين غالبية مكونات المجتمع المدني، على أنّ الأزمة الاقتصادية والاجتماعية تفاقمت، وزاد الوضع احتقاناً وتردياً.
وكما خاض أهالي المنطقة بدايات الحراك الثوري سنة 2010 وحيدين معزولين، يحيون اليوم هذه الذكرى من دون حضور رسمي يُذكر، ووسط تجاهل من السلطة ورئاساتها الثلاث، باستثناء بعض نواب البرلمان عن الجهة.
ولم يجد أهالي سيدي بوزيد من متنفس للتعبير عن الغضب من تجاهل السلطة، إلا مقرّ "الاتحاد الجهوي للشغل"، حيث ألقى أمينه العام نور الدين الطبوبي كلمة مثقلة بالرسائل، على وقع الاحتجاجات وعويل أمهات الشهداء.

يجمع أهالي سيدي بوزيد على أنّ ثمار ثورة الحرية والكرامة لم يقطفها إلا السياسيون ورجال الأعمال، فيما بقي وضع المنطقة سيئاً، وتفاقمت فيها البطالة والتهميش، وغياب التنمية والاستثمار.
بمرارة بالغة يتذكر الأهالي احتراق جسد محمد البوعزيزي، وسقوط شهداء وجرحى في الحراك الاحتجاجي الذي مثّل انطلاق الثورة في البلاد، وما كان من السلطة المتعاقبة إلا أن تردّ الجميل بتخليد الذكرى بنصب تذكاري لـ"البرويطة" (العربة التي كان يعيش منها البوعزيزي وأحرق نفسه بعد أن أخذتها منه السلطة البلدية ورفضت إعادتها له)، وبمقرّ جديد وفخم لمركز المحافظة بعيد عن وسط المدينة، ومسيّج بأسوار منيعة، تفادياً لوصول الاحتجاجات إليه.



تحوّلت الذكرى إلى مهرجان سنوي يستقبل آلاف الزوار من أبناء سيدي بوزيد والمناطق المحاذية، والعشرات من عدسات الكاميرات التي جاءت لترصد حال المدينة وأرياف سيدي بوزيد.




وقالت نادية، وهي ناشطة في المجتمع المدني في سيدي بوزيد، قدمت لتحتفل بعيد الثورة لـ"العربي الجديد"، إنّ "الجهة رفعت شعار "شغل، حرية، كرامة وطنية"، فالشغل أب الحقوق، والضامن لكرامة الأفراد، ولا تزال الجهة تنادي بذات الشعارات". وأضافت أنّ "الحراك هدف إلى أن يتمتع المواطنون بحقوقهم المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، في حين أنّه لم يتجسّد، على أرض الواقع، من هذه الأهداف إلا القليل، أغلبها انتفع بها السياسيون الذين أثروا على حساب عموم التونسيين". واختتمت تصريحها بالقول إنّ "المنطقة لا تزال تترقب إيفاء السياسيين بوعودهم، وتراقبهم أيضاً، قبل أن ينتفض الأهالي من جديد".


من جهته، وصف محمد واقع الأمور بالقول إنّه "مع كل حكومة جديدة، أمل جديد يذهب معها، ويتجدّد إثر كل موعد انتخابي"، مضيفاً في حديث إلى "العربي الجديد" أن "المسؤولية تقع على عاتق الطبقة السياسية والأطراف السياسية التي تم انتخابها من أجل تحسين الأوضاع والسعي لجلب الاستثمار والتنمية إلى هذه الجهة".


ولا يختلف كثيراً رأي النائب عن الجهة عن "تيار المحبة"، عصام البرقوقي، الذي تحدث لـ"العربي الجديد" عن "الغياب التام لممثلي الدولة التونسية، رئاسةً وحكومةً وبرلماناً في هذا الموعد"، معتبراً ذلك "مجرد دليل إضافي على خيانة هؤلاء للشهداء والجرحى، ونكراناً للجميل لأصحاب الفضل في أنّ ما يعيشونه من ديمقراطية وحرية يعود لهذه المنطقة وغيرها من المناطق المهمشة".
ورأى البرقوقي أن "النخبة السياسية فشلت تماماً في تحقيق أهداف الثورة التي أهداها سكان هذه المناطق"، داعياً إياهم إلى "الحذر من نفاذ صبر الأهالي وغضبهم الذي سبق وأسقط أعتى الدكتاتوريات".

سعيد: ستتحقق مطالبكم
إلى ذلك، حذر الرئيس التونسي قيس سعيد، في خطاب من ساحة الشهيد محمد البوعزيزي بسيدي بوزيد، بمناسبة الذكرى التاسعة لاندلاع الثورة التونسية، من "مؤامرات تحاك في الظلام"، متحدثاً عن محاولات تحميله مسؤوليات الأزمات التي تعيشها المؤسسات.
وقال: "من يريد اليوم أن يعبث بالشعب التونسي فهو واهم، ولن يتحقق وهمه أبداً.. كل يوم يثيرون الأزمات ويحيكون المؤامرات، وأنتم تعرفونهم بالاسم، وتعرفون من يقف وراءهم في الظلام، وستتصدون لهذه المؤامرات لأنكم أحرار". وأضاف: "سأعمل على الرغم من المناورات التي تحاك في الغرف المظلمة على تحقيق مطالبكم كاملة.. أنتم طالبتم بالحرية، والشغل، والكرامة الوطنية، وستتحقق مطالبكم لأن الشعب يريد والشعب يفعل ما يريد".
وقال: "هناك من يعتقد أنّ كرسي الرئاسة هدف، لكنها مسؤولية، وسننجح في تحملها معاً".
وأعلن سعيد أنّ يوم 17 ديسمبر/كانون الأول من كل عام "سيكون يوم عطلة وعيداً وطنياً للثورة".

المساهمون