ساعات حاسمة في استحقاق النووي الإيراني

ساعات حاسمة في استحقاق النووي الإيراني

31 مارس 2015
تعثرت المفاوضات بسبب العقوبات (برندان سميالوفسكي/فرانس برس)
+ الخط -
تدخل المفاوضات النووية بين إيران والغرب، اليوم الثلاثاء، مرحلة الحسم التي تتيح إما التوصل إلى اتفاق أو العودة خطوات إلى الوراء، في ظل عدم اتضاح ما إذا كانت القوى الكبرى وإيران ستتمكنان من تذليل العقبات التي تعيق الانتقال إلى مرحلة الإعلان عن اتفاق نووي.

وكانت المفاوضات النووية قد تواصلت بين إيران والغرب، على مستويات عدة، منذ بدء جولتها الثانية، يوم الأربعاء الماضي، وحاولت جميع الأطراف التوصّل إلى اتفاق تمهيدي نهاية الشهر الحالي، وفقاً لاتفاق جنيف المؤقت، الذي ينصّ كذلك على إنهاء التفاوض وتوقيع اتفاق نهائي شامل وتفصيلي، مطلع يوليو/تموز المقبل.

وظهرت أولى العقبات، من خلال تصريح وزير الخارجية الأميركي جون كيري، أمس الإثنين، من أنه "ليس واثقاً من التوصل إلى الاتفاق المطلوب"، بينما أكد نظيره الروسي سيرغي لافروف، أن "الاتفاق ممكن". كما اعتبر مساعد وزير الخارجية، وأحد كبار المفاوضين الإيرانيين عباس عراقجي، أن "طهران أبدت المرونة اللازمة في محادثاتها".

وكان لافروف وصل متأخراً عشر دقائق إلى الاجتماع، الذي كان من المفترض أن يبدأ عند التاسعة صباحاً بتوقيت لوزان المحلي، وهو ما أثار امتعاض كيري، وظهر ذلك في الصور التي أبرزتها المواقع الرسمية الإيرانية، والتي أظهرت وجوهاً روسية وأميركية ممتعضة. وذكرت المواقع، أن "السبب يعود إلى خلافات جوهرية حول الاتفاق الإطاري مع إيران، فوجهات النظر بين دول السداسية التي تفاوض الطرف الإيراني، غير متطابقة أصلاً إزاء بعض القضايا".

اقرأ أيضاً: الداخل الإيراني يترقب ويحذر من نتائج لوزان

وكانت الأنباء قد تضاربت حول مغادرة وزير الخارجية الروسي لوزان، ومغادرة محتملة لوزراء خارجية بريطانيا وفرنسا وألمانيا، في ظلّ تساؤلات حول إمكانية توجّه جميع الوزراء إلى جنيف، للإعلان عن الاتفاق من مقر الأمم المتحدة هناك، أو الإعلان عن تمديد المفاوضات فترة جديدة.

واجتمعت منسقة الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي فيديريكا موغريني، أمس بلافروف في لقاءٍ ثنائي، قبل أن يلتقي الأخير نظيريه الألماني والفرنسي، فرانك فالتر شتاينماير، ولوران فابيوس على التوالي. كما شوهد لافروف يتنزّه مع كيري بعيداً عن العدسات، وهو ما اعتبرته وسائل إعلام الداخل الإيراني دلالات على وجود خلافات حقيقية.

وعلى الرغم من تباين الآراء بين الطرف الفرنسي المتشدد والروسي ـ الصيني الأكثر اعتدالاً والأميركي الباحث عن ضمانات حقيقية والساعي للاستفادة من الفرصة المتاحة وتوقيع اتفاق، إلا أن كل هذا لا ينفي وجود خلافات أخرى بين إيران وبقية الوفود.

وأفادت مصادر غربية عن وجود ثلاث عراقيل أساسية واجهت الجميع خلال مفاوضات أمس الشاقة، وتتعلق بمدة الاتفاق، وآلية إلغاء العقوبات المفروضة على إيران، وآلية التحقق من احترام طهران لالتزاماتها مستقبلاً.
وتُشير المعلومات الواردة من لوزان، إلى أن الولايات المتحدة ومن معها، يريدون اتفاقاً تزيد مدته على عشر سنوات، وقد تصل لعشرين عاماً، لكن إيران لا تريد الحدّ من نشاطها النووي لعقدين من الزمن، وتوافق على مدة أقصاها عشر سنوات، وفقاً لرئيس هيئة الطاقة الذرية علي أكبر صالحي. ويبدو أن مسألة المدة، شكلت إحدى العراقيل الصعبة التي شابت الطاولة.

وبدت المواقع الإيرانية أكثر حذراً في التعامل مع أنباء أمس، فلم تصدر أي تصريحات متفائلة أو إيجابية، ولم تتحدث غالبيتها عن تفاصيل أي اتفاق محتمل ولا عن تفاصيل الخلافات المصيرية، لكن وكالة أنباء "إيسنا" ذكرت أن "الأجواء الصباحية لاجتماع وزراء خارجية دول 5+1 مع الوفد الإيراني لم تكن إيجابية على الإطلاق".

ونقلت "ايسنا" عن مقرّبين من الوفد المفاوض الإيراني، قولهم إن "الخلاف بين روسيا والآخرين عموماً، والولايات المتحدة تحديداً، متعلق ببند إلغاء العقوبات على إيران". وتُفيد مصادر الوفد الإيراني، أن "طهران تريد إلغاء قرارات العقوبات الدولية المفروضة عليها من قبل مجلس الأمن، وتريد في الوقت عينه ضمانات تكفل عدم إعادة ملفها إلى المجلس، في كل مرة يتهمها طرف ما بعدم الالتزام بأي بند من بنود الاتفاق أو شكك بسلمية برنامجها النووي".
وتُضيف المصادر "هنا يبرز الخلاف الروسي مع بقية أعضاء السداسية، فهؤلاء يريدون فرض رقابة مشددة على طهران، وفي الوقت عينه يسعون لامتلاك حربة إعادة ملفها إلى مجلس الأمن في حال أثارت الشكوك، وهو ما يثير انتقاد الطرف الروسي الأكثر اعتدالاً على طاولة الحوار حاله كحال الطرف الصيني". بالنسبة لآلية "إلغاء الحظر"، فقد ذكرت مواقع إيرانية رسمية، أن "مقرّبين من الوفد المفاوض الإيراني، أكدوا وجود ثلاث قضايا عالقة، ومنها جدول إلغاء العقوبات الاقتصادية".

وأضافت أن "طهران تريد إلغاءً كاملاً وفورياً لكل أشكال العقوبات المفروضة عليها منذ عام 2005، سواء العقوبات الأميركية أو الأوروبية، أو تلك التي أقرّها مجلس الأمن، بينما يتحدث الغرب عن ضرورة وجود فترة تطول لسنوات لبناء الثقة، ليتأكد الجميع من سلمية برنامج إيران النووي، وتمنح إيران بالمقابل امتياز إلغاء بعض العقوبات تدريجياً، على أن يتمّ كل هذا خلال مدة تتراوح بين أربع وست سنوات".

من جهة ثانية، فإن الاتفاق على آلية الرقابة والتفتيش والتأكد من نشاط طهران النووي، شكّل ملفاً خلافياً آخر، فطهران أعلنت في السابق على لسان وزير الخارجية محمد جواد ظريف، موافقتها على توقيع اتفاق وتضمينه تحت الفصل السابع، في محاولة لمنح الثقة للطرف الآخر.

وانتقد المحافظون اقتراح "الفصل السابع"، لأنه يسمح بالتدخل عسكرياً ضد طهران إذا ما شكك أحد الأطراف بسلمية البرنامج النووي، وسألوا عن الضمانات الممنوحة بالمقابل، ويبدو أن الخلاف يتعلق أساساً بالضمانات.
في السياق، طالب رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو، إيران بالتوقيع على البروتوكول الإضافي من معاهدة "الحدّ من انتشار الأسلحة النووية"، وهو البروتوكول الذي يسمح بتفتيش فوري ومفاجئ خلال 24 ساعة لأي منشأة نووية. رفض الوفد المفاوض الموافقة على هذا الخيار، المشروط أساساً بقرار برلماني إيراني.

مع العلم أن التفاهم التقني حول منشأتي فردو ونطنز لتخصيب اليوارنيوم، ومفاعل آراك الذي يعمل بالماء الثقيل، بات قريباً، في إيجابية وحيدة بارزة في مفاوضات أمس، رغم ورود أنباء عن خلافات في هذ الصدد.
وتظهر مجريات يوم أمس، أن المفاوضات ستستمرّ لفترة طويلة، حتى الإعلان عن اتفاق إطاري، لكن المتحدث باسم البيت الأبيض، إريك شولتز، حافظ على الروح الإيجابية، بقوله "لن أفترض الفشل مسبقاً، وهذه المفاوضات ستستمر حتى اللحظة الأخيرة".

اقرأ أيضاً: إسرائيل تسلّم بالاتفاق النووي مع إيران

المساهمون