الضالع ساحة عنف: صاروخ حوثي يُدمي المدينة

الضالع ساحة عنف: صاروخ حوثي يُدمي المدينة

30 ديسمبر 2019
تبدو الضالع واحدة من أكثر الجبهات سخونة (Getty)
+ الخط -
لم تمضِ سوى أيام على الأحداث التي شهدتها مدينة الضالع جنوبي اليمن، من هجمات استهدفت المنظمات الإغاثية، حتى كانت المدينة، أمس الأحد، ساحة لهجوم دامٍ، لكنه هذه المرة بصاروخ باليستي لجماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، استهدف عرضاً عسكرياً بعد انتهائه، لتبدو المدينة اليمنية، التي تُوصف بـ"بوابة الجنوب" ساحة لعنف متعدد الأطراف، يترافق مع ظروف اقتصادية صعبة، تعانيها غالبية سكان المحافظة. وأكدت مصادر محلية وأخرى عسكرية قريبة مما يُعرف بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي" لـ"العربي الجديد"، سقوط 31 شخصاً بين قتيل وجريح، جراء الانفجار، الذي وقع ظهر أمس الأحد، في ملعب "الصمود" في مدينة الضالع، مركز المحافظة التي تحمل الاسم نفسه، بحصيلة ستة قتلى و25 جريحاً، بينهم أطفال، كانوا في الملعب، في أعقاب عرض عسكري لمناسبة تخرج إحدى دفعات القوات الموالية لـ"الانتقالي" في المدينة.

وفي الوقت الذي أفاد فيه المتحدث العسكري لمحور الضالع فؤاد جباري، بأن الانفجار وقع بعد انتهاء العرض العسكري، وأن الضحايا من المدنيين، أكدت مصادر متطابقة أن الصاروخ سقط بعد مغادرة أغلب القيادات التي حضرت حفل التخرج، فيما تحدثت بعض المصادر عن سقوط صاروخ آخر على بعد نحو كيلومتر من الملعب الذي تعرض للاستهداف. وأشار بيان المتحدث العسكري لمحور الضالع إلى أن الصاروخ أطلقه الحوثيون من جبل يُسمى "ظهر الحمار"، قرب "شعب الحمراء" شرق مدينة دمت، وأدى إلى دمار في مقصورة الملعب، وهو ما يشير إلى أن الصاروخ من نوع قصير المدى، أطلق من الأجزاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين في المحافظة ذاتها التي تشهد معارك متقطعة منذ سنوات. وجاء تحديد موقع إطلاق الصاروخ، في بيان "محور الضالع" للقوات الموالية لـ"المجلس الانتقالي"، ليقطع الشك باليقين بشأن أسباب الانفجار، بعد أن ترددت معلومات عن وقوعه بسبب سيارة مفخخة.

وعلى الرغم من أن الصور أشارت إلى وقوع ضحايا مدنيين، ومن أن الصاروخ وقع بعد انتهاء الحفل، إلا أن موجة انتقادات توجّهت إلى القيادات العسكرية والأمنية المسؤولة عن العرض، اعتبرت أن إقامة أي نوع من الاحتفالات العلنية، في وقت لا تزال المعارك فيه شبه متواصلة، هو بمثابة تضحية بأرواح المجندين، خصوصاً أنها ليست المرة الأولى التي يستهدف فيها الحوثيون فعاليات عسكرية، وسبق أن تمكّنت الجماعة من استهداف عرض عسكري في مدينة عدن منذ شهور.

من زاوية أخرى، جاء القصف الحوثي لأهداف في مدينة الضالع ليسلط الضوء مجدداً على الأوضاع الأمنية التي تعيشها هذه المحافظة، التي يصفها البعض بـ"بوابة الجنوب"، إذ إن الأجزاء الشمالية والغربية من المحافظة تشهد مواجهات لا تكاد تهدأ حتى تعود منذ سنوات. لكن التصعيد شهد تطوراً نوعياً خلال عام 2019، بتحوّل المحافظة من جبهة مواجهات ثانوية، إلى صدارة الأحداث. وتنقسم الضالع أساساً إلى مديريات كانت جزءاً من المحافظات الجنوبية قبل توحيد البلاد في عام 1990، وهي الأجزاء التي فَقَد الحوثيون السيطرة عليها منذ سنوات، وأجزاء أخرى محاذية للمحافظات الشمالية احتفظت الجماعة بالسيطرة على أجزاء منها، وسعت إلى التقدّم منتصف العام الحالي، قبل أن تستقدم القوات الحكومية تعزيزات لإيقاف تقدّم الجماعة. كذلك دخلت على خط المعركة قوات موالية للانفصاليين من تشكيلات "الحزام الأمني"، لتبدو الضالع واحدة من أكثر الجبهات المشتعلة بمواجهات تهدأ في حين وتتصاعد في أحيان أخرى، مقارنة بجبهات أخرى تراجعت وتيرة المعارك فيها، منذ عام على الأقل.

وإضافة إلى المعارك مع الحوثيين، كانت الضالع أخيراً في صدارة الأحداث مع الهجمات التي نفذها مسلحون متشددون ضد مقرات للمنظمات الدولية العاملة في المدينة، لتدفع الوضع الأمني والسياسي المتأزم أصلاً إلى مزيد من التوتر، الأمر الذي يدفع ثمنه المدنيون بالدرجة الأولى، في محافظة لا تحظى ببنية تحتية واهتمام حكومي، كما هو حال بقية المحافظات الجنوبية الساحلية في البلاد. وكانت مصادر محلية متطابقة قد قالت لـ"العربي الجديد" إن أصابع الاتهام بشأن الهجمات التي شهدتها مدينة الضالع تتجه نحو جماعة سلفية متشددة تابعة للقيادي في "المقاومة" رشاد السلفي الضالعي، بعدما تبنّت خطاباً معادياً لدور المنظمات الإغاثية، لكنها نفت تورطها بالهجوم على مقرات هذه المنظمات. وكانت الهجمات قد استهدفت مقرات ومكاتب تابعة لمنظمات إغاثية، أبرزها "أكتد" الفرنسية، و"أوكسفام" البريطانية، إلى جانب لجنة الإنقاذ الدولية.