قرية عصيرة القبلية في نابلس... سرقة الأراضي لحماية المستوطنات

قرية عصيرة القبلية في نابلس... سرقة الأراضي لحماية المستوطنات

26 يناير 2017
شهدت عصيرة القبلية مواجهات مع الاحتلال (جعفر أشتيه/فرانس برس)
+ الخط -
لا يستطيع المواطن الفلسطيني يوسف أحمد، من بلدة عصيرة القبلية، جنوب نابلس، إلى الشمال من الضفة الغربية، الوصول إلى أرضه منذ نحو عشر سنوات، وهي أرض تقدر مساحتها بدونمين، ومزروعة بالعنب، تجنباً لاعتداءات المستوطنين الذين يقيمون مستوطنة يتسهار على أراضٍ فلسطينية منذ ثمانينيات القرن الماضي. يوسف أحمد، أحد المالكين لقطعة أرض مجاورة لأرض قررت سلطات الاحتلال الإسرائيلي مصادرتها أخيراً، ووضع اليد عليها لدواع أمنية، يقول لـ"العربي الجديد"، إنه كان سابقاً يحافظ على أرضه ويعتني بها بشكل مستمر، إلا أن إقامة المستوطنة، وتطرف المستوطنين واعتداءاتهم على المزارعين، حد من وصوله إلى تلك المنطقة، "ومثلي أيضاً العشرات من مالكي تلك الأراضي في تلك المنطقة".

يمتلك المواطن الفلسطيني يوسف أحمد أوراقاً تثبت ملكيته للأرض، مثل حصر الإرث وإخراج القيد. وقد توجه إلى المؤسسات الفلسطينية القانونية التي من الممكن أن تساعده للوصول إلى أرضه، إلا أن كل المحاولات لم تخرج بنتيجة. ورغم كل ذلك يقول "أن ترفع قضية على الاحتلال بسبب المصادرة والحرمان من الوصول إلى الأرض أفضل من عدم الحراك والاكتفاء بالتفرج". وبعد أيام من قرار الاحتلال وضع اليد على نحو أربعة دونمات من الأراضي الشرقية لقرية عصيرة القبلية، الأسبوع الماضي، وهي المنطقة التي تُقام عليها نقطة عسكرية منذ أربع سنوات، لحماية مستوطنة يتسهار، تحركت الجرافات العسكرية الإسرائيلية لتثبت نقطة المراقبة التي يتخذها جنود الاحتلال ثكنة عسكرية. وعلى الأراضي الشرقية لقرية عصيرة القبلية، وعلى أراضي قرى بورين ومادما وعينابوس وحوارة وعوريف، جنوب نابلس، تجثم مستوطنة يتسهار، بعد أن أقيمت هناك منذ مطلع ثمانينيات القرن الماضي. وتشهد المستوطنة توسعاً مستمراً على حساب الأراضي الفلسطينية.

وشهدت قرية عصيرة القبلية في السنوات الماضية، مواجهات ضارية بين المستوطنين وأهالي القرية، إذ كان المستوطنون يهاجمون أطراف القرية بشكل متواصل، ويعتدون على البيوت النائية، في حين يتصدى الأهالي بشراسة دفاعاً عن أرضهم. وقد تعرض العشرات منهم للاعتقال على خلفية التصدي للمستوطنين، وأصيب عدد آخر برصاص المستوطنين المتطرفين وجنود الاحتلال. وقبل نحو أربع سنوات، أصدرت سلطات الاحتلال قراراً بوضع اليد على مساحة محدودة من أراضي أهالي القرية، بلغت مساحتها 1900 متر، بحجة استخدامها لأغراض عسكرية. وأقيمت خيمة في المنطقة التي تسمى "الظهر" من القرية، وكان جنود الاحتلال يتواجدون فيها بشكل مستمر. وتطورت هذه الخيمة، على مدار السنوات الأربع، لتصبح ثكنة عسكرية، مهيأة وكاملة، إذ يوجد برج عسكري و"كرفانات" للجنود بدلاً من الخيام، ويعمل الاحتلال على تعبيد الشارع المؤدي إليها، وتوفير كافة المستلزمات للجنود.

وقال نائب رئيس المجلس القروي لعصيرة القبلية، عبد الباسط أحمد، لـ"العربي الجديد"، إن "قرار سلطات الاحتلال وصل إلى المجلس الأسبوع الماضي، ونص على تجديد قرار وضع اليد على المنطقة ذاتها، أي الأراضي التي صودرت في العام 2013، بالإضافة إلى نحو دونمين إضافيين. وقد أوضح الارتباط في البلاغ، الذي وصل للمجلس، أن هذه النقطة العسكرية مقامة من أجل حماية المستوطنين من أية عمليات فدائية ممكن أن تنفذ في مستوطنة يتسهار". وعقد المجلس القروي لعصيرة القبلية اجتماعاً مع أصحاب الأراضي، وأبلغهم بما ورده من الاحتلال الإسرائيلي، علماً أن الاحتلال أعطى المزارعين مدة لا تزيد عن سبعة أيام للاعتراض على القرار، مؤكداً ضرورة التوجه إلى المؤسسات القانونية، التي تعنى بمثل هذه القضايا، لرفع قضايا على الاحتلال الإسرائيلي واسترجاع الأراضي. ويوضح أحمد أن المجلس يعمل على متابعة الأمر مع العوائل من خلال توفير الأوراق اللازمة ورفعها إلى المؤسسات المعنية بهذا الشأن.

أما ردود الأفعال الشعبية من أهالي قرية عصيرة القبلية فقد توّجت بالدعوة للتصدي لمصادرة تلك الأراضي، وعدم التعامل مع الارتباط العسكري والاحتلال الإسرائيلي في مثل هذه القضايا، وعدم تلبية دعوة الارتباط لأصحاب الأراضي بمراجعته، كون من يراجعه ربما يُعرَض عليه أخذ تعويضات مقابل استخدام الأرض، وهو ما يعتبر تأجيراً للأرض، وهذا يدخل في باب العمالة مع الاحتلال، بحسب ما ورد في بيان أصدرته فعاليات شعبية في القرية. محامي مركز القدس للمساعدات القانونية، وائل قط، قال، لـ"العربي الجديد"، إن مثل هذه القضايا التي تتحدث عن وضع اليد الأمنية والعسكرية الإسرائيلية على أراض فلسطينية، تختلف عن قضية مصادرة الأراضي لصالح الاستيطان، فهي مجازة لجيش الاحتلال الإسرائيلي، من قبل الأمم المتحدة. وأضاف أن "قضية مصادرة الأراضي لأغراض أمنية، تكون لفترة محددة، ومن ثم يتم تجديدها، وهذا ما يؤشر إلى أن وضع اليد سيكون طويل الأمد، بالإضافة إلى أن النقطة العسكرية، إذا ما تمت إزالتها، تتم السيطرة عليها من قبل المستوطنين، لكن رفع القضية في المحاكم ضد الاحتلال يثبت حق الفلسطيني في أرضه".