معركة دير الزور: "داعش" يتحفز للحسم

معركة دير الزور: "داعش" يتحفز للحسم

18 مايو 2015
ينوي "داعش" تطهير مناطق سيطرته (عبد دوماني/فرانس برس)
+ الخط -
يحاول تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في الأيام الأخيرة، حسم معاركه ضد قوات النظام السوري المتبقية شرق سورية، ليبسط سيطرته على محافظة دير الزور بالكامل، وعلى ريف حمص الشرقي. ويعمل التنظيم على تأمين سيطرته على تلك المناطق، بالإضافة إلى محافظة الرقة وريف الحسكة، وتفريغها من أي جيوب لقوات النظام السوري أو لقوات المعارضة السورية.

لكن قوات النظام السوري المحاصرة من "داعش" في حيي الجورة والقصور في مدينة دير الزور، وفي مطار المدينة العسكري، الواقع إلى الجنوب الشرقي منها، ما زالت تقاوم هجمات التنظيم شبه اليومية عليها، وتوقع خسائر في صفوفه. كما أن قوات النظام التي تسيطر على مدينة تدمر، ما زالت تقاتل "داعش" الذي جدد هجومه، فجر أمس الأحد، على مناطق مدينة تدمر الشمالية وفي محيط قلعتها الأثرية.

وجاءت عملية الإنزال التي قامت بها قوات أميركية خاصة في حقل العمر النفطي، في ريف دير الزور الشرقي ضد "داعش"، في الوقت الذي يحاول فيه التنظيم توسيع مناطق سيطرته شرق سورية، وتنظيفها من جيوب قوات النظام السوري. وحملت العملية غير المسبوقة، رسائل جديدة وجديّة لـ "داعش"، في أن "الولايات المتحدة تراقب عن كثب تطورات المشهد الميداني شرق سورية، وبأن جيشها قادر من خلال إمكاناته الاستخباراتية العالية على اختراق التنظيم واستهداف قيادييه، في الوقت والمكان الذي تريده الولايات المتحدة".

وكان وزير الدفاع الأميركي أشتون كارتر، قد أفاد يوم السبت، أن "القوات الخاصة التابعة للجيش الأميركي، تمكنت من تنفيذ عملية إنزال جوي في حقل العمر النفطي، في ريف دير الزور، وقتلت القيادي في داعش، أبو سياف، واعتقلت زوجته". وأشار كارتر إلى أن "القيادي المستهدف مسؤول عسكري في التنظيم، وله دور في عمليات تصريف النفط والغاز، المُستخرج من الحقول التي يسيطر عليها في سورية".

اقرأ أيضاً: روايات أميركية متعددة في قتل أبو سياف سورية

ولا يعتبر "أبو سياف" الذي استهدفته عملية الولايات المتحدة من قيادات الصف الأول أو الثاني في التنظيم، ويمكن للتنظيم استبداله بقيادي آخر وبسهولة وسرعة. ما يشير بالتالي إلى حقيقة أن الولايات المتحدة لم تكن تسعى إلى إيقاع خسارة كبيرة في قيادة التنظيم، وإنما أرادت استغلال إمكاناتها الاستخباراتية لتنفيذ عملية إنزال، على شكل رسائل لقيادة "داعش".

وتأتي عملية الإنزال في ظلّ سعي "داعش" المستمر، واليومي، للسيطرة على ما تبقى من مناطق النظام السوري في مدينة دير الزور وفي مطارها العسكري. وفرض التنظيم حظراً للتجول في الأحياء التي يسيطر عليها في دير الزور ليلاً، لتتمكن قواته من التحرك بسلاسة ويسر، أثناء انتقالها لتنفيذ عملياتها العسكرية.

وشنّ "داعش" في هذا السياق هجمات كبيرة على المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري في محيط مطار دير الزور العسكري، وفي الأحياء التي يسيطر عليها النظام في دير الزور. وتمكن التنظيم أخيراً من بسط سيطرته على منطقة حويجة صكر، ذات الأهمية العالية، لكونها تصل مناطق سيطرة النظام في أحياء الجورة والقصور وهرابش، في دير الزور بمناطق سيطرتها في مطار دير الزور العسكري، ومحيطه جنوب شرق المدينة. وكانت الاشتباكات بين قوات النظام و"داعش" استمرت في المنطقة، نحو عشرة أيام، قبل أن يتمكن التنظيم، يوم الجمعة من السيطرة على حويجة صكر، والوصول إلى أطراف حي هرابش الذي تسيطر عليه قوات النظام. وقد أكد "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، أن "اقتحام داعش لحويجة صكر أسفر عن مقتل 28 شخصاً على الأقلّ من مقاتلي داعش، في مقابل أكثر من 34 من مقاتلي قوات النظام في المنطقة".

وقد ردّت قوات النظام على التقدم الميداني لـ "داعش" في المنطقة، بقصف الأحياء التي يسيطر عليها التنظيم في دير الزور بشكل عنيف، أدى لمقتل عدد من سكان هذه الأحياء وتسبب في زيادة نسبة الدمار فيها. وشنّت طائرات النظام السوري غارات جوية مكثفة، على أحياء الشيخ ياسين والجبيلة وحي المطار القديم في دير الزور، بالإضافة إلى غارات أخرى على مدينة الميادين وبلدة البوليل في ريف دير الزور الشرقي، وعلى بلدة الشميطية في ريف دير الزور الشرقي، وهي جميعاً مناطق مكتظة بالسكان، يسيطر عليها "داعش" بحكم سيطرته على كامل ريف دير الزور.

ويفرض التنظيم حصاراً كاملاً على مناطق سيطرة النظام في دير الزور، وفي مطارها العسكري، منذ منتصف ديسمبر/كانون الأول الماضي، الأمر الذي تسبب في مأساة إنسانية كبيرة للسكان في هذه المناطق، خصوصاً مع منع التنظيم دخول أي مواد غذائية نحو مناطق سيطرة النظام، التي يقطنها نحو 200 ألف مدني، بحسب تقديرات مصادر في منظمة "الهلال الأحمر"، التي تمكنت من إدخال شاحنة مواد غذائية واحدة إلى الأحياء المحاصرة من "داعش" في منتصف شهر أبريل/نيسان الماضي. ولم تتوقف أطماع "داعش" التوسعية في المنطقة عند هذا الحد، فقد جدّد التنظيم هجومه على مناطق سيطرة النظام السوري في مدينة تدمر، ذات الأهمية العسكرية والتاريخية العالية، فجر أمس الأحد.

وأكدت مصادر محلية في تدمر لـ "العربي الجديد" تمكن "داعش" من الوصول إلى الأطراف الشمالية لتدمر، بعد سيطرته على حقل الهيل النفطي وعلى جميع الحواجز التابعة لقوات النظام، على الطريق الذي يصل تدمر بمدينة السخنة، التي باتت نقطة انطلاق "داعش" الرئيسية في هجومه على تدمر.

ويسعى "داعش" للسيطرة على تدمر قبل أن يحسم معركة دير الزور باقتحام مناطق سيطرة النظام فيها، بحيث يعلن شرق سورية تحت سيطرته بالكامل، ليُطلق فيما بعد هجوماً كبيراً على مناطق سيطرة المعارضة السورية في منطقة القلمون الشرقي، انطلاقاً من بادية تدمر بهدف فتح طريق يصل مناطق سيطرته شرق سورية بمناطق سيطرته في منطقة بير القصب شرق دمشق، وفي ضاحية الحجر الأسود ومخيم اليرموك جنوبها.

اقرأ أيضاً: كنوز تدمر بين "النظام وداعش"