ليبيا: حكومة الوفاق تسابق التدخل العسكري... وتونس تتأهب

ليبيا: حكومة الوفاق تسابق التدخل العسكري... وتونس تتأهب

13 فبراير 2016
السراج يضغط لإعلان الحكومة سريعاً (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -
 
تخيّم أجواء التدخل العسكري الأجنبي المتوقّع في ليبيا، على المجلس الرئاسي الليبي، الذي يحاول الدفع لإعلان حكومة "الوحدة الوطنية" سريعاً مستبقاً التدخّل، الذي بات يسيطر أيضاً على المشهد التونسي بكل مكوّناته. وعلى الرغم من أن العقبات تبدو مستمرة أمام ولادة هذه الحكومة الليبية، إلا أن المجلس الرئاسي الذي واصل اجتماعاته في مدينة الصخيرات المغربية، أكد في بيان فجر أمس الجمعة، أنه اقترب من تشكيل الحكومة، وأنه سيعلن عن التشكيل الجديد "قريباً جداً"، لافتاً إلى أنه حاول طيلة الأيام الماضية العمل بمبدأ التشاور بين أعضائه لتحقيق "أوسع توافق ممكن".

وشدد على أنه تمّ تحديد عدد الوزارات ومسمياتها وفق الآليات الواردة في الاتفاق السياسي، معلناً أنه تمّ تحديد معايير الترشيح اللازمة للحقائب الوزارية من دون إقصاء أو تهميش لأي من مكونات وتيارات الشعب الليبي. وعبّر المجلس عن أسفه لتغيب النائب علي القطراني عن اجتماعات الخميس، مؤكداً التزامه بما حث عليه الاتفاق السياسي من إعلاء مبدأ التوافق، داعياً إياه للعودة سريعاً إلى الاجتماعات لاستكمال المهام. وكان القطراني قد أعلن الخميس، عن مقاطعته لمشاورات المجلس بسبب ما سمّاه "غياب التوافق وسيطرة التيار الإسلامي على المجلس"، وقالت تقارير إعلامية ليبية إنه رفض اللجوء إلى التصويت في تشكيل الحكومة، وذلك فيما أفادت معلومات أن فايز السراج، يريد التصويت بعدما بقي الخلاف قائماً وخصوصاً حول وزارة الدفاع.

أما تونس، التي تستعد لتداعيات التدخّل في ليبيا، فقد شهدت زيارات مكوكية لعدد من المسؤولين الدوليين، واتصالات هاتفية مكثفة مع جهات دولية أخرى للتباحث في هذا الموضوع. وعلمت "العربي الجديد" أن السفير الأميركي في تونس دانيال روبنستين، التقى أمس الجمعة رئيس مجلس النواب محمد الناصر في لقاء لم تُكشف تفاصيله. ويُفترض أن يلتقي أيضاً رئيس الحكومة الحبيب الصيد ورئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي.

كما يتوجّه وزير الخارجية خميس الجهيناوي إلى الجزائر اليوم السبت، في إطار التنسيق والتشاور بين البلدين، كما أعلنت الخارجية التونسية في بيان. وتمتد زيارة الجهيناوي على مدى يومين، سيحمل خلالها رسالة خطية من الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، إلى الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة. وبحسب البيان، سيُجري الجهيناوي، لقاءات ومباحثات مع عدد من كبار المسؤولين الجزائريين حول مسيرة التعاون الثنائي وسبل دعمها وتعزيزها في مختلف المجالات.
وزار رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز، مطلع الأسبوع تونس، مؤكداً "أن استقرار ليبيا من مصلحة المغرب العربي وأوروبا، إذ تثير الفوضى في ليبيا قلقاً متنامياً لدى جارتها تونس". ولفت إلى أن "الاتحاد الأوروبي يشترك مع هذه الدول في الهدف ذاته وهو تشكيل حكومة وحدة وطنية تتولى مهامها بدعم كامل من الشعب الليبي"، مؤكداً أنه يتعين على الأوروبيين إدراك التبعات الاقتصادية والأمنية لعدم الاستقرار في ليبيا. وتلت زيارة شولتز زيارة لوزير الخارجية الدنماركي، كريستيان ينسان، الذي أكد أن بلاده تتعهّد بأن تكون "صوت تونس في البرلمان الأوروبي خلال السنوات المقبلة".

كما زارت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة، مادلين أولبرايت، أول من أمس الخميس، تونس على رأس وفد من الخبراء من "المجلس الأطلسي" الأميركي المكلفين بإعداد تقرير حول الاستراتيجية في الشرق الأوسط. وأعلنت أولبرايت، خلال لقائها أمس برئيسة منظمة أرباب العمل، وداد بوشماوي، أن زيارتها إلى تونس على رأس مجموعة العمل تأتي في إطار الاطلاع عن قرب على التجربة التونسية وتقديم مقترحات لتفعيل التعاون الثنائي التونسي الأميركي.

اقرأ أيضاً: مصر والتدخّل العسكري في ليبيا: دعم لوجستي ودور استخباراتي

وتحسّباً لتطوّر الأوضاع في ليبيا ولتداعياتها، سمح رئيس الحكومة التونسية، الحبيب الصيد، لمحافظي الجنوب الشرقي، بتشكيل لجان مناطقية تضمّ مختلف الأطراف المعنية بهدف اتّخاذ الاحتياطات الضرورية وإعداد خطة عمل على مستوى كل ولاية للاستعداد للتعامل مع ما قد يطرأ من مستجدات وأوضاع استثنائية. وأكد الصيد، أمس الجمعة، اتخاذ التدابير اللازمة لضمان التنسيق والتكامل بين الجهات المعنية. وستعمل اللّجنة المناطقية بالتنسيق مع اللجنة الوطنية التي تم استحداثها إثر اجتماع خلية التنسيق الأمني والمتابعة في 9 فبراير/شباط الحالي، وتشرف عليها وزارة الخارجية.

وكان وزير الخارجية خميس الجهيناوي، أكد في تصريحات للإعلاميين، أن تونس لديها استراتيجيّة لأخذ احتياطاتها على المستويين الإنساني والأمني في حال حصول التدخّل العسكري في ليبيا، على الرغم من عدم دعمها لهذا التدخّل. وتم تشكيل خلية وطنية تحت إشراف وزارة الشؤون الخارجية لإعداد خطة وطنية متكاملة تحسباً لأي طارئ في محورين أساسيين، هما حماية الحدود في البعد الأمني وقبول الوافدين من ليبيا وإغاثتهم بالتنسيق مع المنظمات الأممية في البعد الإنساني.

وتتواصل التحذيرات التونسية من مغبة أي تدخل في ليبيا، وكان أبرزها من الرئيس التونسي السابق منصف المرزوقي، الذي أكد رفضه لأي تدخّل عسكري في ليبيا، معتبراً أن تونس ستكون أولى ضحاياه، وستواجه عبئاً لا تستطيع تحمله. وقال المرزوقي، في بيان نشره على صفحته الرسمية على موقع "فيسبوك"، إن "هذا التدخّل إذا حصل، سيكون الهدية الملكية من الغرب لداعش". واعتبر أن "ما لا يفهمه الذين قرروا التدخّل العسكري في ليبيا أن أكبر ضحية ستكون تونس، وهي تواجه عبئاً لا تستطيع تحمّله، وأن ثاني ضحية ستكون صورة الغرب وقد أصبحت مقترنة أكثر من أي وقت مضى، في ذهن الشباب العربي والمسلم بالحملات العسكرية في أرض العرب والمسلمين ودعم الاستبداد في كل أرجائه".

من جهة أخرى، دعت الرابطة التونسية لحقوق الإنسان، الحكومة التونسية إلى تأكيد موقف رسمي واضح رافض للعدوان العسكري والتدخل في الشأن الليبي، ومعارض لاستعمال مجالات الدولة التونسية البرية والجوية والبحرية لانتهاك سيادة الدولة الليبية. كما طالبت السلطات التونسية في إطار إيجاد حل للمعضلة الليبية، بأن تسعى جاهدة إلى إرساء تنسيق فاعل وناجع مع دول الجوار وخصوصاً دول المغرب الكبير بهدف إيجاد السبل الكفيلة لإيقاف "هذا العدوان الأجنبي السافر، وذلك مع المكونات السياسية والمدنية والحقوقية الليبية، حمايةً لليبيا شعباً ووطناً وحضارة". ودعت المنظمة في بيان لها "كافة مكونات المجتمع المدني إلى التحلي بالمزيد من اليقظة والتنسيق من أجل إطلاق المبادرات اللازمة للمساهمة في منع العدوان العسكري، وإيجاد الحلول السلمية اللازمة منعاً لحصول الدمار للبلاد والمآسي للشعب الليبي".

وفي السياق، يبدو أن الأنباء عن تدخّل عسكري غربي محتمل لمواجهة "داعش"، قد دفعت التنظيم إلى التوسّع خارج ليبيا، إذ نقلت وكالة "رويترز" عن مسؤولين ومصادر بالاستخبارات، أن مجموعات من مقاتلي "داعش" يغادرون قواعدهم في ليبيا خشية وقوع ضربات جوية غربية ويتجهون جنوباً فيما يشكل خطراً جديداً على بلدان في منطقة الساحل الإفريقي منها النيجر وتشاد.

ونقلت الوكالة عن مدير التوثيق والمعلومات العسكرية بالقوات المسلحة في النيجر الكولونيل ماهامان لامينو ساني، قوله إن "داعش يتحرك صوب جنوب ليبيا لتفادي الضربات الجوية المحتملة من التحالف الأوروبي". وأضاف، على هامش تدريبات سنوية في السنغال لمكافحة الإرهاب تقودها الولايات المتحدة "إذا حدث شيء كهذا، سيتأثر الساحل الإفريقي بأكمله". كما نقلت الوكالة عن مصدر في جهاز استخبارات غربي، أن مقاتلي "داعش"، دخلوا النيجر بالفعل.

اقرأ أيضاً: تونس: 3 أولويات داخلية وإقليمية للسبسي

المساهمون