اعتداءات إسطنبول: شماتة إسرائيلية وتحريض وتكرار لروايات العلاقة بـ"داعش"

اعتداءات إسطنبول: شماتة إسرائيلية وتحريض وتكرار لروايات العلاقة بـ"داعش"

30 يونيو 2016
اعتداء إسطنبول رسالة من "داعش" (بولينت كيليك/فرانس برس)
+ الخط -
لم يحظ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأية تسهيلات لدى تعامل الصحف الإسرائيلية ومحلليها للشؤون الشرق أوسطية والعسكرية، في كل ما يتعلق بتناولهم للهجوم على مطار أتاتورك، أول من أمس الثلاثاء. فقد شكّلت العملية الإرهابية، على الرغم من توقيع اتفاق المصالحة بين تركيا وإسرائيل، في اليوم ذاته، فرصة للتذكير والغمز من طرف سياسة أردوغان، وادعاء وجود تعاون لحكومته مع تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).

ويجمع محللون إسرائيليون على أنّ الاعتداء في مطار أتاتورك كان رسالة من "داعش" الذي بدأ يخسر ويتراجع، أخيراً، في ظلّ الضربات المختلفة، ما دفعه إلى تنفيذ عمليات استعراضية على الحدود الأردنية، وفي بلدة القاع اللبنانية، وتبعها مطار أتاتورك. إلّا أن بعض هؤلاء المحللين، وفي مقدمتهم آفي سيسخاروف، يتهم، في تقريره بموقع "والا"، تركيا ورئيسها بأنه وحكومته تجاهلوا، على مرّ السنين، سيْل المتطوعين في "داعش" الذين تدفقوا، ومرّوا من الأراضي التركية في طريقهم إلى تلك التي يسيطر عليها التنظيم في سورية والعراق. ويلفت سيسخاروف إلى أن أردوغان وحكومته فضّلوا تركيز حربهم ضد الأكراد عوضاً عن التنظيم، كما فضلوا التعاون مع "داعش" من خلال غض النظر عما يحدث، كما التعاون مع "جبهة النصرة" وباقي التنظيمات، أملاً في إضعاف عدوّهم، رئيس النظام السوري بشار الأسد. 

ويكرّر سيسخاروف ما يكتبه يومياً العديد من الإعلاميين الغربيين المعروفين بعدائهم لتركيا، وينقل ما تمّ تكذيبه مراراً حيال أنه "فقط على أثر الضغوط الأميركية والأوروبية، حاول أردوغان وقف تدفق المتطوعين إلى مناطق داعش عبر الأراضي التركية. كما توقف بفعل الضغط ذاته عن شراء النفط من داعش عبر السوق السوداء"، في استهلاك لرواية اعترفت الولايات المتحدة ووكالات استخبارات عالمية بأنها مزيّفة. ويرى أن تراجع قوة "داعش" سيتزايد. "ومن هنا سيحاول التنظيم تنفيذ اعتداءات إضافية أشدّ قسوة، يمكن لها أن تكوي الوعي الغربي والإسلامي على حد سواء، ويحفظ للتنظيم صورة المنتصر"، على حدّ تعبير المحلل.

بدوره، يوافق المعلّق العسكري رون بن يشاي، في صحيفة "يديعوت أحرونوت" على الرأي القائل بأنّ "الضائقة التي يعيشها داعش في سورية والعراق تُلزمه بتنفيذ اعتداءات كبيرة للتغطية على خسارته لمواقعه وهيبته. وبالتالي، من السهل جداً عليه أن ينفّذ هذه الاعتداءات في محيطه القريب في الشرق الأوسط، إذ يملك عدداً كبيراً من العناصر الجهادية والأسلحة والمركبات. لذلك نفّذ داعش، في الأسبوع الأخير، جملة من المذابح التي أسقطت عدداً كبيراً من الضحايا في كل من لبنان، والأردن، وتركيا"، وفقاً للمعلّق ذاته.

ويضيف بن يشاي أن "لداعش حساباً طويلاً مع تركيا، وقد سبق أن نفّذ اعتداءات على أراضيها". فتركيا، بحسب الكاتب، تشكل خطراً جدياً على التنظيم، خصوصاً أنّ المقاتلات الأميركية التي تقصف مواقع التنظيم تُقلع من الأراضي التركية، كما يخرج من هذه الأراضي الجنود الأميركيون الذين يساعدون الأكراد في احتلال المواقع التي يسيطر عليها التنظيم عند الحدود السورية ـ التركية. ويذكر أن تركيا أغلقت، أخيراً، حدودها أمام سيل المتطوعين الذين كانوا يصلون إلى سورية والعراق عبر أراضيها، وتقوم بقصف مواقع "داعش" القريبة من حدودها.




ولم ينس بن يشاي التحريض من باب الحديث عن "تعاون بين تركيا وداعش"، مكرّراً، بدوره، اقتباس الادعاءات حول "بيع التنظيم النفط لتركيا". ويرى المعلق ذاته أن "تركيا باتت اليوم ألدّ أعداء التنظيم الذي لا يحمل نظرة إيجابية لجماعة الإخوان المسلمين وخطها الفكري والعقائدي". ويعتبر أن "تنفيذ العملية في أوج شهر رمضان يشير إلى أنها لم تنفذ من قبل أفراد عاديين أو ذئاب منفردة، بل من قبل نشطاء على اتصال مباشر وتوجيه أكيد من تنظيم وقيادة داعش".

ويخلص ين يشاي إلى القول إن عملية إسطنبول ليست رسالة موجهة لتركيا فحسب، بل للمجتمع الدولي ككل، وهي تؤشر إلى ما سيأتي في السنوات المقبلة، "فهو (التنظيم) سيواصل خسارة مواقعه في سورية والعراق، وسيعوّض عنها بمزيد من العمليات الكبيرة والاستعراضية في مختلف أنحاء العالم، على غرار ما حدث مع تنظيم القاعدة بعد عملية 11 سبتمبر/ أيلول 2001، إذ خسر القاعدة موقعه في أفغانستان، وتوزع نشطاؤه في مختلف أنحاء العالم".

وفيما يشير بن يشاي إلى أن اتفاق المصالحة التركي ـ الإسرائيلي لن يضيف لأنقرة، اليوم، شيئاً في مواجهة "داعش"، بفعل القدرات الأمنية والاستخباراتية التي طوّرتها تركيا في السنوات الماضية بمعزل عن إسرائيل، فإن المحلّل الإسرائيلي تسفي برئيل، في صحيفة "هآرتس"، يعتبر أنه سيكون من المبالغ به القول إن العملية في مطار أتاتورك هي ردّ على اتفاق المصالحة مع إسرائيل، أو رد على الاعتذار التركي لروسيا.

مع ذلك، يرى برئيل أن هذه العملية من شأنها أن تقتل الأمل الذي علّقته تركيا على مساهمة تحسين علاقاتها مع روسيا وإسرائيل في دبّ الحياة بالسياحة التركية. ويضيف أن تنفيذ عملية في مطار أتاتورك المزدحم بقوات الأمن ومعروف بترتيباته الأمنية المتشددة يشير ليس فقط إلى جرأة منفذّي العملية، إنما أيضاً إلى المضي قدماً في تنفيذ عمليات أكثر نوعية ليس فقط ضد تركيا، بل ضد أهداف دولية أخرى، وهذه هي الرسالة الأهم في هذه العملية، على غرار ما حدث في مطار العاصمة البلجيكية بروكسيل، أخيراً.

ومثل بقية زملائه في الصحافة الإسرائيلية، يخصص برئيل حيّزاً من مقالته لأسطوانة "العلاقات التي ربطت تركيا بتنظيم داعش"، قائلاً إن "الوضع الذي تعيشه تركيا، اليوم، مخالف كلياً لما كانت عليه قبل 8 أشهر، عندما كانت تعمل يداً بيد مع تنظيم الدولة الإسلامية"، بحسب زعمه. ويستذكر اتهام نائب وزير الدفاع الروسي أناتولي أنتونوف لأنقرة، بأنّ روسيا تملك أدلة على أن تركيا أسقطت الطائرة الروسية بهدف حماية "داعش"، وأن أردوغان وأفراداً من أسرته يستفيدون ويجنون الأرباح من التجارة بالنفط الذي يستخرجه التنظيم من سورية والعراق، على حدّ قوله.