خطة السيسي لـ"الحسم" في سيناء: تعزيزات عسكرية وأسلحة جديدة

خطة السيسي لـ"الحسم" في سيناء: تعزيزات عسكرية وأسلحة جديدة

06 مايو 2016
عشرات العمليات استهدفت الأمن المصري في سيناء أخيراً(فرانس برس)
+ الخط -
بدأ الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مرحلة جديدة في مواجهته المفتوحة مع تنظيم "ولاية سيناء"، الذي أعلن مبايعته لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، بإصداره قراراً بتمديد حالة الطوارئ في شمال شرق سيناء 3 أشهر أخرى حتى نهاية شهر يوليو/ تموز المقبل. وتشير الوقائع الميدانية إلى تصعيد جديد بشن حملات أمنية وعسكرية مكثفة ضد المسلحين، مع إخلاء المزيد من المناطق السكنية لإحكام السيطرة على الأوضاع.
وقالت مصادر حكومية مطلعة، إن الاجتماع الذي عقده السيسي مع وزير الدفاع صدقي صبحي ورئيس الأركان محمود حجازي وقادة الفروع الرئيسية للقوات المسلحة، مساء الثلاثاء الماضي، شهد إقرار خطة لإدارة مرحلة جديدة يريد السيسي أن تكون "حاسمة" في الصراع العسكري مع المسلحين. وبحسب المصادر، تتضمن المرحلة الجديدة تكثيف الضربات العسكرية وتتابعها، وإخلاء المزيد من المناطق على الحدود، وتدمير ما تبقى من أنفاق حدودية، بالإضافة إلى رفع مستوى التعاون الاستخباراتي مع إسرائيل وحركة "حماس" والولايات المتحدة وروسيا لإحكام الرقابة على حركة الدخول إلى سيناء والخروج منها، عبر صحراء النقب وغزة، والهجرة غير الشرعية من أماكن أخرى.
وأضافت المصادر أن الخطة تتضمن أيضاً الدفع بتعزيزات عسكرية وإدخال أسلحة جديدة إلى ميدان المواجهة في شمال شرق سيناء، لافتة إلى أن لقاء الثلاثاء تناول أيضاً كيفية الاستفادة من حاملة الطائرات المروحية الجديدة "جمال عبدالناصر"، من طراز ميسترال الفرنسية، التي ستصل إلى مصر خلال أسابيع، للسيطرة على ساحل البحر المتوسط من خلال تكثيف الطلعات الجوية بطائرات الأباتشي. وكشفت المصادر أن "السيسي أعرب عن غضبه لطول المدى الزمني للمعارك، نظراً لما تكلفه العمليات من إجهاد لميزانية الدولة الضعيفة".
وأكد شهود عيان في محيط رفح أن قوات كبيرة من الجيش وصلت إلى المنطقة العازلة، مدعومة بدبابات ومدرعات وناقلات جند وسيارات مصفحة، تمركزت في عدة محاور في المدينة، وهي "تعتبر الأكبر منذ عدة أشهر"، كما يتم إعداد أماكن لإنشاء كمائن جديدة على الطرق.


ويبدو أن هذه التعزيزات تأتي في إطار محاولة حصار المجموعات المسلحة، التي لم تفقد أماكنها المهمة استراتيجياً في المنطقة على الرغم من الخسائر الكبيرة في عمليتي "حق الشهيد 1 و2"، وهو ما يثير تساؤلات عن كفاءة العمليات الاستخباراتية للجيش، وقلقاً بين أهالي مدينة الشيخ زويد تحديداً، التي تدور حولها معظم المعارك.
وفي هذا الصدد، أشارت مصادر قبلية إلى أن الأسابيع القليلة الماضية شهدت عشرات العمليات العسكرية ضد الجيش المصري والشرطة من قبل مسلحي "ولاية سيناء"، ما أدى إلى مقتل وإصابة العشرات من قوات الأمن. وبحسب المصادر، فإن مسلحي التنظيم باتوا يتحركون بأريحية داخل قرى ومدن رفح والشيخ زويد، وعلى أطراف العريش، لافتة إلى أن حواجز هذا التنظيم منتشرة على الطرق الواصلة بين القرى، ويقوم أفراده بتفتيش السيارات والتدقيق في بطاقات التعريف الخاصة بالمواطنين.
وقال محمد زعرب، أحد سكان مدينة رفح، إن أفراد تنظيم "ولاية سيناء" يتحركون داخل المدينة متخفين، لكنهم يستطيعون إيقاف أي مواطن واعتقاله، مضيفاً: "خلال طريقنا للعريش، نمرّ على حواجز لأفراد التنظيم، ومعهم جهاز حاسوب محمول، يفحصون رقم البطاقة عليه". ويدل هذا الحديث على أن التنظيم قد اخترق إحدى الشبكات الحكومية لاستطلاع الحالة الجنائية للأفراد، أو أنه حصل على معلومات كاملة عن المواطنين القاطنين في المنطقة، وهناك احتمال آخر بأن يكون هذا الإجراء لخداع المواطنين وتخويفهم من قوة التنظيم.
وعلى الرغم من الهدوء النسبي، إلا أن الإجراءات الأمنية التي اتخذها الجيش من هدم للمنازل ولمناطق سكنية كاملة، ما أدى إلى تهجير ثلثي سكان شمال شرق سيناء قسرياً، لم تتوقف عند هذا الحد، بل امتدت أخيراً إلى قطع المياه والكهرباء عن مناطق واسعة، إذ شكا سكان مدن العريش والشيخ زويد ورفح من انقطاع المياه لعدة أيام، ما دفعهم للبحث عن مصادر مياه أخرى. ويُرجع سكان سيناء هذه السياسة الجديدة إلى سلسلة محاولات يقوم بها الجيش لإجبارهم على الرحيل من مناطق سكناهم.
وفي العريش، تستمر أزمة المياه للشهر الثاني على التوالي، إذ يعاني السكان من شح المياه في المنازل، بسبب عدم انتظام ضخّها، وتصل لبعض الأحياء مرةً واحدة كل ثلاثة أيام. وقال أبو محمد، أحد سكان حي السلايمة، لـ"العربي الجديد"، إن "أزمة المياه تفاقمت خلال الأسبوعين الماضيين، إذ أصبح هناك جدول لتوزيع ضخ المياه في أغلب مناطق العريش، وعلى الرغم من ذلك لا نشعر بوجود التزام بهذا الجدول المفروض على أحياء العريش". وأشار إلى أن "انقطاع المياه لأيام طويلة، دفع السكان إلى شراء المياه من السيارات التي باتت تتجول في شوارع العريش، وأصبح المواطنون يصطفّون أمام هذه السيارات لتعبئة الغالونات الصغيرة، للاستخدامات الضرورية في المنازل".
وأكدت مصادر قبلية أن الجهات الرسمية المتمثّلة بإدارة محافظة شمال سيناء ونواب سيناء في البرلمان لم يتفاعلوا مع الأزمات القائمة في مدن المحافظة، أو يحاولوا حلها بالتنسيق مع الأجهزة السيادية في الدولة. كما أفاد أحد النشطاء الإعلاميين في العريش لـ"العربي الجديد"، بأن أزمة انقطاع الإنترنت أثّرت بشكل كبير على مصالح المواطنين، ومتابعة الأخبار المصرية اليومية. وتوقّع أن يكون النظام المصري يتعمّد قطع الإنترنت والاتصالات عن سيناء لمنع وصول المعلومات لبقية أرجاء الدولة عما يدور في سيناء من أحداث أمنية بشكل يومي، والاكتفاء بالرواية الرسمية الصادرة عن الجيش والداخلية. وأوضح أن بعض النشطاء يحصلون على الإنترنت من خارج الخطوط الرسمية، عبر طرق أخرى لم يفصح عنها، لافتاً إلى أنها مكلفة وتحتاج لمتابعة تقنية دائمة، ما يقلل إمكانية استخدامها بشكل كبير.