هدوء في طرابلس.. وكورونا يربك معسكرات حفتر

هدوء في طرابلس..وإرباك داخل معسكرات حفتر خوفاً من انتشار كورونا

19 مارس 2020
قصف عشوائي على الأحياء المدنية(محمود تركيا/فرانس برس)
+ الخط -
عاد الهدوء، اليوم الخميس، إلى محاور القتال جنوب طرابلس بعد خرق جديد لقوات اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر أدى إلى مقتل مدنيين، بينما تعددت التحليلات حول إقدام حفتر على التصعيد الأخير في ظل سريان وقف إطلاق النار، ووسط إرباك داخل معسكراته تخوفاً من انتقال فيروس كورونا المستجد عبر المقاتلين الأجانب.

وأكّد المتحدث الرسمي باسم مكتب الإعلام الحربي لعملية "بركان الغضب" التابع لحكومة الوفاق، عبد المالك المدني، عودة الهدوء إلى محاور القتال بعد اشتدادها، ظهر أمس الأربعاء، إثر خرق جديد من قوات حفتر لقرارات وقف إطلاق النار.

وأشار المدني، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى مقتل ثلاثة أطفال من أسرة واحدة في حي عين زاره، بالإضافة إلى مقتل امرأة وإصابة ابنتيها في حي باب بن غشير، جراء القذائف العشوائية التي أطلقتها قوات حفتر بعد فشل محاولة تقدمها.

وأوضح المدني أن "محاولة مليشيات حفتر التقدم في محوري القويعة وعين زاره جرت تحت غطاء كثيف جداً من مدفعية الهاون"، لافتاً إلى أنّ "حفتر استخدم في عملياته الأخيرة مقاتلين من ذوي البشرة السمراء".

وبيّن أن "الضغط الكبير على محور عين زاره اضطرنا إلى التقدم في محور القويعة لتخفيف الضغط، وبالفعل تمكنا في نهاية يوم أمس من إفشال المحاولة كاملة".

وعن الأضرار التي لحقت بأحياء المدينة، أكّد المدني لجوء قوات حفتر إلى القصف العشوائي للتغطية على انسحابها، ما أدى إلى مقتل مدنيين في عين زاره وباب بن غشير، مشيراً في المقابل إلى أن "مدفعيتنا استهدفت مصادر النيران، وأدى ذلك إلى هجوم عكسي مكننا من التقدم في محور صلاح الدين والسيطرة على أحد مواقع ومراصد مليشيات حفتر".

وبينما لم يصدر من جانب قيادة قوات حفتر أي تعليق بشأن خرقها لقرار وقف إطلاق النار، باستثناء اتهامها لقوات الحكومة بقصف الأحياء المدنية، إلا أنّ الخبير الأمني الليبي، الصيد عبد الحفيظ، يعتبر العملية لا تهدف إلى الخرق أكثر مما تهدف إلى التعتيم على المخاوف في صفوف قوات حفتر.

وبيّن عبد الحفيظ في حديثه، لـ"العربي الجديد"، أن "تشكيل حفتر للجنة عسكرية مختصة في مكافحة فيروس كورونا يبدو أنه استجابة لضغط داخلي في صفوفه تخوفاً من نقل المقاتلين الأجانب للوباء إلى معسكراته"، معتبراً أنّ مخاوف وزارة الداخلية بشأن إمكانية نقل المقاتلين السوريين للفيروس المستجد لم تأتِ من فراغ"، في إشارة إلى بيان وزارة الداخلية بحكومة الوفاق، أمس الأربعاء، الذي حذّرت فيه من كارثة صحية في حال استمرار نقل شركة "أجنحة الشام" السورية لمقاتلين سوريين إلى بنغازي، لدعم مليشيات حفتر، من مناطق موبوءة بفيروس كورونا.

وقال عبد الحفيط إن "عملية الأمس لم تكن لمحاولة التقدم أكثر مما هي لإلهاء معسكراته عن الانجراف في أتون فوضى الهلع الذي أصاب العالم بسبب انتشار الفيروس"، معتبراً أن عدم رصد غير المقاتلين ذوي البشرة السمراء قد يؤشر إلى محاولة حفتر إبعادهم عن معسكراته، وهو ما اتفق عليه المدني مع الخبير الأمني أيضاً.

ورأى المدني، أنّ هجوم الأمس اعتمد على كثافة النيران والتقدم السريع بشكل عشوائي، من دون وجود خطط كما هي عادة المحاولات السابقة.

وبينما ينقل عبد الحفيظ عن بعض مصادره عن القصف العشوائي الذي تلا فشل قوات حفتر في محاولة التقدم، أنه كان عشوائياً لدرجة أنه أصاب تمركزاً آخر لحفتر، في الإشارة الضوئية بشارع البل؛ يقرأ الباحث السياسي الليبي، بلقاسم كشادة، من جهته، أن للخرق أسباباً أخرى.

وأوضح كشادة رأيه، لـ"العربي الجديد"، بأنّ "خطط حفتر تركز دوماً على استثمار حالات الفراغ"، مشيراً إلى أن "انشغال المجتمع الدولي وربما حكومة الوفاق أيضاً بمواجهة جائحة كورونا يبدو أنه أعطى له أملاً بالتصعيد".

ورجّح كشادة إمكانية استمرار هذه الخروقات، مستشهداً بتصريحات المتحدث باسم قيادة قوات حفتر، أحمد المسماري، التي أكد فيها نية حفتر إنهاء عمليته العسكرية في طرابلس قبل بداية شهر رمضان المقبل.

وأضاف أن حفتر، بقراراته الأخيرة بشأن غلق الحدود الليبية مع دول الجوار، يريد إظهار نفسه مسيطراً على الأوضاع وامتلاكه قرارات سيادية مثل التحكم في المنافذ والحدود ومحاولة التعاطي مع التداعيات الدولية التي تسبب فيها انتشار الفيروس في العالم.

في المقابل، أعرب المجلس الرئاسي، عن تقديره الكامل للدول والمنظمات التي أبدت اهتمامها وحرصها على تجنيب ليبيا المزيد من المآسي، بدعوتها لإعلان الوقف الإنساني الفوري للأعمال العدائية في البلاد.

ورحب المجلس، في بيان، اليوم الخميس، بهذه الدعوات الإنسانية وأكّد القبول بكل المساعي التي تحمي المواطنين وجميع المقيمين في ليبيا من هذه الجائحة، مشدداً على حرص حكومة الوفاق على مصالح جميع الليبيين أينما وُجِدوا.

لكن المجلس شدد إزاء هذه الدعوات على احتفاظه بحقه في الرد على الاعتداءات اليومية، والتي يتعرض لها المدنيون والمرافق والمنشآت المدنية، في إطار الدفاع المشروع عن النفس.

كما دعا المجتمع الدولي إلى ضرورة "مخاطبة المعتدي بشكل مباشر، للكف عن انتهاكاته وجرائمه، مع حرصنا الشديد على وقف إطلاق النار"، في إشارة إلى قوات حفتر.

وشدد المجلس في بيانه أيضاً على التزامه بقرار مجلس الأمن الدولي رقم (2510) لسنة 2020، الذي يعزز نتائج مؤتمر برلين، وينص على جملة من المقررات من بينها وقف الأعمال العدائية وحماية المدنيين.

وبشأن جهود المجلس في مواجهة خطر فيروس كورونا المستجد، جاء في البيان أنّ حكومة الوفاق تعمل من خلال وزارة الصحة على تنفيذ الإجراءات الوقائية والعلاجية والتوعوية المتخذة في جميع أنحاء البلاد دون استثناء، مشيراً إلى أن ذلك من واجبه الوطني.

وجاء بيان المجلس بعد دعوة وجهتها تسع دول بالإضافة إلى بعثة الأمم المتحدة، وانضمت إليها تركيا، شددت فيها على الأطراف الليبية بضرورة إعلان وقف فوري وإنساني للقتال، ووقف النقل المستمرّ لجميع المعدات العسكرية والأفراد العسكريين إلى البلاد، للسماح للسلطات المحلية بالاستجابة لتحدّي الصحة العامة الذي يشكله فيروس كورونا المستجد.