القسم... أسلوب جديد للحصول على أصوات الناخبين في العراق

القسم... أسلوب جديد للحصول على أصوات الناخبين في العراق

01 مايو 2018
طرق غير أخلاقية للحصول على أصوات الناخبين (العربي الجديد)
+ الخط -

لم يترك أحد المرشحين للانتخابات البرلمانية في العراق، مؤيديه، بعد توزيعه الهدايا عليهم، يغادرون القاعة التي تجمعوا فيها، إلّا بعدما ردّدوا القسم بـ"الإمام العباس"، لانتخابه، هم وعوائلهم، في أسلوب عُدّ خارجاً عن المألوف، وبعيدا عن أخلاقيات الممارسات الانتخابية المتعارف عليها.

هذه الممارسة، كررها مرشحٌ آخر عن إحدى الكتل العربية الكبيرة، في مدينة الرمادي، أظهرت مقاطع فيديو نشرها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، يطلب فيها مدير حملة هذا المرشح، من جمهوره، أن يحلف بالقرآن أنه سيصوت له يوم الاقتراع.

ويسجل على مفوضية الانتخابات العراقية ضعف دورها الرقابي في ضبط المخالفات القانونية ومعاقبة المرشحين الذين يخالفون لائحتها التنظيمية في الترويج لحملاتهم، بما فيها استخدام العامل الديني أو المذهبي، واستغلال وضع الناخب المادي.

ويقول أحمد القريشي (49 عاماً)، وهو أحد أهالي محافظة كربلاء، لـ"العربي الجديد"، إنّ "حملات الدعاية الانتخابية لا تزال تفاجئنا بأفكار جديدة لا تخطر على بال الشارع الكربلائي"، مبيناً أنّ "أغلب المرشحين للانتخابات يقدمون الهدايا والوعود للناخبين مقابل الحصول على أصوات الناخبين".

وأشار إلى أنّ "أساليب التحايل للحصول على الأصوات اختلفت من مرشح لآخر، لكن آخرها وأحدثها هو أسلوب القسم بالإمام العباس"، مبيناً أنّ "أحد المرشحين وزع هدايا عينية على الناخبين، الذين تجمعوا بمضيف أحد الشيوخ في المحافظة. وبعد الهدايا، طلب منهم المرشح أن يقسموا بالإمام العباس على أنهم سينتخبونه هم وعوائلهم".

وقال إنّ "المواطنين أجبروا على القسم، وسيجبرون على التصويت له، باعتبار أنّ القسم أصبح في ذمتهم، ولا يمكن لهم التحايل عليه".

من جهته، قال الشيخ إبراهيم الجنابي، أحد شيوخ العشائر في محافظة بابل لـ"العربي الجديد"، إنّ "أسلوب القسم ليس حصراً على كربلاء، بل إنّ معظم المرشحين في أغلب المحافظات اتبعوه، وهو أسلوب لا يمت للأخلاق والمهنية بصلة".

ولفت الجنابي الى "شعور الأهالي بالحرج من القسم، وهم لا يستطيعون تجاوز هذه المقدسات، على الرغم من عدم قناعتهم بالشخص الذي سينتخبونه"، معتبراً أنّ "هذه الأساليب غير مقبولة، وتستوجب محاسبة المرشحين عليها".

وفي الأنبار، كبرى محافظات العراق، يحضر القسم بقوة، ما أثار الجدل بين المرشحين الإسلاميين حول جواز أن يقسم الناخب بالقرآن أو فقط بلفظ الجلالة، على قاعدة أنه لا يجوز الحلفان بغير الله، وفق ما يشرح رئيس منظمة "الأنبار أولاً" علي الدليمي.

ويأسف الدليمي لـ"انحدار المرشح إلى هذا المستوى، خاصة عند الأحزاب الدينية أو الذين يدّعون التدين، إذ تمّ رصد حالات إجبار مواطنين تلقوا هدايا ومساعدات من مرشحين على أن يقسموا بالله أو بالقرآن، أو أن يحلفوا بحياة أبنائهم أو بفقدان بصرهم، إذا نكثوا ولم ينتخبوا فلان أو علتان من المرشحين"، معتبراً أن هذا الأسلوب "مضحكٌ رغم انحطاطه".

إلى ذلك، أكدت مصادر محلية في محافظة صلاح الدين أن ظاهرة القسم أو استنطاق الناخب باليمين من قبل المرشح أو مسؤولي الحملات أصبحت شائعة جداً.

ويقول محمد عبد الستار العجيلي، وهو مواطن من مدينة تكريت يعمل سائق تاكسي، لـ"العربي الجديد"، إنه رآى بعينه حالة قسم انتخابي، راوياً أن "أحد الناخبين كان يقسم بالله ثلاثاً على انتخاب عضو حالي بالبرلمان رشح نفسه مجدداً، حاملاً بيده 50 ألف دينار (نحو 40 دولارا) تسلمها من شخص كان يستقل سيارة فارهة، دخل إلى حي يغص بالفقراء شرقي المدينة، ليوزع المال عليهم ويستحلفهم ثلاثاً".


وفي هذا الشأن، تؤكد مفوضية الانتخابات أنها اتخذت إجراءات للمحاسبة، وفرضت عقوبات مالية على كل المخالفين في الحملة الانتخابية.

وقال عضو المفوضية، أحمد التميمي لـ"العربي الجديد"، إنّ "المفوضية أصدرت عقوبات بغرامات مالية مختلفة على المخالفين لقانون الانتخابات في الحملة الانتخابية"، مبيناً أنّ "الغرامات اختلفت بحسب نوع المخالفات، من لصق الدعاية الانتخابية وأماكنها، وما إلى ذلك".

وتحدث التميمي عن "عدم وصول شكاوى على مرشحين أو أحزاب بشأن توزيع هدايا وإجبار المواطنين على القسم"، مؤكداً أنّ "المفوضية تعمل على تطبيق قانون الانتخابات، وستتابع أي مخالفة وفي أي محافظة".

المساهمون