وقاحة روسيا وصمت العالم

وقاحة روسيا وصمت العالم

25 سبتمبر 2016
تسعى روسيا لتمكين النظام من حسم المعركة(إبراهيم إيبو ليث/الأناضول)
+ الخط -
على الرغم من دخول حربهم في سورية سنتها الثانية تحت شعار محاربة الإرهاب، إلا أن الروس يثبتون من خلال أدائهم على الأرض وبالسياسة أنهم قد دخلوا سورية كقوة احتلال تستخدم النظام وقواته العسكرية وبعض الأدوات السورية الأخرى ممن يحسبون على المعارضة، كأدوات في تحقيق أهدافهم الاستعمارية وبأداء لا يقل وقاحة وإجراماً عن أداء تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، الذي يشكل الذريعة التي دخلت روسيا بسببه. وعلى الرغم من أن الهدف العام للتدخل الروسي يمكن تلخيصه بأن الروس يسعون لإنتاج نظام في سورية ولاؤه روسيٌّ، ويمكنهم من خلاله تحقيق كل مصالحهم الاستعمارية، سياسياً واقتصادياً، إلا أن الطريق الذي يسلكه الروس في تحقيق هذا الهدف بدأ يأخذ منحىً أقرب إلى سلوك العصابات منه إلى سلوك الدول، واستخدام المواطنين العزل ليس كوسائل للضغط العسكري وتصفية الحسابات السياسية فحسب، بل واستخدامهم كوسائل لتجريب أكثر أنواع الأسلحة تطوراً في العالم واختبار قوتها التدميرية على المباني السكنية التي تأوي مواطنين معظمهم من الأطفال والنساء.

ويبدو أن حملة الروس الوقحة على سكان القسم الشرقي من مدينة حلب وحرب الإبادة التي بدأتها روسيا مع قوات النظام بحق السكان المدنيين، قد جاءت كنتيجة للخلاف مع الأميركيين على الملف السوري وتفاصيل عملية وقف الأعمال العدائية التي أعلن الطرفان أنهما توصلا إليها تمهيداً لحل سياسي، والتي وجد فيها الروس فرصة لإقناع الأميركيين بفصل التنظيمات المتطرفة من وجهة نظر موسكو عما تعتبره معارضة معتدلة. وهو الأمر الذي تجد فيه موسكو فرصة لضرب المعارضة المسلحة والقضاء عليها، وتمكين النظام من حسم المعركة ميدانياً وفرض حل سياسي لاحقاً على الطريقة الروسية.

إلا أن اللافت في الرسائل الدموية التي يتحدى من خلالها الروس الأميركيين والمجتمع الدولي والتي ترقى إلى جرائم بحق الإنسانية، أنها لم تلقَ حتى الآن موقفاً دولياً من شأنه أن يوقفها أو يخفف منها. فعدا عن عبارات الشجب والاستنكار من هنا وهناك، لم يحرك حرق الروس لمدينة حلب المجتمع الدولي ولا الأمم المتحدة لاستصدار حتى بيان استنكار لما يجري، الأمر الذي يضع المجتمع الدولي كشاهد زور ومشارك في جريمة مستمرة يدفع ثمنها الأبرياء.