ملف الأسرى حاضر في لقاء عباس ترامب

ملف الأسرى حاضر في لقاء عباس ترامب

03 مايو 2017
التضامن لا يرتقي لمستوى أهمية إضراب الأسرى(عباس موماني/فرانس برس)
+ الخط -
يدخل إضراب مئات الأسرى الفلسطينيين يومه السابع عشر، اليوم الأربعاء، في ظل تدهور واضح لصحتهم، ورفض إدارة السجون الإسرائيلية فتح أي مفاوضات مع لجنة الإضراب التي يمثلها القيادي الفتحاوي مروان البرغوثي، إذ يراهن الاحتلال على إرهاق الأسرى وتعبهم.
وعلى الرغم من غياب فعل حقيقي للقيادة الفلسطينية تجاه الإضراب، إلا أن ملف الأسرى سيكون أحد الملفات الرئيسية التي سيناقشها الرئيس محمود عباس في لقائه اليوم مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
ترامب سيناقش ملف الأسرى من حيث مخصصاتهم التي تعتبر "دعماً للإرهاب والتحريض" حسب رواية الاحتلال الإسرائيلي، وعباس سيناقش الملف من زاوية أن استمرار الاحتلال هو سبب وجود الأسرى، ومنع مخصصات عائلاتهم يعني الدخول في دوامات من العنف التي لا يستطيع أحد أن يعرف إلى أين ستؤدي.
عباس سيجد من أجواء إضراب الأسرى، الذي يقوده عضو اللجنة المركزية مروان البرغوثي، والذي حاز على أعلى الأصوات في مؤتمر"فتح" العام الماضي، مرتكزاً أساسياً في حواره مع ترامب، على الرغم من أن الرئيس الفلسطيني، كما غالبية أعضاء اللجنة المركزية للحركة، كانوا ضد فكرة الإضراب من الأساس، لكنهم اكتفوا إما بالصمت أو بفعاليات روتينية يتضامنون بها مع ذوي الأسرى في خيم التضامن.


ومن الواضح أن فعل الأسرى المضربين أنفسهم بات أقوى من أي تفاعل معه، ولعل رسالة الأسير كريم يونس من المحكمة الإسرائيلية، في اليوم الرابع عشر للإضراب على الرغم من تعبه الجسدي الواضح، شكلت رسالة قوية بأن إرادة الأسرى أقوى. قال يونس بكلمات مقتضبة، قبل أن يقوده سجانه بعيداً: "لن نتراجع حتى لو لمّونا جثثاً".
قيادي آخر للإضراب، وهو ناصر عويص، تعرض للضرب المبرح حتى نزفت عينه في عزل سجن "أيالون الرملة" بعد أن اشتبك مع سجانه على الرغم من ضعف جسده جراء إضرابه المتواصل، فيما يتواصل نقل الأسرى تعسفياً وتفتيش زنازينهم التي لا تحتوي إلا على فرشة وغطاء فقط. وتارة تتم مصادرة الفراش وتارة الغطاء، فيما التفتيش المستمر هدفه إرهاق الأسرى.
ويرى رئيس نادي الأسير، قدورة فارس، في حديث مع "العربي الجديد" أنّ "الإضراب مستمر ويدخل مرحلة جديدة، وبالتالي الخطورة على حياة الأسرى أصبحت قائمة بشكل فعلي". ولفت إلى أن "الحركة الشعبية يجب أن تتصاعد مع تصاعد الإضراب، وهناك حاجة كبيرة لتصعيد في المواقف سواء الشعبية أو الرسمية أوالسياسية أو القانونية لنصرة الأسرى وتقصير فترة الإضراب، وللأسف مستوى الفعاليات ليس على مستوى الحدث المطلوب، ويجب رفع مستوى المشاركة الشعبية وأن لا تبقى مقتصرة على المدن". وأشار إلى أن "الأسير كريم يونس قدم شهادة يجب أن تلتقطها كل الأجيال الفلسطينية". وأضاف "هذه رسالة من أسير أمضى 35 عاماً في السجن، ومضرب منذ 17 يوماً، لذلك يجب أن لا نخذل الأسرى".
وبعيداً عن الدعوات والتحذيرات من استشهاد الأسرى جرّاء الإضراب، وعبارات التضامن العاطفية والفعاليات الرمزية مثل "ملح ومي" التي رددتها قيادات "فتح" طيلة الستة عشر يوماً الماضية للإضراب، فإن فعاليات التضامن ذات الوزن قليلة حتى الآن ما عدا الإضراب الشامل الذي عمّ الضفة الغربية المحتلة بأكملها، يوم الخميس الماضي، كتعبير عن غضب الشارع، أو المسيرة التي ستضم الآلاف من الفلسطينيين في فعالية مركزية في ميدان نيلسون مانديلا في حي الطيرة برام الله مساء اليوم الأربعاء.
ولن يكون قرار الإضراب الذي جاء من قاعدة "فتح"، أي الشبيبة وليس من هرمها، من السهل تكراره مرة ثانية، إذ سيفقد أهميته من جهة، فضلاً عن أن فاعليته رمزية وليست عملية. وكان الإضراب سلاح الفلسطينيين في الانتفاضة الأولى الذي كان موجهاً للاحتلال ويكبده الخسائر، لكن الأمر لم يعد كذلك بعد قدوم السلطة الفلسطينية.
أما فعالية التضامن عند نصب "نيسلون مانديلا" في حي الطيرة برام الله، أحد أرقى أحياء المدينة، فستكون من أهم الفعاليات التي سيشارك فيها الآلاف حسب تقديرات القائمين عليها، لتوجيه رسالة للعالم أن هناك آلاف الأسرى الفلسطينيين الذين يعيشون في الأسر منذ عقود على غرار مانديلا الذي أمضى 27 عاماً في سجون نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا قبل أن يطلق سراحه عام 1990. وعلى الرغم من تأكيدات القائمين على الفعالية المركزية بأن توقيتها لم يكن مرتبطاً بلقاء عباس بترامب، إلا أنه لا يمكن تجاهل أجواء الفعالية ورسائلها السلمية التي تتفق مع سياسة عباس.

من جهتها، قالت فدوى البرغوثي، زوجة القيادي مروان البرغوثي، في حديث مع "العربي الجديد"، "نحن نتحدث عن فعالية سلمية حول النصب التذكاري لرمز الحرية والتحرر من الأسر والظلم نيسلون مانديلا، سيشارك فيها الآلاف من عائلات الأسرى والشعب الفلسطيني، هذه رسالتنا للعالم لنصرة الأسرى المضربين عن الطعام".
ولفتت فدوى البرغوثي إلى أن "هذا يوم فلسطيني بامتياز للكرامة والحرية، وتم اختيار هذا المكان ليكون آمناً للعائلات والشباب والأطفال الذين نستهدفهم لرفع الوعي والثقافة الوطنية بأهم قضية عليها إجماع فلسطيني وهي الأسرى، فضلاً عن أن هذه الفعالية بمثابة رسالة دولية بأن الشعب الفلسطيني ملتف حول الأسرى ولن يتخلى عنهم".
ويدرك الفلسطينيون جيداً أن اتفاقية "أوسلو" وقدوم السلطة الفلسطينية غيّرت من أشكال فعلهم الاحتجاجي واشتباكهم مع الاحتلال بشكل جذري، إذ باتت التظاهرات والمسيرات تجوب وسط المدن أو فيما يُعرف فلسطينياً بـ"مسيرات الدوار".
وتسير هذه الفعاليات في شارع مركزي وسط المدينة وتنتهي، من دون أن يسمعها الاحتلال أو يراها، فيما يتم منع الشبان عادة من التوجه لمناطق التماس والحواجز العسكرية مع الاحتلال للاشتباك المباشر.
ويرى الناشط في حملة "شباب ضد الاستيطان"، عيسى عمرو، "أن هناك العديد من الخطوات المؤثرة التي تشكل دعماً حقيقياً للأسرى المضربين عن الطعام وبطريقة سلمية كما هو برنامج السلطة الفلسطينية والرئيس عباس، لكن ليس هناك من هو مستعد لتنفيذها مقابل أن يخسر امتيازاته التي يحصل عليها من الاحتلال ويغضب منسق الاحتلال في الأراضي المحتلة أي الحاكم الإسرائيلي في الإدارة المدنية".
ويستعرض عمرو بعض هذه الخطوات قائلاً إنها تتضمن "تنظيم تظاهرة يشارك بها الآلاف وتقوم بإغلاق الطرق الالتفافية ومداخل المستوطنات، والالتزام بسلمية التظاهرة واستخدام طريقة المهاتما غاندي في التظاهر". ويضاف إلى ذلك "تنظيم تظاهرات ومهرجانات كبرى داخل المدن لا يقل عدد المشاركين فيها عن 200 ألف متظاهر وتعبئتهم وطنياً، وإعلان العصيان المدني ومقاطعة الاحتلال وعدم التعامل معه (تعامل مباشر أو غير مباشر) وذلك عبر ذهاب ألف فلسطيني يومياً باتجاه الحواجز الإسرائيلية العسكرية ورفضهم لتسليم بطاقات هوياتهم الشخصية ويتم اعتقالهم وهكذا إلا أن يمل الاحتلال".
وتأتي جميع مقترحات عمرو وغيره من النشطاء الفلسطينيين تحت عنوان "العصيان المدني"، لكن هذا أمر يحتاج تنفيذه إلى إرادة سياسية حقيقية غير متوفرة لدى السلطة الفلسطينية حالياً، إذ ينعم الغالبية العظمى من مسؤوليها ببطاقات الشخصيات المهمة "VIP"، فضلاً عن تحالف رجال المال مع السياسيين في تحقيق المكاسب التي تتعارض مع مبادئ العصيان المدني.



المساهمون