انتصاف المهلة الإيرانية الثانية: التصعيد صعب والستاتيكو أصعب

انتصاف المهلة الإيرانية الثانية: التصعيد صعب والستاتيكو أصعب

08 اغسطس 2019
فرض واشنطن عقوبات على ظريف سيعقد المشهد (فاطمة بهرامي/الأناضول)
+ الخط -
الاتفاق النووي المبرم عام 2015 لا يزال يترنح، تحت وقع تقليصات طهران لتعهداتها النووية ومماطلات أوروبا في الوفاء بالتزاماتها الاقتصادية، على خلفية تداعيات الانسحاب الأميركي من الاتفاق في مايو/أيار 2018. ومضى، أمس الأربعاء، شهر كامل على مهلة الستين يوماً الثانية، وسط تأكيدات إيران على أنها لم تلمس بعد "أي خطوة أوروبية جادة"، لتُصعّد في المقابل من تهديداتها، بمواصلة سياسة "التقليصات"، بغية تشديد الضغط على أطراف الاتفاق النووي للوقوف إلى جانبها في وجه العقوبات الأميركية، من خلال تمكينها من بيع نفطها وتسهيل معاملاتها المصرفية، وهما المجالان اللذان يمثلان شريان الاقتصاد الإيراني، لكنهما يخضعان لعقوبات شاملة. وفي السابع من يونيو/حزيران الماضي، وفيما أعلنت السلطات الإيرانية، تدشين المرحلة الثانية من وقف تعهدات نووية، بعد انتهاء مهلة الستين يوماً الأولى، منحت مهلة ثانية بالمدة نفسها، تنتهي في السابع من سبتمبر/أيلول المقبل، لتبدأ في هذا اليوم المرحلة الثالثة، لكن مع الفارق أنها لم تكشف عن الخطوات التي ستتخذها خلالها، لتبقيها رهن الغموض والتكهنات، وذلك على عكس السياسة الإعلامية التي اتبعتها في إذاعة الخطوات التي تتضمنها المرحلتان، الأولى والثانية، قبل تنفيذهما.

وشملت المرحلة الأولى رفع القيود عن إنتاج اليورانيوم منخفض التخصيب بنسبة 3.67 في المائة وإنتاج المياه الثقيلة. وتخطت طهران في الأولى الحد المسموح به في الاتفاق النووي، إذ تجاوز مخزونها من اليورانيوم حاجز 300 كيلوغرام، إلى 316 كيلوغراماً، فيما لم تتخط بعد حاجز 130 ألف طن في إنتاج الماء الثقيل، رغم رفع القيود عن ذلك، إذ يستغرق ذلك وقتاً، لكن وفقاً للتصريحات الإيرانية فإن العمل يجري على قدم وساق على هذا الصعيد. أما المرحلة الثانية فشملت وقف تعهد واحد فحسب، وهو رفع نسبة تخصيب اليورانيوم إلى 4.5 في المائة، أي أكثر من 3.67 في المائة المنصوص عليه في الاتفاق النووي، مع تأجيل تفعيل مفاعل أراك للماء الثقيل، بالرغم من أن إيران قد أعلنت، قبل تدشين هذه المرحلة، أن ذلك يأتي في إطار خطوتها الثانية.

وجاءت هذه التقليصات المرحلية بعد تدشين إيران استراتيجية "المقاومة الفعالة" مع حلول الذكرى السنوية الأولى للانسحاب الأميركي من الاتفاق في الثامن من مايو/أيار الماضي، في مواجهة الضغوط الأميركية و"المماطلات" الأوروبية، لتنقلب بذلك على سياسة "الصبر الاستراتيجي" التي مارستها طيلة عام في التعامل مع تداعيات هذا الانسحاب. وجاء تغيير طهران استراتيجيتها بعد أن وجدت نفسها أمام اتفاق من جانب واحد، تنفذ كل ما عليها من دون أي مقابل، لتصبح الجهة الوحيدة الخاسرة فيه، خصوصاً في ضوء اشتداد الضغوط الاقتصادية الأميركية وصعوبة التأقلم مع تداعياتها، بعد فرض واشنطن حظرا تاما على الصادرات الإيرانية النفطية، اعتباراً من الثاني من مايو الماضي، في خطوة شكلت نقطة فارقة في السياسات الإيرانية في مواجهة مرحلة ما بعد الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي.



اليوم، بينما مضت ثلاثة أشهر على اتباع إيران الاستراتيجية الجديدة، وانتهت مهلة الستين يوماً الأولى، والنصف الأول من المهلة الثانية، تظهر المعطيات الراهنة أن الأوضاع لم تتجه على النحو الذي كانت تريده طهران فيما يتعلق بالاتفاق النووي بفعل تقليصاتها. لكن التطورات التي شهدها الشهر الأول من المهلة الإيرانية الثانية، قبل أن يبدأ الشهر الثاني، ورغم أنها لم تشكل بعد اختراقاً في إنقاذ الاتفاق النووي، إلا أنها تؤكد أن المحاولات لإنقاذ الاتفاق النووي مستمرة، وأنها قد دخلت مرحلة طرح ومناقشة مقترحات بعد تبادل لأفكار خلال مهلة الستين يوماً الأولى. وأصبح الحراك الفرنسي يتخذ منحى تصاعدياً، ليجري الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أربعة اتصالات هاتفية مع نظيره الإيراني حسن روحاني، خلال شهر واحد، كان آخرها، مساء الثلاثاء الماضي، إلى جانب اتصالات مماثلة مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بالإضافة إلى تبادل زيارات لمبعوثي ماكرون وروحاني إلى طهران وباريس.

وفي هذا السياق، زار مستشار ماكرون للشؤون الدبلوماسية إيمانويل بون إيران، في العاشر من الشهر الماضي، ومكث فيها ليومين، حاملاً رسالة خاصة من الرئيس الفرنسي إلى نظيره الإيراني. كما أن الأخير أوفد المساعد السياسي لوزارة الخارجية الإيرانية عباس عراقجي مبعوثاً خاصاً له إلى فرنسا، في الثالث والعشرين من الشهر الماضي، للقاء ماكرون ونقل رسالة إليه. كما أن الفترة التي مرت على مهلة الستين يوما الثانية، شهدت تحركات أخرى في سبيل إنقاذ الاتفاق النووي، منها عقد اللجنة المشتركة للأطراف المشاركة في الاتفاق اجتماعاً في فيينا في 28 يوليو/تموز الماضي، على مستوى المديرين السياسيين، وسط حديث عن اجتماع مرتقب لوزراء خارجية هذه الدول، من دون تحديد موعد له. ووصفت طهران المباحثات التي دارت خلال اجتماع اللجنة في فيينا بأنها "إيجابية وبناءة"، لكنها أشارت، في الوقت ذاته، إلى أنه "لم يحصل فيه اتفاق، وأن النتائج بعيدة عن تحقيق مطالبها".

إلى ذلك، زار وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي طهران في 27 يوليو/حزيران الماضي. ورغم أن مباحثاته مع المسؤولين الإيرانيين تركزت على أمن الملاحة في الخليج ومضيق هرمز، بغية خفض التوترات على خلفية أزمة الناقلات بين طهران ولندن، فإنه على الأغلب كانت التطورات المرتبطة بالاتفاق على طاولة المباحثات أيضاً، خصوصاً أن سلطنة عمان تلعب دور الوسيط، أو كما يقول البعض الناقل للرسائل بين طهران وواشنطن. وفي السياق، ليس مستبعداً أن يكون الوزير العماني قد نقل أفكاراً أو مبادرة أميركية إلى الجانب الإيراني، لخفض التوتر بين الطرفين. لكن التصريحات الإيرانية والأميركية، التي أعقبت الزيارة، تظهر أن الوساطة العمانية أخفقت مرة أخرى في تحقيق أي تقدم وأصبحت بحكم "كأن لم تكن".

مؤشرات وتطورات "سلبية"
ومع التحركات الفرنسية أو العمانية أو غيرها، شهدت الفترة الأخيرة تطورات تحمل في طياتها مؤشرات سلبية، لا شك في أنها ستعقّد وضع الاتفاق النووي، وتجعل مصيره أكثر قتامة من قبل، بالإضافة إلى عدم تحقيق أي تقدم في مسار الحفاظ على الاتفاق النووي، والذي بحد ذاته، يمثل مؤشراً سلبياً حول مستقبل هذا الاتفاق. وجاء في مقدمة المستجدات خلال الفترة الماضية، تطوران بارزان: الأول، حرب الناقلات أو أزمة الناقلات بين طهران ولندن، على خلفية احتجاز الثانية ناقلة نفط لإيران في الرابع من الشهر الماضي، لترد عليها الأخيرة في 19 الشهر نفسه، بتوقيف ناقلة نفط بريطانية في مضيق هرمز، وسط محاولات أميركية وبريطانية متزايدة لتشكيل تحالفات بحرية عسكرية في مواجهة ما يوصف بـ"التهديدات الإيرانية". والتطور الثاني، هو فرض واشنطن عقوبات على وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، مطلع أغسطس/آب الحالي، خطوة من شأنها أن تعقد المشهد وتؤثر سلباً على جهود إنقاذ الاتفاق النووي، خصوصاً في حال قيدت التحركات الدبلوماسية "النشيطة" التي يقودها ظريف في مواجهة الضغوط الأميركية.

ومع التحركات الدبلوماسية التي لم تحرز تقدماً يذكر بعد، أو على وقع هذه التطورات "السلبية" وتداعياتها المؤثرة على الاتفاق النووي، تؤكد إيران أنها ماضية في تقليص تعهداتها النووية، وأنها وفقاً للمعطيات الراهنة ستنفذ المرحلة الثالثة لهذه التقليصات، وهذا ما أكد عليه ظريف بالإضافة إلى مسؤولين إيرانيين آخرين، أخيراً. ورغم أن وزير الخارجية أشار إلى أن بلاده لا تنوي الانسحاب من الاتفاق النووي، وأن خطواتها التقليصية تأتي في إطاره، فإن طهران لوّحت أكثر من مرة بأن خيار الانسحاب وارد، وعلى الطاولة. إيران، التي تجنبت التصعيد في تنفيذ المرحلة الثانية، واختصرت خطواتها في واحدة، هي رفع مستوى تخصيب اليورانيوم، بنسبة ضئيلة جداً، حيث زادتها من 3.67 إلى 4.5 في المائة فقط، مع عدم تنفيذ الخطوة الأخرى المتمثلة في تفعيل مفاعل أراك للماء الثقيل كما توعدت سابقاً، صعّدت لهجتها منذ بدء تنفيذ تلك المرحلة، لتهدّد برفع مستوى تخصيب اليورانيوم إلى أكثر من 20 في المائة وتفعيل مفاعل أراك وما شابه ذلك من خطوات نووية تصعيدية، مثل التلويح بالانسحاب من الاتفاق النووي. وفي السياق، جاء حديث رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية علي أكبر صالحي، في 26 يوليو/تموز الماضي، عن أن بلاده ستبدأ في إنشاء محطتين نوويتين في بوشهر جنوبي إيران. وكشف أن "إعادة تصميم مفاعل أراك للماء الثقيل قيد العمل".

قد لا تنفذ إيران جميع هذه التهديدات خلال تطبيق المرحلة الثالثة من تقليص تعهداتها، في حال لم تحصل انفراجة مفاجئة تلغي المرحلة كلها، إلا أنها من جهة تؤكد أن خطواتها خلال هذه المرحلة ستكون "أقوى وأشد" من سابقاتها، ومن جهة أخرى، تقول إن العودة عن التقليصات، قبل تنفيذها، ستكون سهلة، لكن في حال نفذت المرحلة الثالثة سيكون ذلك صعباً، وذلك بغية ممارسة مزيد من الضغط على الأوروبيين لحثهم على تنفيذ مطالبها سريعاً. وفي السياق، قال روحاني خلال الاتصال الثالث مع ماكرون، أخيراً، إنه "كلما يمضي الوقت أكثر فأكثر وتنفذ إيران خطواتها المقبلة لتقليص تعهداتها النووية، كلما يصعب أكثر على الطرفين العودة إلى الوراء".

مؤشرات "إيجابية"
ورغم التطورات "السلبية" خلال النصف الأول من المهلة الثانية من جهة، والتهديدات الإيرانية المتصاعدة بمواصلة التقليصات من جهة ثانية، إلا أن ثمة مؤشرات "إيجابية" نوعاً ما، بدأت تطفو على السطح، تدل عليها تطورات الحراك الفرنسي لإنقاذ الاتفاق النووي، وما تتضمنه من مباحثات مكثفة تجريها باريس مع طهران، والتي وصفها الرئيس الإيراني، في الاتصال الرابع بينه وبين ماكرون، بـ"الإيجابية وخطوة إلى الأمام".

إلى الآن، لم يكشف الطرفان عن تفاصيل ما يدور بينهما، لكن من خلال تصريحات ماكرون، خلال اتصالاته الهاتفية الأربعة مع روحاني، يتضح أن فرنسا تسعى إلى تحقيق هدنة في "الحرب الاقتصادية" الأميركية، أو كما تعتبرها طهران "إرهاباً اقتصادياً". ويبدو أن سوق المقترحات الفرنسية للوصول إلى هذه الهدنة انتعشت خلال الفترة الأخيرة، إذ أكدت إيران، على لسان رئيسها أكثر من مرة، أنها تلقت بالفعل مقترحات من دول تسعى إلى الحفاظ على الاتفاق النووي، من دون تسميتها. ورغم أن روحاني كان أكد أخيراً أن هذه المقترحات "لم تكن متعادلة ومتوازنة لتقبل بها إيران"، فإنه دعا، في الاتصال الرابع مساء الثلاثاء الماضي، إلى مواصلة المشاورات بشأن "المقترحات للتوصل إلى حلول مهنية وعادلة". وتشير مصادر إعلامية إيرانية إلى أن باريس تقترح على طهران تجميداً مقابل تجميد، ما يعني تجمّيد إيران خلال هذه المرحلة تقليص تعهداتها النووية مقابل أن تجمد واشنطن عقوبات في المجال النفطي، بحيث تمنح إعفاءات لبعض مشتري النفط الإيراني لمواصلة شرائه. ولم توضح هذه المصادر ما إذا كانت هذه الإعفاءات تشمل الدول الثماني التي سمحت لها بشراء النفط الإيراني، قبل وقفها اعتباراً من الثاني من مايو الماضي. لكن الرفض الإيراني لهذا المقترح، حتى الآن، يوحي بأن الإعفاءات التي يتحدث عنها ماكرون، والتي يفترض أن يحصل مسبقاً على موافقة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب لمنحها لطهران، ليست بمستوى يرضي الجانب الإيراني. كما أن الموضوع الآخر الذي يسعى الأخير إلى تحقيقه، وفقاً لمصادر إيرانية، هو السماح بعودة عوائد النفط الذي سيباع بعد منح تلك الإعفاءات.

كما تظهر تصريحات أدلى بها روحاني، أخيراً، استعداد إيران للعودة إلى تنفيذ كامل تعهداتها النووية، في حال إحياء الإعفاءات الممنوحة لثماني دول من مشتري نفط إيران. وهذا يوحي بأن ما تقترحه فرنسا فيما يخص الإعفاءات، لم يرتق بعد إلى المستوى الذي كان موجوداً قبل 2 مايو الماضي. وكان روحاني قال، في 24 الشهر الماضي، إنه "عندما كنا نستطيع بيع نفطنا بقدر حاجاتنا كنا نتعامل مع موضوع انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي بطريقة أخرى"، مشيراً إلى أنه "بعد فرضها حظراً نفطياً شاملاً على إيران، ظهرت ظروف جديدة في مايو الماضي كانت مختلفة عن مايو 2018"، الذي حصل فيه الانسحاب الأميركي من الاتفاق. هذه التصريحات تختصر خلاصة ما تريده إيران، أي منحها الإعفاءات التي كانت موجودة قبل الحظر النفطي الشامل، لكي، كما يقول روحاني، تتعامل طهران مع تداعيات الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي بـ"الطريقة ذاتها" التي تعاملت بها حتى مايو 2019، قبل فرض واشنطن حظراً شاملاً على صادراتها النفطية.

في هذه الأثناء، رفع روحاني في الأول من أغسطس الحالي، سقف التوقعات باحتمال أن تؤدي التحركات الفرنسية وغيرها إلى نتيجة قبل انتهاء مهلة الستين يوماً الثانية، وذلك بقوله إنه "من الممكن أن نصل إلى نتيجة مقبولة خلال الأسابيع المقبلة، لكن في حال لم نتوصل إليها فسننفذ المرحلة المقبلة لتخفيض تعهداتنا". إلا أن روحاني أضاف، في الوقت ذاته، أن النظام الإيراني يدير شؤون البلاد، خصوصاً في المجال الاقتصادي، "بناءً على عدم التوصل إلى نتيجة في المفاوضات". يضاف إلى المؤشرات "الإيجابية"، انفتاح الإمارات، الحليف لأميركا، على إيران، خصوصاً في المجال الاقتصادي. وعلى الرغم من أن هذا الانفتاح لا يزال في مرحلة إرسال الإشارات والرسائل، لكنه بحكم العلاقات القوية بين أبوظبي وواشنطن، قد لا يكون بعيداً عن محاولة أميركية غير مباشرة لخفض الضغوط الاقتصادية على إيران قليلاً، على ضوء الاستحقاق الانتخابي الأميركي وانشغال ترامب بذلك، وفقاً لتحليل لموقع "الدبلوماسية الإيرانية". ويضيف الموقع أن الهدف الأميركي من ذلك هو احتواء الضغوط الإيرانية المضادة لإدارة هذه المرحلة من الصراع بسلام وضبط إيقاعاته، حتى لا تنزلق الأمور إلى الهاوية في هذه الظروف الداخلية الحساسة في الولايات المتحدة الأميركية.

وتأتي هذه التطورات، بينما لا تزال إيران ترفض بشكل "قاطع" الدخول في أي مفاوضات مع الإدارة الأميركية. وفي آخر المواقف الإيرانية بهذا الشأن، وصف ظريف، الإثنين الماضي، الحديث الأميركي عن التفاوض بأنه "مجرد ادعاء وكذبة كبرى". كما أن روحاني أكد، الثلاثاء الماضي، أنه "إذا ما أرادت أميركا التفاوض، فعليها رفع جميع العقوبات أولاً"، مضيفاً أن "ظريف مسؤول التفاوض"، قبل أن يخاطب الإدارة الأميركية قائلاً "في حال قررنا التفاوض يوماً ما، فعليكم أن تلتقوا به". وتساءل "لماذا فرضتم عقوبات على وزير خارجيتنا؟"، مؤكداً أن ذلك "دليل على أن أميركا لا تريد التفاوض".

الخلاصة أنه بغض النظر عن أن أي من المؤشرات "السلبية" الكثيرة، أو "الإيجابية" المحدودة، ستفرض نفسها على المشهد خلال المرحلة المقبلة، لتعيد رسمه من جديد، إلا أن صفحة النصف الأول من مهلة الشهرين الثانية قد أغلقت، بينما إيران تصرّ على تنفيذ المرحلة الثالثة من تقليص تعهداتها. وليس واضحاً بعد، ما إذا كانت الاقتراحات الفرنسية أو غيرها ستتطور خلال النصف الثاني من المهلة لتنتهي إلى حلول تحقق لإيران مطالبها في المجالين النفطي والمصرفي من جهة، وتعيدها إلى تنفيذ كامل تعهداتها النووية من جهة أخرى، كما تطالب أوروبا، أو ينتهي النصف الثاني من المهلة أيضاً من دون أدنى تقدم، ما سيزيد من تعقيد المشهد ويتجه نحو مزيد من التصعيد. لكن إذ أفضت التحركات الفرنسية أو غيرها إلى حلول ومبادرات عملياتية، أياً كانت طبيعتها وشكلها، فهي بحاجة إلى موافقة أميركية مسبقة لكي تكون سارية المفعول، الأمر الذي يعني أنه في حال توصل طهران وباريس إلى اتفاق لإنقاذ الاتفاق النووي، فستكون واشنطن شريكة فيه ولو بشكل غير مباشر. وهذا الاتفاق في حال تم التوصل إليه، سيبقى مؤقتاً في إطار إدارة المرحلة وأزماتها المركبة وليس حلها، كما ستبقى احتمالات انفجار الأوضاع قائمة مجدداً، ما لم يشكل أرضية مناسبة لإطلاق مفاوضات إيرانية أميركية مستقبلاً، تنتهي إلى اتفاق بينهما، باعتبارهما الطرفين الرئيسيين للأزمة.

المساهمون