مجزرة اليمن: جرائم "التحالف العربي" ضد المدنيين بلا حساب

مجزرة اليمن: جرائم "التحالف العربي" ضد المدنيين بلا حساب

صنعاء

العربي الجديد

العربي الجديد
عدن

العربى الجديد

avata
العربى الجديد
24 ابريل 2018
+ الخط -
استغرق المسعفون اليمنيون بعض الوقت قبل أن يتمكنوا من إقناع أحد الأطفال بترك أبيه الذي كان يحتضنه بعدما سقط قتيلاً بجوار عشرات آخرين في منطقة الراقة، بمديرية بني قيس في محافظة حجة اليمنية، نتيجة غارات للتحالف العربي، ليل الأحد الاثنين، والتي أحالت حفل زفاف في أحد منازل المنطقة إلى مجزرة مروعة، لتنضم هذه الجريمة إلى سلسلة مجازر مماثلة نفذها التحالف منذ بدء الحرب قبل أربع سنوات وطاولت الأسواق ومجالس الزفاف والعزاء من دون أن يتحمل مسؤوليته عن أي منها.
وعلى الرغم من مرور ساعات طويلة على المجزرة لم يكن العدد النهائي للضحايا قد حسم. مصادر محلية في المحافظة قالت في حديث مع "العربي الجديد"، إن عدد القتلى والجرحى من إصابات متوسطة إلى خطيرة، بلغ أكثر من 50 قتيلاً وجريحاً، بمن فيهم أطفال ونساء وأفراد ينتمون إلى نفس الأسرة.
وتحدثت تقارير أخرى، بينها لقناة المسيرة التابعة للحوثيين عن مقتل 33 شخصاً. من جهته، أفاد مدير المستشفى الجمهوري في المحافظة (لم يحدد اسمه) إلى أنه من بين جرحى المجزرة 30 طفلاً حالات بعضهم حرجة، منها 3 حالات بتر أطراف. ودفع العدد الكبير للضحايا المستشفى الجمهوري لإعلان حالة الطوارئ وتوجيه دعوة عاجلة إلى المواطنين للتبرع بالدم، فيما اضطرت وزارة الصحة التابعة للحوثيين إلى فتح مستشفى ميداني نظراً لعدم قدرة المستشفى الجمهوري بالمحافظة على الاستيعاب.
وأظهرت الصور التي نُشرت من موقع القصف، هول المجزرة التي ضربت منطقة يسكنها بسطاء يتحدثون اللهجة "التهامية"، باعتبارهم ينتمون إلى مديرية محاذية لمحافظة الحديدة غربي البلاد.



وأصبحت المنطقة اليمنية الفقيرة في شمال غرب البلاد منطقة عزاء مفتوحة لأكثر من عائلة كانت تشارك بحفل الزفاف بعد أن تحول عدد من أفرادها إلى أشلاء بعضهم يصعب التعرف على جثته على الفور.
وكان لافتاً استهداف مديرية بني قيس لا سيما أنها لا تشهد في العادة أي نوعٍ من المواجهات المباشرة، التي قد تستخدم لتبرير المجزرة، وإن كانت محافظة حجة، بشكل عام، تعد من أبرز المحافظات التي تدفع ثمناً قاسياً في الحرب، بحكم موقعها على الحدود السعودية فضلاً عن كونها جزءاً من الساحل الغربي للبلاد.
وكالمعتاد فإن التحالف العربي الذي تقوده السعودية والإمارات، أعلن أنه سيجري تحقيقاً بالمعلومات الواردة. وقال متحدث باسم التحالف، لوكالة "رويترز" إنه يتم "التعامل مع هذا التقرير (سقوط الضحايا) بمنتهى الجدية وسيتم التحقيق فيه بالكامل كما كان الحال مع كل التقارير المماثلة". لكن التحقيق الذي سيشرع فيه المتهم نفسه، وبناء على تجارب سابقة، لن يفضي إلى تحمل التحالف أي مسؤولية عن جرائمه التي تتوالى.
فقبل ساعات من قصف حفل الزفاف في بني قيس قتلت غارتان، أسرة علي صديق، في مزرعة الجر، بمديرية عبس، بمحافظة حجة ذاتها، حيث قتل إلى جانب زوجته وأطفالهم الثلاثة. كما قتل، قبل أيام، ما يقرب من 18 مدنياً بقصف التحالف سيارة لمواطنين كانوا في أحد الأسواق في مديرية موزع، غرب محافظة تعز.
ومنذ بدء العمليات العسكرية للتحالف بقيادة السعودية، لا تكاد تخلو محافظة من المحافظات الشمالية والجنوبية الغربية من مجازر حتى بات من الممكن أن يتسبب صوت طائرة، بتفرقة المشاركين في حفل زفافٍ أو عزاء أو اي تجمع مدني من نوعٍ ما. وخلال العام الماضي، تداول يمنيون مقطع فيديو يلخص جانباً من الحقائق الأليمة، إذ صرح أحد المشاركين في حفل زفافٍ بوجود طائرة، فتدافع الحاضرون للهروب، كما أن التحالف أصبح قاتلاً متخصصاً بالتجمعات المدنية والحفلات ومجالس العزاء.
كما تعيد حادثة قصف حفل زفاف في حجة، مجزرة مشابهة، وقعت في محافظة ذمار جنوب صنعاء خلال العام 2015، عندما تعرض حفل زفاف في منطقة سنبان لغارات جوية، قتل وأصيب على إثرها ما يقرب من 50 شخصاً، بينهم ثلاثة من العرسان، مثلما أن التحالف استهدف بغارات جوية شهيرة، العديد من الأسواق ومجالس العزاء، أشهرها قصف "القاعة الكبرى"، في صنعاء في أكتوبر/تشرين الأول 2016.
وينظر اليمنيون إلى أن استمرار المجازر، دليل على حالة من "الاستهتار" أو "اللامبالاة" من قبل التحالف، بحياة المدنيين، بعد أن ذهبت مختلف المجازر السابقة، دون تحقيق أو إجراءات محاسبة للمسؤولين عنها.
في غضون ذلك لم يتردد الحوثيون في توظيف المجزرة، إذ دعت رابطة علماء اليمن، التابعة للجماعة كل قادرٍ على حمل السلاح إلى "الجهاد"، رداً على مجازر "العدوان". وقال بيان الرابطة "لا عذر لأي متخلفٍ وقاعدٍ عن الجهاد قادرٍ على حمل السلاح، ولا عذر لأي إنسانٍ يؤمن بالله واليوم الآخر عن النفير والانطلاق للجهاد في سبيل الله بالأموال والأنفس في سبيل نصرة المستضعفين".
في موازاة ذلك، دانت وزارة حقوق الإنسان التابعة للحوثيين بشدة الجريمة، معتبرة أن "استهداف طيران العدوان لحفل الزفاف في حجة عمل إرهابي تتحمل مسؤوليته القانونية الأمم المتحدة وهيئاتها وأجهزتها المختلفة". ودعت الوزارة في بيانها مبعوث الأمم المتحدة لليمن مارتن غريفيث والمجتمع الدولي والمنظمات الدولية إلى عقد جلسة عاجلة لمجلس الأمن لاتخاذ قرارات لإيقاف العدوان بشكل فوري ورفع الحصار الشامل على المنافذ البرية والبحرية والجوية.
كما جددت مطالبتها بتشكيل لجنة دولية مستقلة ومحايدة لتقصي الحقائق والتحقيق في كافة الجرائم والانتهاكات.
بدوره استنكر مجلس النواب، الذي يخضع عملياً لسيطرة الحوثيين، المجزرة المروعة، مشيراً إلى أن "هذه الجريمة ليست الأولى لتحالف العدوان الذي يواصل استهداف المناسبات الاجتماعية في ظل صمت دولي مخزٍ ومريب". كما دعا المجلس "الشعوب العربية والعالم والأمم المتحدة إلى "الاضطلاع بمسؤولياتها التاريخية والقانونية والإنسانية للتعبير عن موقفها بإدانة هذه المجازر التي ترتكبها دول العدوان بشكل يومي والعمل على الضغط على دول تحالف العدوان بقيادة السعودية لإيقاف الحرب بشكل عام وفك الحصار البري والبحري والجوي الجائر وفتح كافة المنافذ".
مع العلم أن المتحدث باسم مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان روبرت كولفيل سبق أن حذر قوات التحالف العربي في شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي من أنه إذا لم تتخذ الاحتياطات اللازمة في حالة بعينها، أو جرى استهداف مدنيين بشكل متعمد، فيمكن من غير ريب اعتبار ذلك "جريمة حرب". وتابع أن الأمر يعود إلى القضاء لتحديد ذلك لكن اليمن شهد الكثير من الأحداث المماثلة وسيكون من الصعب استبعاد وقوع جرائم حرب. كما سبق أن أعلن "مكتب مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان" (المفوضية السامية) في سبتمبر/أيلول 2017 أن الغارات الجوية التي شنتها قوات التحالف ما تزال "السبب الرئيس في سقوط ضحايا في صفوف المدنيين".
بدورها وثّقت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقريرها لعام 2018، الذي يتضمن مراجعة سنوية لحقوق الإنسان حول العالم خلال العام 2017، كيفية "استمرار التحالف بقيادة السعودية في حملته الجوية والبرية على اليمن بلا هوادة"، مشيرة إلى أن "التحالف نفذ عشرات الضربات الجوية العشوائية وغير المتناسبة على أعيان مدنية قتلت الآلاف من المدنيين في انتهاك لقوانين الحرب، بذخائر ما تزال الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وغيرها من الدول توفرها". ووثقت المنظمة "85 غارة جوية للتحالف تبدو غير شرعية، أدت إلى مقتل قرابة ألف مدني، وأصابت منازل وأسواق ومستشفيات ومدارس ومساجد. قد ترقى بعض هذه الهجمات إلى جرائم حرب".

دلالات

ذات صلة

الصورة
11 فبراير

سياسة

تحيي مدينة تعز وسط اليمن، منذ مساء أمس السبت، الذكرى الثالثة عشرة لثورة 11 فبراير بمظاهر احتفالية متعددة تضمنت مهرجانات كرنفالية واحتفالات شعبية.
الصورة
عيدروس الزبيدي (فرانس برس)

سياسة

أفادت قناة كان 11 العبرية التابعة لهيئة البث الإسرائيلي، مساء الأحد، بأن الانفصاليين في جنوب اليمن أبدوا استعدادهم "للتعاون مع إسرائيل في وجه تهديد الحوثيين".
الصورة

سياسة

خرج آلاف اليمنيين يوم الجمعة في مسيرات حاشدة في عدد من المحافظات نصرة للشعب الفلسطيني وتنديداً بالقصف والجرائم الوحشية التي يرتكبها الاحتلال الاسرائيلي بحق سكان قطاع غزة المحاصر.
الصورة
أطفال يمنيون في مركز صحي في اليمن (محمد الوافي/ الأناضول)

مجتمع

في قطاع صحي منهك من جرّاء تداعيات حرب اندلعت قبل نحو تسعة أعوام، يواصل اليمن مواجهة مرض الحصبة الذي أودى بحياة مئات الأطفال في خلال أشهر فقط.