كيف ستؤثر أزمة ترامب على جولته الخارجية الأولى؟

كيف ستؤثر أزمة ترامب على جولته الخارجية الأولى؟

19 مايو 2017
رئاسة ترامب على مفترق طرق(مارك ويلسون/Getty)
+ الخط -
يبدأ الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترامب، غداً السبت، أولى وأهم جولة خارجية له في ظلّ وضع لا يحسد عليه في الداخل، إذ إن رئاسته غارقة بالتحقيقات ومحاصرة بالشبهات الروسية.

وتتوالى الروايات اليومية عن خفايا علاقة حملته الانتخابية بموسكو وما تناسل عنها من خطوات وإجراءات خاطئة، زاد طين الشكوك بلّة، وأفضى ذلك إلى مفاقمة أزمته وبالتالي تعميق عزلته وتنامي حالة التعب والنفور من نهجه وتصرفاته. الأمر الذي أدى، تحت الضغوط إلى قيام وزارة العدل، مساء الأربعاء وبعد ممانعة طويلة، بتعيين "محقق خاص" لكشف كافة جوانب هذه القضية التي شلّت المشهد السياسي في واشنطن.

كل ذلك، تلاحقت فصوله عشية زيارة خارجية استثمرت فيها الإدارة الكثير من التحضير والتخطيط لمبادرات واتفاقيات وإعادة صياغة وتجديد علاقات، علّها تشكل نقلة خارجية نوعية تعوّض عن متاعب البيت الأبيض وخسائره في الداخل.



لكن النقطة المتقدمة التي بلغتها هذه المشكلة، قد تحول دون جني النتائج المتوخاة من الجولة، ذلك أنه من الصعب على الرئيس التخلص من حضورها معه في الخارج، ففي العادة عندما يجري تكليف محقق خاص في أزمات من هذا الصنف المعقد والحساس، يكون منسوب الخطر وازناً، ليس بالضرورة من النوع الذي يطيح برؤوس كبيرة، ولكن مثل هذا الاحتمال قائم.

وفي "ووترغيت" انتهى المحقق بناء على أدلة ملموسة، إلى خلاصة تفيد بأن الرئيس ريتشارد نيكسون عمل على عرقلة العدالة. تهمة وضعته بين خيارين: إما الاستقالة الإجبارية وإما قيام الكونغرس بعزله. فاختار الأول. أخطاؤه في التعامل مع الفضيحة أطاحت به.

في إيران، "كونترا غيت"، جرى تنفيس الأزمة من خلال تدمير بعض الوثائق واعتراف الرئيس الأميركي حينها رونالد ريغان بحصول تسليم إيران أسلحة، زاعماً أن ذلك كان بمثابة مبادرة "انفتاح" على طهران وليس "لمبادلة" المعدات بالرهائن. وفي كل حال أعلن عن تحمله المسؤولية شخصياً وبما أدى إلى إدانة مجموعة من الوزراء وكبار مساعديه الذين منحهم بوش الأب لاحقاً العفو الرئاسي.

أما في حالة "مونيكا – غيت"، فقد نجم عن التحقيق إدانة أدت إلى تصويت مجلس النواب بعزل الرئيس بيل كلينتون؛ لكن مجلس الشيوخ رفض مجاراة النواب فأفلت الرئيس من العزل.

الآن مع تعيين المحقق دخلت هذه القضية مع مشتقاتها في طور جديد وأكثر جدية وخطورة. طور فعلت الإدارة جهدها لتلافيه. من جهته، أعرب الرئيس ترامب في لقائه، أمس الخميس، مع مجموعة من كبار الصحافيين، عن امتعاضه من الخطوة. وذكرت مصادر أنه استدعى عدداً من المحامين إلى البيت الأبيض للاستعانة بهم في التعامل مع المحقق الخاص.

من ناحية أخرى، يختلف وضع المحقق اليوم بعض الشيء عما كان عليه قبل تعديل القانون الخاص به عام 1999، إذ إن تعيين روبرت موللر حظي بإشادة وارتياح واسعين، فالرجل مشهود بكفاءته واستقامته، وسبق أن شغل منصب مدير "أف بي أي" لمدة 12 سنة ولغاية 2013.

لكن مرجعيته هذه المرة وزارة العدل وليست هيئة قضائية مستقلة، كما كان في السابق. والوزارة تحكمها السياسة في آخر المطاف، خبرته وحياديته وبالنهاية خلاصة تحقيقاته المعترف مسبقاً بمهنيتها، يبقى مصيرها مرهونا بقرار وزير العدل أو نائبه، أحدهما يقرر بشأن الموافقة أو عدمها على التجريم كما على التبرئة، وفي ذلك باب فرج للبيت الأبيض.



وموقف وزير العدل معروف مسبقاً، لكنه ليس من غير قيود. طوفان التسريبات والوقائع والتسجيلات والتي ستضاف إليها شهادة مدير (أف بي آي) المقال جيمس كومي الأسبوع المقبل، أمام لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ والتي قد تتمخض عن قنابل إضافية ضد الرئيس؛ كلها من شأنها أن تكبح أي ميل أو محاولة لخنق نتائج التحقيق، خاصة إذا توصل المحقق إلى إثبات واحدة من التهمتين المركزيتين: "وجود علاقة بين فريق ترامب وموسكو أو تدخل الرئيس شخصياً لعرقلة سير العدالة(محاولته لحمل كومي على وقف التحقيق بحق الجنرال فلين الذي لعب على ما يبدو دور حلقة الوصل الأساسية مع الروس"، كلتا المخالفتين من الفصيل الجرمي القاتل قانونياً.

اليوم، فتح هذا الملف من جديد وقد يستغرق سبر أغواره أكثر من سنة، خلالها ربما يخف الانشغال به، إلا إذا تواصل سيل الانكشافات عن خفاياه التي يقول السناتور جون ماكين إن الكثير منها "ما زال غير معروف وأن المسألة دخلت في مسار ووترغيت".

فضيحة يتردد ذكرها كثيراً من باب المقارنة، وفعلاً لم يتوقف التسريب حتى اللحظة، وبذلك تبقى رئاسة ترامب أسيرة الانتظار حتى يبلغ التحقيق خواتمه، وحسب سائر التقديرات أن كافة الاحتمالات واردة، وما يثير الانتباه أن الجمهوريين في الكونغرس في حالة يغلب عليها الترقب وفتور الحماسة في الدفاع عن الرئيس، بل في التقرب منه.

وسحب أحد رموزهم (الجمهوريون) الوازنة في مجلس الشيوخ، السناتور جون كورنين، اسمه من لائحة مرشحي البيت الأبيض لمنصب مدير "أف بي آي"، مؤشر آخر تمثل في اجتماع نائب وزير العدل(الذي قام بتعيين المحقق) في وقت متأخر أمس مع مجلس الشيوخ بكافة أعضائه المئة لوضعهم في جو إقالة جميس كومي وما تبع ذلك من تطورات. وحسب السناتور لاندسي غراهام، أن ما قاله المسؤول العدلي لا يستبعد معه أن يكون في الأمر مخالفة للقانون.

تفاعل هذه القضية مع تعيين محقق خاص بها، وضع رئاسة ترامب على مفترق طرق.