أزمة "الجبهة الشعبية" وعباس: معارضة سياسية بتداعيات مالية

أزمة "الجبهة الشعبية" وعباس: معارضة سياسية بتداعيات مالية

12 ابريل 2016
تعرضت الجبهة لقرارات مماثلة سابقاً (محمد تلاتيني/الأناضول)
+ الخط -
تعيش الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ثاني أكبر فصيل في منظمة التحرير الفلسطينية، أزمة مالية منذ صدور قرار شفهي من الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، بحرمانها من مخصصاتها المالية، والتي تتلقاها من الصندوق القومي الفلسطيني، الذي يدفع مستحقات ثابتة لفصائل المنظمة.
ولا يشكل القرار الأخير المرة الأولى التي تُحرم فيها الجبهة الشعبية من مخصصاتها المالية. في العام 2012، قُطعت مخصصات الشعبية بالطريقة نفسها. وعندما وقعت المنظمة اتفاقية مدريد، قطعت مخصصات مقاتلي الجبهة في لبنان. وهو إجراء تقول الجبهة إنّه عقابي على مواقفها الوطنية، ومعارضتها لسياسات السلطة الوطنية الفلسطينية.
وغالباً ما تشهد اجتماعات اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير سجالات بين ممثلي الجبهة الشعبية وعباس. وتشنّ الشعبية بين الحين والآخر هجوماً إعلامياً على سياسات عباس والسلطة. وسبق أن هاجمت الرئيس الفلسطيني حين صرّح أخيراً للصحافة الإسرائيلية وقالت إنّ تصريحاته "تتجاوز الخطوط الحُمر".



يقول عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية، رباح مهنا لـ"العربي الجديد"، إنّ عباس أعطى قراراً شفهياً بوقف مستحقات الجبهة الشعبية من الصندوق القومي الفلسطيني، معتبراً القرار "خطيئة" من قبله. ويشير مهنا إلى أنّ الرئيس الفلسطيني "لم يقرأ التاريخ الحديث جيداً، ففي كل تاريخ الجبهة لم تستجب لضغوط المنظمة أو الضغوط الإقليمية وحتى الدولية، المادية وغيرها"، لافتاً إلى أنّ الشعبية "لا تغير مواقفها التي تعتقد أنها من المصلحة الوطنية بأي ثمن".

ويصف مهنا قرار عباس بقطع المخصصات المالية عن الشعبية بـ"المنفرد"، والذي لم يشاور به اللجنة التنفيذية، مبيناً أنّ الرئيس الفلسطيني أصدر القرار لمسؤول الصندوق القومي بشكل شفهي ولم يصدره مكتوباً.

ووفقاً لمهنا، أُبلغت الجبهة الشعبية من مصادرها في المنظمة أنّ القرار جاء عقاباً لها على بيانها الذي أعلنت فيه تجاوز عباس الخطوط الحمر من خلال سلسلة من التصريحات التي أطلقها أخيراً. ويؤكد مهنا أنّ هذه ليست أول مرة يتم فيها معاقبة الشعبية وقطع مستحقاتها، إذ سبق أن تكررت هذه العقوبات على الجبهة الشعبية أكثر من مرة، غير أنه يلفت إلى أنّ الشعبية ستستمر في مواقفها وستتجاوز كل العقبات.

وفي السياق، يرى الكاتب والمحلل السياسي، أكرم عطا الله، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ قطع المخصصات المالية للجبهة "أمر مفاجئ"، ولا يجوز أنّ يتم التعاطي مع التعبير عن الآراء بمثل هذا الأمر. ويوضح عطا الله أنّ كل ما تحدثت به الشعبية هو في إطار حرية إبداء رأيها بالأشخاص والنظام السياسي والرئيس شخصياً، وهذا حق كفله القانون الفلسطيني لكل مواطن، مؤكداً أنه لا ينبغي التعامل معها بهذا الشكل رداً على موقف ورأي. ويشير عطا الله إلى أنّ هذه الأمور "تقاليد غير ديمقراطية"، ولا تعبر عن مستوى يليق بتعامل القوى والفصائل مع بعضها البعض، موضحاً أنّ مجموع ما يأتي للمنظمة ملك لكل الفصائل المنضوية في إطارها، ولا يحق لأحد أنّ يحرم منه أحدا.
غير أنّ عطا الله يبينّ ضرورة أنّ تسأل الشعبية نفسها سؤالاً كبيراً، يتعلق بمدى اعتمادها على هذه المخصصات. ويضيف "أين استثمارات الجبهة التي كان يجب أنّ تحدث نوعاً من الاستقلال المالي لتنظيم بهذا التاريخ والحجم، وكيف فشل من يدير المال بأن يصنع استقلالاً مالياً للتنظيم". وينبه إلى أنّ الحالة الفلسطينية أصبحت كالنار التي لم تجد ما تأكله وصارت تأكل نفسها، وأنّ مجموعة الخلافات الفلسطينية أكبر كثيراً من الاهتمام بالصراع مع إسرائيل، في ظل عجز الجميع عن تنفيذ شيء، مبيناً أنّ هناك خلافات فلسطينية في كل شيء.

من جهته، يشير المحلل السياسي، مصطفى الصواف، في حديث لـ"العربي الجديد" إلى أنّها ليست المرة الأولى التي يستخدم فيها عباس نفوذه المالي في التأثير على الفصائل التابعة لمنظمة التحرير، غير أنه يوضح أنّ القطع عادة يستمر لشهر أو اثنين ومن ثم تعود المخصصات بأثر رجعي.

ويشير الصواف إلى أنه لو كانت هناك ردة فعل حقيقية ضد عباس ومحاولة ابتزازه الفصائل مالياً، ولو انسحبت هذه الفصائل من اللجنة التنفيذية للمنظمة، وقاطعت عباس سياسياً وتنظيمياً، وأخذت موقفاً واضحاً من هذا الأمر، لتغير الحال، ولما تكرر أمر قطع المستحقات المالية.