إدلب تترقب تحركاً تركياً وشيكاً ومعارك الشرق السوري تحتدم

إدلب تترقب تحركاً تركياً وشيكاً ومعارك الشرق السوري تحتدم

07 أكتوبر 2017
خيارات محدودة أمام سكان إدلب (أنس دياب/الأناضول)
+ الخط -
دلّت كل المعطيات بأن الأيام المقبلة ستحمل تدخلاً عسكرياً تركياً في محافظة إدلب، شمالي سورية، في إطار تطبيق اتفاق "خفض التصعيد" الذي تعد إدلب إحدى مناطقه الأربع، إضافة إلى كل من جنوب البلاد والغوطة الشرقية وريف حمص الشمالي. في غضون ذلك، احتدمت المعارك في ريف دير الزور، بين تنظيم "داعش" والأطراف التي تقاتله، بينما قصف طيران التحالف الأميركي مجدداً رتلاً لقوات النظام قرب قاعدة التنف، وسط اتهامات روسية جديدة لقوات التحالف بأنها "تستخدم داعش وتحركه لشنّ هجمات ضد قوات النظام وروسيا في البادية السورية".

وفي أوضح المعطيات بشأن التدخل التركي الوشيك في محافظة إدلب، عقب أسابيع من عمليات التحشيد وتعزيز القوات التركية على حدود المحافظة الشمالية، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن "قوات بلاده سوف تعمل داخل حدود المحافظة، وإن القوات الروسية ستتواجد خارجها". ونقلت  وسائل إعلام تركية عن أردوغان قوله، في تصريحات أدلى بها عقب عودته من إيران، إن "بلاده ستتخذ الخطوات نفسها التي اتخذتها في مدينتي جرابلس والراعي، والتي أتاحت عودة 100 ألف شخص إلى سورية".

وأوضح أردوغان أنه "بحث مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال زيارته لتركيا، تطبيق خطة مناطق عدم الاشتباك في إدلب"، مشيراً إلى أن "الأيام المقبلة ستشهد خطوات على الأرض"، مشيراً إلى أنه "تمّ تقاسم المهام داخل وخارج منطقة النزاع، إذ ستقوم روسيا بتأمين المناطق من الخارج، بينما ستتولى تركيا تأمين المناطق من الداخل. وهذه الخطوات ستوفر ضماناً لأمن المواطنين في المنطقة".

بدوره، قال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالن، إن "الأيام المقبلة ستشهد خطوات ملموسة في تطبيق اتفاقية خفض التصعيد في محافظة إدلب، بعد لقاءات أجراها الجانب التركي مع الروس والإيرانيين". وأوضح كالن في مقابلة مع قناة "تي آر تي" التركية، أن "الأيام الأخيرة شهدت لقاءات مكثفة بين ممثلين عن وزارة الخارجية، والجيش، والاستخبارات التركية، مع الروس والإيرانيين حول مناطق خفض التصعيد في سورية، وتوصلوا إلى تحديد إطار لكيفية تنفيذ ذلك في إدلب، حيث ستتخذ خطوات ملموسة في الأيام المقبلة بهذا الصدد". وبيّن أن "الهدف منع انتهاكات النظام، تحجيم هيئة تحرير الشام وإيصال المساعدات للمدنيين، وتحقيق الهدوء النسبي في محيط إدلب".

ومن غير الواضح حتى الآن ما إذا كان التدخل التركي في إدلب يعني تصادماً عسكرياً مع "هيئة تحرير الشام" أم سيكون بالتوافق معها، لكن من الثابت أن العملية العسكرية المرتقبة، سيكون رأسُ حربتها مقاتلين من فصائل الجيش الحر، خصوصاً الذين شاركوا سابقاً في عملية "درع الفرات"، شمالي حلب. وأفادت مصادر محلية لـ"العربي الجديد"، إن "هناك تحركات عسكرية ضخمة لفصائل الجيش السوري الحر على المعابر العسكرية تمهيداً للدخول إلى مدينة إدلب".



مع ذلك توجهت مجموعات من "الجيش السوري الحر" أمس إلى منطقة حور كلس على الحدود السورية التركية، قرب مدينة جرابلس، تمهيداً لنقلها عبر الأراضي التركية إلى معبر باب الهوى من أجل الدخول إلى محافظة إدلب شمال غرب سورية.

وأكد قيادي عسكري من "فرقة السلطان مراد" المنضوية في صفوف قوات "الجيش السوري الحر"، العاملة في منطقة "درع الفرات"، أن القوات توجهت إلى نقطة العبور في منطقة حور كلس قرب مدينة جرابلس، مع عتادها العسكري في انتظار الدخول إلى إدلب عبر تركيا خلال الساعات المقبلة.

وفي حديث مع "العربي الجديد"، قال مصطفى سيجري، رئيس المكتب السياسي في لواء المعتصم، أحد أبرز الفصائل المشاركة في عملية "درع الفرات"، إن "إدلب مدينة سورية ويقع على عاتق الجيش الحر إعادتها لحضن الثورة وإنهاء سيطرة الجولاني (أبو محمد الجولاني زعيم هيئة تحرير الشام) على المدينة وقطع الطريق على المخططات الخارجية. وتقتضي المرحلة الاستعانة بالأشقاء في تركيا وتكرار سيناريو عملية درع الفرات".
وحول إمكانية حصول تصادم عسكري بين القوى الداخلة للمدينة و"هيئة تحرير الشام"، قال سيجري إن "جبهة النصرة تنظيم مرتبط بإيران ويتلقى أوامره منها، ولا يمكن التفاهم معه وهو أداة بيد أعداء الشعب السوري، وعلى مقاتلي النصرة المخدوعين بالجولاني أن يعلنوا فك ارتباطهم به، والانحياز للشعب وحماية ما تبقى من المناطق المحررة، وباب التوبة ما زال مفتوحاً لكل من يعلن موقفه ويطلب الأمان من الجيش الحر".

وأوضح سيجري أن "الجيش الحر، خصوصاً الفصائل التي شاركت بعملية درع الفرات، سيكون رأس حربة في العمليات العسكرية المقبلة، وسيكون الحليف التركي قوات إسناد ودعم لوجستي". وقال إن "توقيت انطلاق العمليات العسكرية والمساحات التي ستغطيها هو من اختصاص القادة الميدانيين".



غير أن العميد المنشق أحمد رحال ذكر في تغريدة له على موقع "تويتر"، أن "لديه معلومات عن موافقة هيئة تحرير الشام على دخول الجيش التركي لمنطقة إدلب"، مشيراً إلى "استكمال الحشود التركية على حدود المحافظة، بما يعني أن العملية باتت وشيكة، وسيتم خلالها إعلان إدلب منطقة عسكرية تركية".

في هذا الإطار، تعرضت مناطق مختلفة من المدينة أمس لقصف جوي من الروس ومن قوات النظام السوري، ما أسفر عن سقوط نحو سبعة قتلى في بلدة خان شيخون، إضافة إلى وقوع جرحى في قريتي الخوين وتل خزنة.

من جهتها، شنّت "هيئة تحرير الشام" هجوماً في ريف حماة الشمالي، سيطرت خلاله على قرية ونقاط عدة تابعة لمدينة صوران شمالي مدينة حماة، بعد مواجهات مع قوات النظام السوري. وقال ناشطون إن "الهيئة سيطرت على قرية المشيرفة ونقاط بمحيط قرية أبو دالي، بالتزامن مع قصف عنيف لطائرات حربية على مناطق الاشتباك".

وعقب الهجوم شنّ الطيران الحربي، التابع للنظام السوري، غارات على قرية الخوين بريف إدلب للمرة الأولى، موقعاً جرحى، حسبما أفاد ناشطون من المنطقة. وذكرت صفحات موالية للنظام، أن "الطيران الحربي يؤازر عناصر قوات النظام في قرية أبو دالي، ويستهدف المجموعات المسلحة بريف حماة الشمالي والشمالي الشرقي". الهجوم على القرية هو الأول من نوعه، منذ بداية الثورة السورية (2011)، كونها تعتبر منطقة استراتيجية للطرفين، وتخضع لسيطرة عشائر موالية للنظام السوري، وتعدّ مركزاً تجارياً لجميع الأطراف المتحاربة.

في شرق البلاد، احتدمت المعارك ضد تنظيم "داعش" وسط تصادم في مصالح الأطراف المختلفة واتهامات روسية لقوات التحالف بالتنسيق مع التنظيم، بينما تعاظمت محنة المواطنين المدنيين جراء استهدافهم من جميع الأطراف المتحاربة، وسقط منهم عشرات القتلى. وقد قصفت طائرات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة رتلاً عسكرياً لقوات النظام السوري قرب الحدود العراقية، ما تسبب في تدميره، حسبما ذكر بيان لقوات "الشهيد أحمد العبدو" التي تقاتل في البادية السورية.



وأضاف البيان أن "التحالف قصف الرتل في المنطقة الواقعة غرب التنف، عند معسكر كبد، الذي يبعد عن القاعدة العسكرية الأميركية في التنف مسافة 13 كيلومتراً"، مشيراً إلى أن "الرتل مكون من 4 دبابات، و5 عربات بي إم بي، و8 سيارات عسكرية. وقد تمّ إصابته بشكل مباشر".

وأوضح أن "قوات النظام حاولت اختراق الحدود الإدارية لقوات مغاوير الثورة، التابعة للمعارضة السورية، وقد وجّه التحالف للرتل العسكري تحذيرات لإيقاف تقدمه، لكنه لم يستجب، ما دفع بطائرات التحالف إلى قصفه". وليست هذه المرة الأولى التي تتعرض فيها قوات النظام والمليشيات المساندة لها إلى قصف من التحالف. وكانت المرة الأخيرة في يونيو/ حزيران الماضي في منطقة البادية خلال محاولتها التقدم إلى قاعدة فيها جنود أميركيون عند الحدود مع الأردن.

من جهتها، انتقدت وزارة الدفاع الروسية دور قاعدة التنف الأميركية في البادية السورية، معتبرة أنها "تعرقل عمليات قوات النظام ضد تنظيم داعش". وذكر المتحدث باسم الوزارة إيغور كوناشينكوف، في بيان له، أن "القوات الأميركية المتمركزة في قاعدة التنف، لم تقم بأي عملية ضد داعش حتى الآن، بل تحولت مع المناطق المحيطة بها في الآونة الأخيرة، إلى نقطة انطلاق لعلميات التنظيم الأخيرة ضد قوات النظام، تحديداً في مدينة القريتين، شرقي حمص".



من جهتها، ذكرت شبكة "دير الزور 24"، أن "مجموعة من عناصر داعش، نجحت في أسر جندي روسي، إضافة إلى مجموعة من عناصر حزب الله، بعد تسللهم عبر نهر الفرات إلى حويجة صكر باتجاه مواقع تنتشر فيها قوات روسية وعناصر من حزب الله".

من جهتها، صعّدت روسيا من قصفها للأحياء التي يسيطر عليها التنظيم في مدينة دير الزور خلال الساعات الماضية. وأعلنت وزارة الدفاع الروسية أن غواصاتها في البحر المتوسط قصفت بصواريخ "كالبير" المجنحة المدينة ودمرت مستودعات أسلحة للتنظيم.

في غضون ذلك، تقدمت قوات النظام والمليشيات المساندة نحو مدينة الميادين، جنوب شرقي دير الزور، والتي تضعها هدفاً منذ توسيع سيطرتها في المحافظة. وذكر "الإعلام الحربي المركزي" التابع لقوات النظام، أن "النظام السوري وحلفاءه يتابعون عملياتهم القتالية في ريف دير الزور الجنوبي الشرقي، انطلاقاً من سلسلة جبال الثردة نحو الميادين". وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن "قوات النظام ومليشيات متحالفة معها دخلت المناطق الغربية من الميادين، التي تضم مخازن القمح وسوق الماشية". ولم يتم تأكيد الأنباء أو نفيها من جهات أخرى. وكان قد قُتل وجُرح العشرات في الغارات الجوية على الميادين، وهي آخر معاقل "داعش" في سورية، وعلى مناطق قريبة منها على مدار الأيام الماضية.

غير أن مصادر محلية نفت صحة الصور التي نشرتها مواقع موالية للنظام السوري، والتي تتحدث عن سيطرة الأخير على مساحات واسعة من ريف دير الزور الشرقي. وأكدت المصادر أن تنظيم "داعش" ما زال يسيطر على المنطقة الممتدة من بلدة البوعمر حتى مدينة البوكمال على الحدود السورية – العراقية.