"داعش" يدخل تدمر ومعركة أريحا تقترب

"داعش" يدخل تدمر ومعركة أريحا تقترب

21 مايو 2015
حققت المعارضة انتصارات متلاحقة أخيراً (الأناضول)
+ الخط -
تتوالى خسائر النظام على مختلف جبهات القتال مع فصائل المعارضة المسلحة، وسط انهيار شبه تام لمعنويات جنوده، فيما يستغل تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) الوضع، محاولاً السيطرة على مدينة تدمر الاستراتيجية، التي يستطيع من خلالها قطع آخر خطوط إمداد النظام إلى دير الزور، وفتح جبهة باتجاه كل من ريفي حمص وحماة الشرقيين.

وسيطر "داعش" على تدمر بالكامل، بعد ظهر أمس الأربعاء، بعد هروب جيش النظام وإخلاء مواقعه ونزلاء السجن المرعب بعد سقوط فرع أمن الدولة ومديرية المنطقة في المدينة وفرع الأمن العسكري. ويُعدّ فرع الأمن العسكري ومحيطه، من أهم النقاط الاستراتيجية للنظام، وهو موقع محصّن بشكل كبير ويُبعد نحو تسعة كيلومترات شمال غربي تدمر، ويحتوي على مستودعات ضخمة من الأسلحة والذخائر.

وكانت قوات النظام قد نقلت، يوم الثلاثاء، أعداداً كبيرة من معتقلي سجن تدمر إلى فرع الأمن العسكري في المدينة، في خطوة اعتبرها ناشطون سوريون، بمثابة مرحلة أولى قبل زجّهم في المعركة ضد "داعش". ويخوض "داعش" اشتباكات عنيفة في المنطقة، سعياً وراء فتح جبهة مع قوات النظام، في كل من ريفي حمص وحماة الشرقيين، والتوجّه إلى مناطق سيطرة المعارضة السورية في منطقة القلمون الشرقي، انطلاقاً من بادية تدمر. وينوي بذلك فتح طريق يصل مناطق سيطرته شرق سورية، بمناطق سيطرته في منطقة بير القصب شرق دمشق، وفي ضاحية الحجر الأسود ومخيم اليرموك جنوبها.

وفي محافظة إدلب، ومع سقوط معسكر المسطومة في ريفها، والذي كان يُعتبر من أكبر القلاع العسكرية للنظام في المحافظة، تكون قوات المعارضة قد سيطرت بالفعل على أكثر من تسعين في المائة من مجمل المحافظة. وتشير كل التقديرات، إلى أن "الوجود العسكري لقوات النظام بات بحكم المنتهي تقريباً، وما تبقّى من مواقع ومراكز، إما ساقطة عسكرياً مثل مدينة أريحا، أو مجمّدة وفاقدة للفاعلية مثل مطار أبو الظهور، أو لها وضع خاص، وتحتاج إلى تسوية ما، مثل قريتي كفريا والفوعة. وتتمركز الفاعلية العسكرية الحقيقية للنظام الآن في سهل الغاب، وفي ما تبقى من حواجز عسكرية بين مدينتي أريحا وجسر الشغور".

اقرأ أيضاً: سجناء تدمر... جحيم النظام وعبودية "داعش"

وباتت "معركة أريحا" قريبة، وفقاً للمعارضة، وهي تبعد عن مدينة إدلب حوالي 13 كيلومتراً، وقد حصّنتها قوات النظام بشكل جيد، بعد أن استعادت السيطرة عليها من يد مقاتلي المعارضة، الذين سيطروا عليها لفترة وجيزة في وقت سابق.

وتتواجد داخل المدينة حواجز ومراكز أمنية لقوات النظام ومليشيا "الدفاع الوطني"، أهمها المستشفى الوطني وحاجز جسر أريحا. وباتت مجمل المراكز الأمنية داخل المدينة مكشوفة كلياً من جهة الشرق، وجزئياً من جهة الجنوب بواسطة جبل الأربعين، الذي سيطرت عليه المعارضة المسلّحة منذ أيام، بعد إسقاطها حاجز قصر الفنار.

وفي مقابل المعنويات العالية لقوات المعارضة، بسبب انتصاراتها المتوالية في الأسابيع الأخيرة، تعيش قوات النظام حالة شبه انهيار، في ظلّ عدم قدرة النظام على استعادة أو إنقاذ المناطق التي خسرها، ما جعل الخلافات تحتدم بين القوى المسيطرة في أريحا، من قوات نظامية ودفاع وطني، فضلاً عن وجود محتمل لمقاتلي "حزب الله" اللبناني.

وفور الانتهاء من أريحا، من المرجح أن يكون طريق اللاذقية، هو الهدف التالي بما يضمّه من ثكنات وحواجز، أهمها حاجز القياسات قرب بسنقول، الذي طالما قصف أهالي ريف إدلب خلال السنوات الثلاث الماضية. ويبدأ هذا الطريق من القياسات وبسنقول وصولاً إلى تل حمكة، وبعدها قرية فريكة. ويحمي الطريق عدداً من الحواجز الواقعة على تلال الشيخ خطاب والمشيرفة والمنطار وجنة القرى، وسقوطه يعني فتح طريق المعارضة نحو اللاذقية وحماه.

وتتمتع فريكة بأهمية استراتيجية، وتُعدّ نقطة ربط بين محافظات إدلب شمالاً، واللاذقية غرباً، وحماة جنوباً. وعندها ينتهي طريق اللاذقية من جهة إدلب، ليتصل بسهل الغاب، وصولاً إلى جورين بريف حماه، ومن ثم صلنفة في بداية قرى اللاذقية.

وتُعدّ فريكة نقطة تجمّع لقوات النظام وإمدادها في نقاط وحواجز طريق اللاذقية، ومنها انطلقت مجموعات المؤازرة لمستشفى جسر الشغور، قبل أن يردّها عناصر "جيش الفتح" ويكبّدها خسائر فادحة، الأسبوع الماضي. وحشد النظام في فريكة قوات نظامية وميليشيا دفاع وطني استقدمها من الساحل، فضلاً عن بعض العناصر اللبنانية والإيرانية. ويحمي ظهر القرية محطة زيزون الحرارية لتوليد الكهرباء، التي سيطرت عليها المعارضة الأسبوع الماضي، قبل أن تستعيدها قوات النظام، بسبب صعوبة البقاء فيها، ما دامت فريكة تحت سيطرة النظام.

وتتصل فريكة بقرية القرقور في بداية سهل الغاب، عبر طريق مباشر بطول 4.5 كيلومترات، ومن القرقور يُؤمن النظام الإمداد إلى قواته داخل فريكة عبر طريق آخر، يصل القرقور بقرية جورين في ريف حماة الشمالي، التي تضمّ أحد أكبر معسكرات قوات النظام في الريف الحموي الغربي.

كما من المتوقع أن تشتد المعارك على مطار أبو الظهور، وهو آخر المطارات في محافظة إدلب، ويقع في ريفها الشرقي، وتُحاصره المعارضة منذ أكثر من سنتين، ولا طريق إمداد له سوى بالجوّ. لذلك شدّد مقاتلو المعارضة حصارهم له أخيراً، بعد سيطرتهم على القرى القريبة منه مثل الحميدية، وتل سلمو. ويقع المطار في منطقة صحراوية، شرق مدينة سراقب، ويستخدم بشكل أساسي كقاعدة انطلاق للطائرات المروحية، التي يعتمد عليها النظام بشكل كبير في قصف معاقل مقاتلي المعارضة في شمال سورية.

وتوقع متابعون "انهيار قوات النظام الموجودة في المطار، وأن تواجه الموت أو الاستسلام، لأن انسحابها إلى الشرق يعني وقوعها بيد تنظيم الدولة، إلا إذا حصلت معجزة واستطاعت سلوك طريق خناصر وصولاً إلى حلب، أو عن طريق قوارب تقطع بحيرة السيحة المجاورة للمطار".

اقرأ أيضاً: المعارضة السورية تسيطر على معسكر المسطومة الاستراتيجي في إدلب