الملتقى الوطني في ليبيا: جهود كبيرة لنتائج غير مضمونة

الملتقى الوطني في ليبيا: جهود كبيرة لنتائج غير مضمونة

27 نوفمبر 2018
يكُثف سلامة حراكه لإطلاق الملتقى (ياسين قايدي/الأناضول)
+ الخط -


بدأت تحركات رئيس البعثة الأممية في ليبيا، غسان سلامة، بشكل فعلي للإعداد للملتقى الوطني الجامع، بل والإعلان عن أهدافه، لا سيما بعد لقائه رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، يوم الإثنين من الأسبوع الماضي، وقيادات بارزة في مدينة ترهونة السبت.
ويمثّل هذا الملتقى البند الثاني في الخطة الأممية التي أعلن عنها سلامة في سبتمبر/أيلول من العام الماضي، ومن المقرر أن يجمع الملتقى شرائح وأطيافا ليبية واسعة، من الأحزاب والممثلين الاجتماعيين والقبليين والسياسيين، لا سيما غير الممثلين في الأجسام السياسية الحالية، كخطوة لسد الفراغ الذي قد يتركه عدم توافق الأطراف السياسية الحالية على صيغة للحل السياسي، قبيل وصول ليبيا إلى مرحلة انتخابات رئاسية وبرلمانية.

وأعلن سلامة خلال إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن الدولي، في الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، عن تعديل في خطته الأممية، مؤكداً أن الملتقى سيُعقد مطلع العام المقبل. كما حددت البعثة الأممية أجندة الملتقى، في بيان لها عقب لقاء سلامة مع المشري الإثنين، بأنه سيركز على عدد من النقاط، أهمها مشروع الدستور والترتيبات الأمنية ومشروع قانون الانتخابات. وجاءت زيارة سلامة إلى ترهونة ولقاؤه عدداً من قياداتها، في سياق التحضير للملتقى، إذ أشارت البعثة إلى أنه أكد لقيادات المنطقة أن الملتقى سيتيح لليبيين الوصول إلى قرارات بشأن موعد الانتخابات ووضع إطار دستوري لها، كما أنه يتضمن الاتفاق على آلية لحسن توزيع الموارد بين الليبيين.

وتأتي تحركات سلامة الأخيرة باتجاه الإعداد لعقد الملتقى بعد إعلان البعثة الأممية تسلمها تقريراً مطلع نوفمبر الحالي، من مركز الحوار الإنساني، المكلف بعقد اللقاءات الوطنية التحضيرية للملتقى، يفيد بأنه عقد 77 لقاء في أكثر من 40 موقعاً في عموم أرجاء ليبيا، شارك فيها أكثر من 7 آلاف ليبي. وأكدت البعثة أن نتائج التقرير هي الأساس الذي سينعقد عليه الملتقى.

وتعددت آراء المراقبين الليبيين إزاء مساعي البعثة الأممية الحثيثة للاتجاه إلى مسار جديد لجمع أطياف سياسية واجتماعية ليبية لإشراكها في حل الأزمة الليبية. ورأى أستاذ العلوم السياسية الليبي، خليفة الحداد، أن الملتقى فرصة جديدة لليبيين لإنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة الوطنية وإصدار التشريعات اللازمة لإجراء الاستفتاء والانتخابات العامة والرئاسية، لكنه اعتبر في حديث لـ"العربي الجديد" أن نجاح الملتقى رهن بحسن الإعداد له وتوسيع دائرة المشاركة فيه وعدم إقصاء أي طرف ليبي. وتحدث الحداد عن بعض المخاوف التي قد تكتنف الشعور المحلي الليبي من المشاركة في الملتقى أو حيال نتائجه، لافتاً إلى "غموض أجنداته حتى الآن، فالدعوة له واسعة لكن البعثة لم تحدد حول ماذا سيلتقي الليبيون الذين فقدوا الثقة في كل المؤتمرات، سواء الدولية أو المحلية، وما مؤتمر باليرمو وقبله باريس ببعيدين عن الأذهان".


وأشار إلى أن "العقبات الأولى التي حدت من سبل التوافق الوطني لا تزال موجودة، فالاتفاق على أطر دستورية للانتخابات المقبلة يشبه ما حدث في الصومال عام 2012، وحتى الآن لم يتحقق شيء بسبب الأطراف المتمترسة وراء السلاح وتحديداً خليفة حفتر"، مؤكداً أن الحل هو بإلزام مجلس النواب الموالي لحفتر بإصدار قانون استفتاء متفق عليه للخروج بدستور، يضمن قاعدة سليمة للانتخابات. وأضاف "في اليمن حدثت تجربة مماثلة للملتقى الوطني، لكن من دون تمثيل الأطراف المسلحة، ولذا يتوجب تمثيلها لإلزامها بنتائج الملتقى، كما أن المجتمع الدولي يجب أن يكون حاضراً لإرغامها على الخضوع للنتائج المتفق عليها"، لافتا إلى أن "الملتقى يجب أن يضم تمثيلاً اجتماعياً أوسع، ولا يتوقف على تمثيل الأطياف السياسية الحاكمة حالياً أو معارضيها".
وحذر الحداد من العودة إلى نقطة الصفر في حالة فشل الملتقى، "عندها لا يمكننا الرجوع لا إلى مجلسي النواب والدولة، ولا إلى المجلس الرئاسي، وسوف تتبخر جهود الوصول إلى دستور لأن الانقسامات سوف تتزايد بعدد الممثلين في الملتقى، وهي شرائح كثيرة وواسعة".

لكن عضو حزب "التجمع الوطني من أجل ليبيا"، مفيدة الطرباق، رأت أن سلامة لن يجازف بمصير الخطة الأممية، معتبرة أن المجتمع الدولي أعلن دعم خطة سلامة، ما يعني استعداده لإنجاح الملتقى وفرض نتائجه. وقالت الطرباق في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "اللقاءات الدولية السابقة، وآخرها باليرمو، يبدو أنها قربت المسافات بشكل كبير بين المتنافسين الدوليين حول ليبيا، والبعثة الأممية رأت أن تسعى اليوم لتقريب وجهات النظر المحلية"، مضيفة أن باليرمو لم يكن يهدف إلى حل الأزمة الليبية بقدر ما سعى إلى تقارب بين الأطراف الدولية وهو ما حدث نسبياً، بحسب رأيها.

لكن الطرباق تتفق مع الحداد في عدد من المخاوف حول الملتقى، من بينها عدم وضوح آلية المشاركين وكيف سيتم اختيارهم، وبالتالي تكرار خطأ اختيار ممثلي الأطراف الليبية في جلسات الحوار السياسي الذي أنتج اتفاق الصخيرات نهاية عام 2015، والذي لم تتمكن الأطراف من تطبيقه لعدم إجماعها عليه، بحسب الطرباق. وأضافت: "إذا بددت البعثة الأممية هذه المخاوف وغيرها، فسيكون اللقاء فرصة أمام الليبيين لعرض رؤاهم على الأمم المتحدة مباشرة، وإبعاد احتكار الأجسام السياسية الحالية للمشاركة في لقاءات دولية ومحلية لوضع الحلول، بل وربما سيمكن حلحلة الوضع في البلاد من خلال إبعاد الأجسام الحالية وإنهاء وجودها عبر الاتفاق على مواعيد زمنية محددة لإجراء الانتخابات وقبلها الاتفاق على أطر دستورية". وأكدت أن تصريحات أعضاء من مجلسي النواب والدولة الرافضة لعقد الملتقى، "قد تشير إلى توجّسهم من قرب انتهاء دورهم المعرقل للحلول السياسية في ليبيا وإمكانية بروز نخب سياسية ووجوه اجتماعية مؤثرة بإمكانها التوصل إلى حلول ناجعة".

المساهمون