العراق: أحزاب تسعى خلف الوجوه الجديدة لتفادي المقاطعة الشعبية

العراق: أحزاب تسعى خلف الوجوه الجديدة لتفادي المقاطعة الشعبية

20 مارس 2017
من الانتخابات التشريعية العراقية لعام 2014 (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -
تتسارع خطوات الكتل السياسية العراقية استعداداً لخوض الانتخابات المقبلة، في محاولة لتجاوز كل التحديات التي قد تواجهها، كمؤشرات عزوف شعبي عن المشاركة في الانتخابات، أو رفض تكرار انتخاب نفس الشخصيات التي انتخبتها في السابق. وهو ما دفعها إلى خوض تنافس جديد من نوعه على مستوى العراق، من خلال البحث عن وجوه جديدة تخوض بها الانتخابات بعد أن أصبحت الوجوه القديمة التي تناوبت على السلطة منذ عام 2003 مستهلكة في نظر الشعب العراقي، خصوصاً بعدما أثبتت فشلاً كبيراً في قيادة البلاد وأوقعته بأزمات متعاقبة.

في هذا السياق، تركّز كل كتلة انتخابية أو حزب على شرائح مختلفة في الشارع العراقي كأساتذة الجامعات وزعماء القبائل وشخصيات بارزة في العمل الإغاثي التطوعي، وقيادات في مليشيات "الحشد الشعبي" وأسماء بارزة فيها، أو في قوات العشائر التي تقاتل تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). ويتم استهداف تلك الشخصيات بحسب الحزب والكتلة وطابعها الطائفي والمناطقي، وهو ما يعتبر محاولة لإعادة التسويق لنفسها من جديد، متمسكة بأن تكون الحصة الأكبر من الكعكة العراقية لها وألا تذهب لغيرها. الأمر الذي دفعها للسعي إلى تغليف كتلها بوجوه شبابية جديدة، لتضفي عليها شيئاً من التغيير، بينما يعدّ مراقبون ذلك التوجّه تحايلاً على الشعب، الذي يحتاج إلى اقتلاع جذور الكتل السياسية المتجذّرة منذ عام 2003، واستبدالها بكتل ممثلة للشعب وعابرة للحدود الطائفية والإثنية، ما يعيد للبلاد شيئاً مما كانت عليه من قبل.

في هذا الإطار، رأى زعيم التحالف الوطني عمّار الحكيم، في مؤتمر له، أنّ "الوجوه الجديدة هي السبيل الأمثل لاستعادة الثقة بين القوى والمكونات السياسية والجمهور في العراق"، مؤكداً "أهمية تقديم وجوه جديدة مقنعة والتنافس عبر قوائم وطنية وتشكيل الأغلبية الوطنية في البرلمان المقبل". وشدّد على "ضرورة أن يكون العراق الساحة الأمثل لترتيب أوضاع المكونات العراقية، وأنّ رعاية أي دولة لأي مؤتمر ستكون من وجهة نظر ومصلحة تلك الدولة، وليس لمصلحة العراق"، لافتاً إلى أنّه "لا وصاية دولية على العراق، ولا عودة للمربعات الأولى والتنكر للتضحيات".

كما أكد سياسيون أنّ "الكتل الكبيرة تستقتل في سبيل بقائها في سدة السلطة في البلاد، وأنّها تعدّ تهديداً لأي تحالفات جديدة تهدف للتغيير السياسي للواقع المزري في العراق". وقال القيادي في التيّار المدني، حميد الزبيدي، إنّ "التيّار المدني والتيّار الشبابي يواجه صعوبات كبيرة قد تحول دون وصوله إلى طموحاته في تمثيل إرادة الشعب في الانتخابات المقبلة"، مبيّناً في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أنّ "الكتل الكبيرة أصبحت كالتماسيح بسبب ما حصلت عليه طوال السنوات السابقة من أموال وإمكانات ونفوذ، ما جعلها قوة كبيرة تقف بوجه أي محاولة للتغيير".


ولفت إلى أنّ "تلك الكتل بدأت سعيها لتجديد نفسها بوجوه جديدة، وهي تحاول أن تكسب وجوهاً جديدة تضعها في واجهتها في الانتخابات المقبلة، على اعتبار أنّها أحدثت تغييراً في كوادرها وطاقاتها، معتمدة على الشباب في رسم سياسات البلد". ويؤكد أنّ "ذلك هو التحدي الأكبر الذي نواجهه اليوم، على الرغم من صعوبة تلك الكتل في تهيئة وإعداد تلك الوجوه، لكنّها (الكتل) تتمتع بإمكانات مادية كبيرة بدأت بتسخيرها لأجل هذا المشروع".

وأضاف الزبيدي، أنّ "هذا المشروع التآمري على الانتخابات وعلى التغيير، يُعدّ أخطر مشروع على العملية السياسية في البلاد، وأنّه في حال نجح سيكون بمثابة طلقة الرحمة على أي خطوات للتغيير، وأنّه سيبقي الكتل الكبيرة مهيمنة على سلطة البلاد ومستحوذة على كل مقدراته وتسخّرها لتنفيذ مشاريعها المشبوهة والتي لم يحصل الشعب منها إلّا على الأزمات والمشاكل". ويرى أنّ "البلاد اليوم في حاجة إلى كتل جديدة وقيادات جديدة عابرة لمفهوم الطائفية والإثنية التي حكمت البلاد منذ 2003، والتي كلّفت الشعب العراقي الكثير من الخسائر والتي أرجعت البلاد إلى الخلف، بسبب ما أوقعته تلك السياسات بأزمات أمنية وسياسية واقتصادية".

بدوره، رأى عدنان الأسدي النائب عن ائتلاف "دولة القانون"، بقيادة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، أنّ "قانون الانتخابات المرسل من قبل رئاسة الجمهورية هو استهداف مباشر لرموز معينة ومحاولة لإسقاطهم". وبيّن في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "قانون الانتخابات صيغ بصياغة استهدفت بشكل مباشر الشخصيات التي حصلت على أصوات عالية جداً، وهم نوري المالكي وأسامة النجيفي وإياد علاوي، وهو يحرم القائمة من أصواتها". وأشار إلى أنّه "جاء أيضاً ليتساوى الفائزون بكل القوائم، أي من حصل على 800 ألف صوت سيتساوى مع من حصل على 10 آلاف صوت". ويلفت إلى أنّ "المالكي لم يطّلع على القانون، وأنّ هذا القانون غير المنصف سيرفض حتماً من الكتل السياسية".

من جهته، اعتبر الباحث في مركز بغداد للدراسات، وليد نعمة في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "الظاهرة تعتبر جديدة في العراق ولأول مرة نلاحظها بهذا الشكل". وأردف أن "البحث عن الوجوه الجديدة بات سمة بين الأحزاب، ويصدف أن شخصية واحدة يفاتحها أكثر من حزب أو جهة. وهذا يدل على أن أعضاء البرلمان أو أعضاء مجالس المحافظات منقادون للحزب ولن يكونوا بالضرورة ممثلين عن الشعب وهو خداع بنفس الوقت". ويردف بأن "سحب المرجعية الدينية نفسها من رعاية أي حزب أو كتلة بهذه الانتخابات كان أحد أسباب ظهور تلك المنافسة".

وكشف أنه "من غير المستبعد حصول تغيير في نتائج انتخابات هذه الدورة الانتخابية للبرلمان أو مجالس المحافظات بسبب ذلك، فالأحزاب تستشعر تراجع شعبيتها وحنق الشارع عليهم ومحاولاتهم تلك دليل ذلك. وينبغي على الشارع الانتباه لذلك. كما أنه ينبغي للشرائح المستهدفة من قبل الأحزاب الترشح منفردة خير لها من أن تحرق نفسها مع أحزاب مجربة من قبل الشارع وثبت فشلها".