جيريمي كوربن يرسم خطة حزب "العمال" لبريكست

جيريمي كوربن يرسم خطة حزب "العمال" لبريكست

26 فبراير 2018
كوربن ينتقد حكومة ماي: فوضوية وتائهة (كريس راتكليف/Getty)
+ الخط -
ألقى زعيم حزب "العمال" البريطاني، جيريمي كوربن، كلمة، اليوم الإثنين، في مدينة كوفنتري، رسم فيها خطوط سياسة حزبه حيال بريكست، مشددا على أهمية العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، على مدى العقود الخمسة الماضية، ومدافعاً عن ضرورة وجود اتحاد جمركي مع الاتحاد الأوروبي. 

ويؤدي التزام حزب "العمال" باتحاد جمركي مع الكتلة الأوروبية، إلى رفع الضغوط على رئيسة الوزراء، تيريزا ماي، حيث قد يؤدي تحالف حزب "العمال" ومتمردي حزب "المحافظين" في مجلس العموم، إضافة إلى الأحزاب المعارضة الأخرى، إلى إلحاق هزيمة برئيسة الوزراء، في تصويت في البرلمان البريطاني، الربيع المقبل. 

ورغم ذلك، نفى كوربن التزام حزبه بعضوية بريطانيا في السوق الأوروبية المشتركة، والتي تقف عائقاً في طريق خطط حزبه الاقتصادية، فـ"حزب العمال" لا يرغب في أن تحصل بريطانيا على صفقة نرويجية أو سويسرية أو تركية مع الاتحاد الأوروبي، بل يرغب في أن تحصل بريطانيا على صفقة خاصة بها تتناسب مع رؤية حزبه اليسارية لمستقبل بريطانيا، وتتعامل مع خصوصية اقتصادها". 

"ستحتاج بريطانيا لصفقة خاصة بها. سيقوم حزب "العمال" بالتفاوض على علاقة جديدة وقوية مع السوق المشتركة، والتي ستشمل وصولاً للسوق من تعرفة جمركية، وستكون مبنية على الحقوق والمعايير الموجودة حالياً. سيتوجب على هذه العلاقة أن تضمن قدرتنا على تطبيق برنامجنا الاقتصادي الطموح"، يضيف زعيم "العمال": "ولذلك سنسعى للتفاوض على الحماية والاستثناءات والتوضيحات الجمركية عند الحاجة، فيما يتعلق بمبادرات الخصخصة والمنافسة في توفير الخدمات العامة".

وتابع كوربن "لن يوقفنا أحد، سواء داخل الاتحاد الأوروبي أو خارجه، من اتخاذ الخطوات التي نحتاجها لدعم الصناعات المتقدمة والأعمال المحلية، ولوقف مسار الخصخصة ومنع أرباب الأعمال من استيراد الأيدي العاملة الرخيصة، بهدف إلحاق الضرر بالأجور وظروف العمل في البلاد".

كما هاجم سياسة الحكومة المحافظة الحالية في التعامل مع بريكست، واصفاً إياها بـ"الفوضوية والتائهة"، خاصة في محل تعليقه على الفترة الانتقالية: "ذكر حزب "العمال" أهمية الفترة الانتقالية المستقرة، الصيف الماضي... طننا أن الحكومة قبلت بالأمر، ولكنهم يبدون تائهين حيال الأمر مجدداً. هذه الحكومة، مرة تلو الأخرى، تتفق حول شؤونها وقت الإفطار، وتُنصح ضد قرارها بوقت الغداء، وتتراجع عنه بعد ظهر اليوم ذاته".

وأكد المتحدث ذاته أهمية العضوية في شكل من أشكال الاتحاد الجمركي مع الاتحاد الأوروبي، لتجنب فرض الرسوم الجمركية على التجارة البريطانية مع الاتحاد، والتي تصل إلى 44% من صادراتها، و50% من وارداتها. كما يرى أهمية الاتحاد الجمركي في منع قيام الحدود الصلبة في الجزيرة الإيرلندية، وبالتالي "حماية اتفاق الجمعة العظيمة الذي جلب نهاية الحرب الأهلية في إيرلندا الشمالية قبل عشرين عاماً". 

ويرى أن "عضوية بريطانيا في الاتحاد الجمركي ستكون مشروطة بأن يكون لها صوت في عملية التفاوض التجاري الأوروبية، ولن يقبل حزب "العمال" بصفقة تكون بريطانيا فيها الطرف المتلقي فقط. فالاتفاقيات التجارية المستقبلية يجب أن تحمي المصالح الوطنية البريطانية، وحزب "العمال" لن يقبل بصفقات قد تضر بحقوق العمال وتؤدي إلى خسارة الوظائف ونوعية الحياة"، منتقداً في ذلك سعي حزب المحافظين إلى "إبرام اتفاقيات تجارة حرة مع دول مثل الصين والولايات المتحدة، واللتين لا تتمتعان بمستوى الاتحاد الأوروبي في المعايير والقوانين". 

وأوضح كوربن أن حزبه يدعم البقاء في عدد من الوكالات الأوروبية، التي استفادت بريطانيا من عضويتها في دعم القطاعات الصناعية وحماية "العمال" والمستهلكين، إضافة إلى حماية البيئة، وأن "استمرار العضوية في وكالات، مثل يوراتوم، والتي تنظم استهلاك المواد النووية في مجالات الطاقة والصحة على المستوى الأوروبي، أو برنامج إيراسموس للتبادل الدراسي، أكثر جدوى اقتصادية من الانسحاب منها وتشكيل وكالات بديلة مطابقة لها".



وفيما يتعلق بسياسات الهجرة، طالب كوربن بـ"الإقرار بواقع أن بريطانيا ستغادر الاتحاد الأوروبي، وأن هناك حاجة لسياسة هجرة جديدة"، وتعهّد بأن يقوم حزبه بـ"تصميم سياسة تدور حول احتياجات الاقتصاد البريطاني، ومبنية على قواعد عادلة ومنطقية". 

وفيما يتعلق بالسلطات التي ستستعيدها بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بعد بريكست، فقد تعهّد بتسليمها للسلطات المحلية، بهدف أن "تكون السلطة أقرب للشعب"، متقرباً في ذلك من حكومات اسكتلندا وويلز وإيرلندا الشمالية، التي تقارع حكومة المحافظين التي تصرّ على مركزية صنع القرار. 

واختتم كوربن كلمته بالتشديد على انفتاح حزب "العمال" على العالم، مذكراً بروابطه الدولية. وتعهّد بتوفير "الأمن والحرية والديمقراطية والأمن الاقتصادي والحماية البيئية للجميع"، داعياً إلى أن تعمل بريطانيا مع الجميع لمواجهة المخاطر التي تواجه الإنسانية: تركز الثروات في أيدي القلة، التغيير المناخي، والأعداد المتزايدة من اللاجئين. كما انتقد التدخل العسكري الخارجي، ودعا إلى التعاون الدولي الجدي لمواجهة أسباب النزاعات وعدم المساواة، متعهداً بأن تلعب بريطانيا دورها إلى جانب الاتحاد الأوروبي في هذا المجال.