الانتخابات البرلمانية في الكويت... طغيان الهموم الاقتصادية وتراجع الطائفية

الانتخابات البرلمانية في الكويت... طغيان الهموم الاقتصادية وتراجع الطائفية

26 نوفمبر 2016
من ندوة انتخابية سبقت يوم الاقتراع (ياسر الزيات/فرانس برس)
+ الخط -
تتنوع القضايا التي تناولها المرشحون لانتخابات مجلس الأمة الكويتي، بتنوع الخلفيات الاجتماعية والطائفية والسياسية والتباينات الاقتصادية للناخبين، والتي فرضت قضايا عدة كان لها وقع جماهيري جاذب للناخبين، الذين يذهبون اليوم السبت إلى صناديق الاقتراع لاختيار ممثليهم.
وبرز التراجع الاقتصادي الذي تشهده الكويت كأهم القضايا المطروحة، مع انخفاض أسعار النفط، وخطط الحكومة التقشفية، والتي تضمنت رفع أسعار الوقود ورفع تكلفة الكهرباء والماء والوثيقة الاقتصادية. لكن هذه الأهمية للجانب الاقتصادي لم تسحب البساط من قضايا أخرى، نافست القضايا الاقتصادية في الحضور، وربما تفوقت عليها أحياناً، مثل سحب الجنسية من معارضين، وقانون البصمة الوراثية، ومعارضة ترشح رئيس مجلس الأمة السابق، مرزوق الغانم، للرئاسة مرة أخرى، الأمر الذي تم نقاشه بصورة مكررة في المحافل الانتخابية.

رفع سعر الوقود

كان طرح موضوع رفع سعر الوقود الذي قامت به الحكومة الكويتية قبل حل البرلمان بشهر واحد ومن دون الرجوع للنواب وأخذ رأيهم، لافتاً في الندوات الانتخابية، ووصف مرشح الدائرة الثالثة، وليد الطبطبائي، مجلس الأمة المنحل بأنه واحد من "أسوأ المجالس في تاريخ الكويت"، وحمّله "مسؤولية رفع سعر الوقود" واتهمه بالتراخي في واجبه الرقابي على الحكومة، وأنه "سلّمها مقاليد التشريع". وأضاف الطبطبائي: "فشلت الحكومة اقتصادياً في مشكلة رفع الوقود وستفشل اقتصادياً في أمور أهم، ما لم تكن هناك وقفة من الشعب الكويتي تجاهها، وهذه الوقفة لا بد لها أن تكون في الانتخابات".
من جهته، قال النائب في المجلس السابق ومرشح الدائرة الأولى الحالي، يوسف الزلزلة، والذي كان مؤيداً لرفع سعر الوقود: "أنا ضد رفع سعر الوقود ولا بد أن تحاسب الحكومة على إضرارها بالمواطنين بسبب رفعها الدعم، وأما مقاطع الفيديو المنتشرة لي فغالبها مجتزأ وغير مكتمل الحقيقة أبداً".

سحب الجنسية
بلغ عدد الندوات الانتخابية التي تم تنظيمها وكان موضوعها سحب الجنسيات أكثر من 25 ندوة، غالبها عائد لمرشحي المعارضة وكتلة الأغلبية. ووصف مرشح الدائرة الثانية عن الحركة الدستورية الإسلامية "حدس"، جمعان الحربش، سحب الجنسيات في السنوات الثلاث الأخيرة بـ"الانتقام السياسي". واعتبر ذلك "أمراً ظالماً ومستقصداً، لإخافة الناس وإرعابهم، إذ كيف يعقل أن ينام الشخص مواطناً كويتياً ثم يقوم من نومه ويجد نفسه غير مواطن، بل مطالباً بالخروج من البلاد في أسرع وقت".
أما مرشح الدائرة الثالثة، عيسى الأنصاري، فقد أكد أنه "ضد سحب الجنسيات خارج إطار القانون". وأضاف أثناء حملته الانتخابية: "من حق المواطن أن يلجأ إلى القضاء، وهو أمر خطير ولم يمر على الحياة السياسية في الكويت أبداً"، فيما اعتبر مرشح الدائرة الخامسة، الصيفي مبارك الصيفي، في ندوة انتخابية، سحب الجنسيات "إجراء استُخدم كعقاب لمن يختلف مع الحكومة، وجرى استخدامه بحق نواب سابقين ورجال دين وصحافيين وضابط شرطة وجيش". وأضاف: "سوف ننتزع سلاح سحب الجنسيات الذي يُستخدم في ابتزاز المواطنين، وسوف نضعه في يد الأمة، لا يجوز أن تسحب جنسية شخص ما وتقول له إذا كنت مواطناً اذهب إلى المحكمة، بل يجب أن تبقى الجنسية عنده وإذا كان للحكومة شيء فإنها تذهب للمحكمة هي بنفسها".

تبرؤ من الأخطاء
سارع عدد من نواب المجلس المنحل إلى التبرؤ من القوانين التي قاموا بإقرارها وتأييدها، خصوصاً قانون البصمة الوراثية الذي أحرج الحكومة الكويتية أمام المنظمات الدولية والحكومات العالمية وأجبرها على التراجع عن تطبيقه بسبب الضغوطات الشعبية والدولية. وقال المرشح عن الدائرة الرابعة وأحد المصوتين على القرار، النائب السابق محمد طنا العنزي: "إنني أعتذر عن التصويت لهذا القرار الجائر، وتم خداعنا في الجلسة، كما أن القانون جاء فوراً بعد تفجير مسجد الصادق الإرهابي، وفي هذه الأيام كان صوت العاطفة غالباً على صوت العقل".


من جهته، قال المرشح عن الدائرة الثالثة، النائب السابق محمد الجبري: "على الرغم من كوني عضواً في البرلمان السابق، فإني ولله الحمد لم أقم بالتصويت عليه، بل خرجت من الجلسة ولم أعترض أيضاً، لأن التصويت عليه هو انتهاك للخصوصية، والاعتراض عليه في ذلك الوقت الحساس الذي تمر به الكويت هو شق لصف ووحدة الكويتيين".
أما مرشح الدائرة الأولى، حمد روح الدين، فقد اعتبر القانون "سبة في جبين المجلس السابق، إذ إنه ينتهك خصوصيات الناس". واعتبره معارضاً للدستور الكويتي وتسبب في "إحراج الكويت أمام المنظمات الدولية، وكاد أن يتسبب بأزمة عالمية لولا تدخل أمير البلاد وإيقافه تنفيذ هذا القانون".

رفض للغانم
أعلن العشرات من المرشحين في هذه الانتخابات، وبشكل غير مسبوق، أنهم لن يصوتوا لمرزوق الغانم رئيساً لمجلس الأمة الجديد في حال وصولهم إلى البرلمان، لما اعتبروه فشلاً للغانم في إدارة البرلمان السابق، واحتجاجاً على الخط السياسي للبلاد، وما وصفه مرشحون بـ"العقلية الانتقامية" التي تسبب برأيهم في سنّ قوانين مثل قانون حرمان المسيء للذات الأميرية من الترشح للانتخابات، والذي أدى إلى منع النائب السابق والمعارض، بدر الداهوم، من الترشح للانتخابات وشطبه من قبل وزارة الداخلية ولجنة الانتخابات.
وقال مرشح الدائرة الثانية، عمر الطبطبائي، إن "عهد مرزوق الغانم كان هو العهد الأسوأ في تاريخ الكويت سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وفي حال وصولي للمجلس فإن صوتي لن يكون له بالطبع".
كما أكد مرشح الدائرة الثالثة، عبدالكريم الكندري، الأمر ذاته، قائلاً: "مرزوق الغانم لديه خلاف مع الشعب بأكمله ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون صوتي له لأنني أريد كما يريد الشعب الكويتي أن ينهي حالة السواد التي عشناها طوال ثلاث سنين"، واعتبر أن مجلس الأمة السابق "أقر أفشل وأسوأ القوانين الانتقامية من المواطنين والمعارضين السياسيين".
من جهته، أعلن المرشح الحالي، النائب السابق أحمد مطيع العازمي، أنه في "حال وصولي للمجلس لن يكون صوتي لمرزوق الغانم أبداً كونه فشل في إدارة الأزمة طوال ثلاث سنوات".

ورد مرزوق الغانم على منتقديه في ندوته الانتخابية الأخيرة، التي أثارت الكثير من الجدل في الكويت، والتي قال فيها: "من لا يريدني على سدة رئاسة البرلمان لا يريد الخير لهذا الوطن".
المتغير الأهم الذي شهدته الحملات الانتخابية، هو التراجع الكبير للنَفَس الطائفي في انتخابات هذا العام، مقارنة بالسنوات الماضية، خصوصاً انتخابات 2012. وعزا مراقبون هذا التراجع إلى انشغال الناخبين بقضايا أهم، كسحب الجنسيات ورفع سعر الوقود. لكن الانتخابات لم تخلُ من تلميحات طائفية، كتصريح وليد الطبطبائي أن إيران "لا تريد وصول أمثاله إلى المجلس" لأنه "سيقطع الطريق عليها وعلى عملائها في الكويت"، في الوقت الذي لوح فيه مرشح الدائرة الأولى، خالد الشطي، بوجود "دواعش" في أجهزة الدولة، ملمحاً إلى المحافظين. وقال الشطي في ندوة انتخابية: "سأحارب الدواعش المتخفين في وزارات الدولة والذين يسيطرون على مناصب قيادية واسعة في البلاد، وسأحرص على إعدامهم وطردهم"، وهو التصريح الذي اعتُبر طائفياً في الكويت.