ماثيو تولر... سفير أميركي في العراق بمهمة مواجهة إيران

ماثيو تولر... سفير أميركي جديد في العراق بمواصفات محارب ضد إيران

14 نوفمبر 2018
كان تولر (وسط الصورة) سفيراً للولايات المتحدة بالكويت(فرانس برس)
+ الخط -
في خطوة متماهية مع السياسة الأميركية في الشرق الأوسط، من المنتظر أن يتولّى ماثيو تولر، مرشح الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وسفير الولايات المتحدة الحالي في اليمن، المنصب نفسه ولكن في العراق، ليثبت توجهات الإدارة الأميركية الحالية في ما يتعلّق بالشؤون العراقية والعقوبات الاقتصادية على إيران، بحسب مسؤولين عراقيين. وأعلن البيت الأبيض مطلع الشهر الجاري، في بيان أن تولر سيخلف، حال تعيينه، دوغلاس سيليمان الذي أمضى قرابة عامين في منصب السفير في بغداد.

وتولر هو سفير الولايات المتحدة في اليمن منذ عام 2014، كما كان سفيراً لبلاده لدى الكويت بين عامي 2011 و2014، وسبق له أن عمل في سفارات واشنطن في القاهرة وبغداد والكويت والرياض، حيث تنقّل بين مناصب مختلفة. وبحسب بيان البيت الأبيض، فإنّ تولر "عمل في وزارة الخارجية الأميركية نائباً لمدير مكتب شمال الخليج ومسؤولاً بمكتب مصر"، لافتاً إلى أنه "يجيد اللغة العربية، ويحمل شهادة بكالوريوس من جامعة بريغام يانغ، وشهادة ماجستير من جامعة هارفارد، وحاصل على جائزة SIA المخابراتية وجائزتين فخريتين رئاسيتين، وجائزة بيكر ويلكنز من وزارة الخارجية". كما أنّ تولر عضو في السلك الدبلوماسي الأميركي الأقدم برتبة "وزير مستشار"، وعمل قبل ترشحيه لمنصب السفير الأميركي في العراق، كمستشار سياسي في سفارة الولايات المتحدة في بغداد، ونائب رئيس البعثة الدبلوماسية في السفارة الأميركية في الكويت، وكذلك نائب رئيس البعثة في السفارة الأميركية في القاهرة، بالإضافة إلى توليه منصب مستشار الشؤون السياسية في سفارة أميركا بالرياض، ونائباً للسفير في الدوحة.

إلى ذلك، رأى مراقبون ومحللون سياسيون عراقيون أنّ ترامب اختار تولر "كونه أكثر المنتقدين للسياسات الإيرانية ونفوذ طهران في العراق وسورية والمنطقة العربية، وأنه مستمع جيّد لخطاب ترامب، وكان كثير العمل على إرضاء الرؤساء الأميركيين خلال فترات عمله في سفارات بلده في البلدان العربية"، لافتين في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أنّه "خلال فترة عمله في اليمن، انتقد تولر كثيراً سياسة إيران في دعم الحوثيين، وهو الأمر الذي سيقوم على تثبيته بالنسبة لمليشيات الحشد الشعبي المقربة من المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، بالإضافة إلى إرساء مبادئ أميركا لتعميم وتثبيت التزام العراق بقرار العقوبات الاقتصادية على إيران".

ولتولر تعليقات هاجمت إيران في مناسبات عدة، وخصوصاً بشأن تحركها في اليمن، بالإضافة إلى مهاجمته مليشيا "الحوثي"، فقد قال في تصريح سابق إنّ "حكم الحوثيين في المناطق التي يسيطرون عليها، هو حكم وحشي بالنسبة للشعب اليمني"، فيما شدّد في تصريحات قبلها على أنّه "لا تهاون مع مساعي إيران لفرض هيمنتها في اليمن".

وفي السياق، قال مسؤول في الحكومة العراقية، في حديث مع "العربي الجديد"، أمس الثلاثاء، إنّ "هناك ترقّبا لخطوة ترامب المتمثّلة بتسمية تولر سفيراً للولايات المتحدة في بغداد، فهو معروف من قبل قيادات الصف الأول بالعملية السياسية في العراق، وكان موجوداً بعد الاحتلال الأميركي وشارك بترتيب بعض الملفات"، مبيناً أنه "شرس جداً ضد إيران، وقد يكون وصف فترة وجوده في بغداد بالمريحة غير صحيح، فالسفير الحالي دوغلاس سيليمان شخص مسالم، لكن الجديد يمكن وصفه بالسفير الحربي".

وأشار المسؤول إلى أنّ "هناك توجّها لدى الأميركيين نحو تغيير كامل طاقمهم في العراق بعد نتائج ومكاسب متواضعة حققوها خلال مفاوضات تشكيل الحكومة وتسمية رئيس البرلمان والجمهورية". وبحسب المسؤول نفسه، فإنّ "المزاج العام في بغداد قلق بعد تسمية تولر ويرى أنّ ترامب ماضٍ بدفع العراق نحو الصراع مع إيران"، مبيّناً أن، "من المتوقّع أن تتخذ الولايات المتحدة مع بداية عمل السفير الجديد، جملة من الإجراءات في العراق، تتمثّل برفع التصعيد تجاه إيران، وزيادة الضغط على بغداد للالتزام بالعقوبات الأميركية على طهران، بالإضافة إلى تحجيم دور فصائل ومليشيات الحشد الشعبي المدعومة إيرانياً، وتقوية المسار السياسي بين العراق والولايات المتحدة".

وأوضح المسؤول دور السفير الجديد في تحجيم دور المليشيات ومنع التطبيع مع إيران، قائلاً إنّ "الرئيس الأميركي يعرف أنّ للعراق خصوصية تتعلّق بالنفوذ والوجود الأميركي فيه، ومن خلال هذه النقطة، لا يتعامل مع العراق بمثل ما يتعامل مع باقي الدول"، مضيفاً أنّ "الفصائل التابعة لإيران في العراق ستُحاصر، ولن تستطيع التطاول على السفير الجديد، بسبب تراجع الكيانات السياسية الشيعية الداعمة للفصائل على المستوى الشعبي. حتى أنّ طهران لن توجه الفصائل الموالية لها لمواجهة السفير الجديد، لأنها تقرأ المعطيات قراءة جيدة وهي تعرف أنّ لا جدوى بالاشتباك مع أميركا، في ظلّ ظروفها الاقتصادية الحالية، وبالتالي ستميل بوصلة الفصائل إلى العمل السياسي أكثر ومعاملة إيران بالحسنى بدون الإذعان لها".

بدوره، قال الباحث والخبير في الشأن السياسي العراقي، إياد الدليمي، إنّ ترشيح تولر "يأتي متناغماً مع الحملة الأميركية ضد إيران، فالرجل خدم في العديد من الدول العربية ومن بينها العراق، إبان مرحلة الاحتلال الأميركي، وهو معروف بمواقفه المناهضة لإيران. كما أن عمله سفيراً سابقاً في اليمن جعله على دراية أوسع بالتغلغل الإيراني في المنطقة". كذلك، بيّن الدليمي في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ ترشيح السفير الجديد "يوكّد أنّ إدارة ترامب ماضية في مشروعها الهادف لمحاصرة إيران، والأهم الآن كيف سيتمكّن تولر من لملمة شتات العملية السياسية المبعثرة والتي أصبحت رهناً لسياسات إيران؟". وأضاف الدليمي "المهمة لن تكون سهلة حتى لو امتلك تولر المؤهلات اللازمة لذلك، فهو سيحتاج إلى دعم بلاده له على الأرض، وهو الأمر الذي مازال يصعب على أميركا تحقيقه". وختم الدليمي بالقول "نعم تولر سفير برتبة محارب، غير أنّ سلاحه سيكون معنوياً وليس مادياً".

وفي الإطار ذاته، اعتبر النائب في البرلمان العراقي رامي السكني، وهو أحد أعضاء كتلة "سائرون"، أنّ "تغيير السفير يعني أنّ ثمة استراتيجية أميركية جديدة"، مضيفاً في حديث مع "العربي الجديد"، "نريد أن تكون لنا ساحة سياسية مستقلة لبناء البلد ووقف جعله ساحة احتراب سياسي للغير"، معتبراً أنّ "دول الجوار كلها أضرّت بالعراق واستخدمته كورقة لصالحها لا لصالح الشعب العراقي، ويجب أن يمنع أي استغلال للورقة العراقية في أي صراع من أي نوع، حالياً ولاحقاً".

أمّا القيادي الكردي وعضو البرلمان العراقي، ريبوار طه، فأكد لـ"العربي الجديد"، "حاجة العراق إلى أن تقوم الحكومة والبرلمان بجهد مضاعف في مجالسة كل الأطراف المعنية وإبلاغهم برسالة مفادها بأن يتفهموا وضع العراق الحالي وأن يبعدوه عن الصراع"، مضيفاً "يجب ألا نتورّط بهذا الصراع، ومهمّة الساسة والمسؤولين اليوم هي الابتعاد قدر الإمكان عنه، فتكون المواقف لا سلبية ولا إيجابية اتجاه دول الصراع، ولا يكون لنا في الوقت نفسه، دور في حصار الإيرانيين". واعتبر طه أنّ "العراق بحاجة لأميركا ولدول الجوار وهنا تكمن حراجة الموقف".

دلالات