الجزائر... في فوضى التلفزيون وفائض الديمقراطية

الجزائر... في فوضى التلفزيون وفائض الديمقراطية

15 فبراير 2017
صحافيون يتظاهرون في الجزائر في يوليو (فاروق بطيش/فرانس برس)
+ الخط -

ما زالت الصورة تخيف السلطة في الجزائر، وما زال بعبع القنوات المستقلة يصيب السلطة بالقيء والدوار. لا يجتهد الحاكم والحكومة في البلد إلا لتأجيل ما استطاع كل إمكانية لفتح المجال السمعي البصري. في 2017 ما زالت الجزائر البلد الوحيد في كل هذا الكون الذي يتمسك بالسلوك السوفييتي في التعامل مع الصحافة والتلفزيون والإمساك بالصورة في زمن الإنترنت والانفلات الرقمي.

منذ يناير/ كانون الثاني 2012 صدر قانون الإعلام الذي ينص على رفع احتكار الدولة عن المجال السمعي والبصري. وانتظر الصحافيون سنتين قبل أن يصدر القانون العضوي للسمعي والبصري في إبريل/ نيسان 2015، وسنة ونصف سنة أخرى ليتم تعيين السلطة المستقلة للسمعي والبصري. لكن السلطة تظل تفتش دائماً عن "مسمار جحا"، لتعطيل هذا المسار الحلزوني الطويل. وجَدَته هذه المرة في "دفتر لائحة الشروط التنظيمية" الذي تقول السلطة إنه قيد النقاش منذ زمن لا يود أن ينتهي، كما لو كان الأمر يتعلق بإصدار برنامج نووي.

في الجزائر، وجدت القنوات التلفزيونية المستقلة قبل أن يوجد القانون، تماماً كما توضع العربة قبل الحصان، وتلك عادة سيئة تدمن عليها السلطة في الجزائر. وتوجد على الساحة الإعلامية في الجزائر حالياً 43 قناة تلفزيونية مستقلة، في بلد ما زال يحتكم إلى المزاج السياسي في إدارة كل شؤون المجتمع والسياسة والإعلام والاقتصاد. كل هذه القنوات الجزائرية، شكلاً ومضموناً - عدا خمس منها معتمدة كمكاتب قنوات أجنبية - تعمل وتوظف صحافيين وتغطي الأحداث وتبث من دون ترخيص، ولا اعتماد، ومن دون أي إطار قانوني. ففي أي دولة يمكن أن تحدث كل هذه الفوضى، إلا في دول تكون فيها السلطة أصل الفوضى، وتمثل الفوضى فيها عقيدة السلطة ونهجها في إدارة شؤون البلاد.

كل دول العالم تضع في سلم أولوياتها محاربة السوق السوداء في صرف العملات والاقتصاد والتهريب والسوق الموازي، عدا السلطة في الجزائر، يروق لها أن تدير السوق الموازية في كثير من المجالات المجتمعية، فهي ترعى، على بعد 200 متر من مقر البرلمان، بورصة موازية سوداء لسوق العملات، وتشجع على المضاربة في السلع والعقارات، وتفضل أن يدار قطاع القنوات التلفزيونية المستقلة بالطريقة نفسها أيضاً، إذ تتعمد أن يظل القانون في ثلاجة التجميد إلى وقت لاحق، ويظل المزاج السياسي الحاكم الأبرز في التعاطي مع القنوات المستقلة، ترغيباً أو ترهيباً، فمن دخلت بيت الطاعة فهي آمنة، ومن أغلقت بابها دونها فهي آمنة، أما من أطلت برأسها فحان قطافها، كما تم بقنوات "الوطن" و"الأطلس" و"الخبر"... فمن قال إن السلطة الجزائرية لا توزع فائض الديمقراطية بالعدل..؟

دلالات