نتائج "محورية" لأستانة 5 السورية: مركزا مراقبة وقوات روسية

أستانة 5: مركزان لمراقبة "خفض التصعيد" وقوات روسية في "مناطق التهدئة"

05 يوليو 2017
التقى دي ميستورا مع الوفد الروسي (كيريل كودريافتسيف/فرانس برس)
+ الخط -
لقاءات ثنائية وثلاثية، ومشاورات بين الخبراء التقنيين للدول الثلاث الضامنة، وجميعها ضمن جلسات مغلقة، هو عنوان اليوم الأول من اجتماعات "أستانة 5"، في العاصمة الكازاخية أستانة أمس الثلاثاء، وكل ذلك استعداداً للاجتماع الرسمي الذي من المقرر أن يسبق بيان "أستانة 5" اليوم الأربعاء، وسط ترقب لما قد تتمخض عنه هذه الاجتماعات، التي تتفق معظم التحليلات، بأنها ستخرج بنتائج محورية، وتحديداً برسم حدود وآليات تنفيذ اتفاقية مناطق "خفض التصعيد" الأربع، التي أبرمت في العاصمة الكازاخية بداية مايو/أيار الماضي، ودخلت حيز التنفيذ في السادس من الشهر ذاته.

ووفق التسريبات من مصدر مشارك في اجتماعات أستانة، لوكالات أنباء روسية، فقد تم الاتفاق على إنشاء مركزين، واحد أردني-روسي-أميركي يختص بالمنطقة الجنوبية من سورية، وآخر تركي-روسي، وأن تستمر عملية مراقبة مناطق خفض التصعيد من قبل الدول الضامنة مبدئياً لمدة ثلاثة أشهر مع إمكانية التمديد، لكن المصدر أشار إلى أن الخلاف لا يزال يتواصل بشأن الشمال والجنوب، مع محاولة إيران تأجيل البحث في موضوع المنطقة الجنوبية، لطرح رؤية مختلفة عن خطوط التماس الحالية هناك. وأعلن رئيس الوفد الروسي في أستانة، ألكسندر لافرينتييف، للصحافيين، أن القوات الروسية قد تنتشر في "مناطق التهدئة" في سورية خلال أسبوعين أو ثلاثة في حال التوصل إلى اتفاق مع تركيا وإيران. وانطلقت الاجتماعات، التي تهدف بالدرجة الأولى في نسختها الخامسة، إلى إقرار تفاصيل اتفاقية "خفض التصعيد" في المناطق الأربع، صباح أمس الثلاثاء، بحضور وفود من الدول الثلاث الضامنة، وهي إيران وتركيا وروسيا، وكذلك المبعوث الأممي إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، في الوقت الذي أكد فيه وزير الخارجية الكازاخستاني، خيرت عبدالرحمنوف، حضور القائم بأعمال مساعد وزير الخارجية الأميركي للشرق الأوسط، ستيوارت جونز إلى أستانة. وقالت مصادر أخرى إن مستشار وزير الخارجية الأردني، نواف وصفي التل، يحضر الاجتماعات أيضاً.

وكان وصل إلى أستانة، أول من أمس، وفد النظام، الذي يترأسه سفيره في نيويورك، بشار الجعفري، ووفد المعارضة العسكري، الذي بدا ضعيف التمثيل قياساً بجولات سابقة من هذه الاجتماعات، إذ غابت أبرز وجوه العسكريين الذين مثلوا المعارضة سابقاً عن تشكيلة الوفد. وكان 34 فصيلاً من الجيش السوري الحر جنوبي البلاد، قد أعلنوا، في بيان قبل خمسة أيام، مقاطعة اجتماعات "أستانة 5"، معللين ذلك "بعدم قدرة الدول الضامنة على إيقاف آلة القتل، وانتقال مناطق خفض التصعيد إلى مناطق تصعيد، وإيجاد فرصة للنظام للقتل تحت رعاية تلك الدول مقابل تنفيذ مصالحها"، فضلاً عن "استغلال النظام لفترات الهدن ووقف إطلاق النار"، وشنه لعمليات عسكرية خصوصاً في درعا، و"لعدم وجود ضمانات واضحة، أو أي رؤية واضحة، لماهية المؤتمر ومقترحاته المطروحة"، و"التسريبات التي تخرج وتظهر أن الغاية من المؤتمر تقسيم سورية". لكن رغم ذلك، ومع العلم بأن المعارضة السورية بحسب مصادر عسكرية لديها "تحفظات واعتراضات كثيرة حول مسار أستانة ككل، وما تحتوي مخرجاته من نتائج سلبية"، فإن وفداً عسكرياً بالمحصلة توجه إلى الاجتماعات، بعد "تمنيات" تركية بعدم المقاطعة، كيلا يُمنح النظام وحلفاؤه ذرائع جديدة لقضم المزيد من مناطق سيطرتها. وعلمت "العربي الجديد"، بأن اليوم الأول للاجتماعات أمس الثلاثاء، شهد اجتماعات ثنائية عدة، بينها اجتماع لوفد المعارضة العسكري مع الوفد التركي في أستانة، وآخر بين وفد النظام والوفد الروسي، في حين ذكرت وكالة "الأناضول" التركية، أن دي ميستورا، التقى مع الوفد الروسي في فندق "ماريوت"، بينما من المقرر أن تجري "المعارضة اجتماعات أخرى في مقر إقامتها مع ممثلي الدول الأوروبية".


وتسبق هذه الاجتماعات والمشاورات، اليوم الثاني والأخير من "أستانة 5"، الذي يشهد جلسات موسعة لمختلف الأطراف المشاركة، قبل أن يُختتم اليوم الأربعاء. ويُنتظر أن تتمخض عنه نتائج وصفتها مصادر روسية بـ"المحورية" بما يخص مناطق "خفض التصعيد" الأربع، في محافظة إدلب ومحيطها، وريف حمص الشمالي، والغوطة الشرقية، وجنوبي سورية. النتائج المحورية التي يجري الحديث عنها، ما زال يكتنفها بعض الغموض، مع عدم خروج معطيات واضحة من كواليس لقاءات أمس، لكن رئيس الوفد الروسي إلى الاجتماعات، ألكسندر لافرينتييف، الذي أكد أن العمل يجري في "أستانة 5" لتحديد آليات تنفيذ ورقابة حول اتفاق مناطق "خفض التصعيد"، قال أمس، إن بلاده تتطلع "للتوصل إلى وثيقة تحدد مناطق خفض التصعيد في سورية يوم غد (اليوم الأربعاء)"، مشيراً إلى وجود "جدية من الدول الضامنة (روسيا وتركيا إيران) وكذلك الأردن والولايات المتحدة" حيال ذلك.

ونقلت وكالات أنباء روسية عن مصدر مطلع في أحد الوفود المشاركة بمفاوضات أستانة قوله إن عملية مراقبة مناطق "خفض التصعيد" في سورية من قبل الدول الضامنة ستستمر مبدئياً لمدة ثلاثة أشهر مع إمكانية التمديد. وقال المصدر "من المحتمل فرض المراقبة مبدئياً على مناطق خفض التصعيد لمدة ثلاثة أشهر، من ثم نقوم بتمديدها. نقوم بتحديد هذه المناطق، ونبدأ بمراقبتها، وفي حال وجود السلام، نبدأ بتبديل قوات الدول الضامنة بالقوات السورية وقوات المعارضة، وذلك في حال تمكنا من إجلاسهم على طاولة واحدة". وأشار المصدر إلى أن "مراقبة الالتزام بنظام الهدنة في مناطق خفض التصعيد في سورية من المفترض أن يتم من مركزين، أردني-روسي-أميركي، وتركي-روسي"، مشيراً إلى أن "المركزين سيجمعان معطيات الانتهاكات، واقتراح إجراءات مثل سحب القوات بمراقبة تركية وروسية". وقال "من المقرر أن يعمل مركزان للمراقبة، أحدهما في الأردن والآخر نصفه في تركيا ونصفه الآخر في سورية. في الأردن يعمل للمنطقة الجنوبية حصراً الروسي-الأميركي-الأردني، وفي تركيا وسورية يعمل الروسي-التركي". وأشار المصدر إلى أن "مراكز المراقبة تتبادل المعلومات وتقترح إجراءات، بينها ضرورة السحب في حال إطلاق النار المستمر. مجموعة الضباط والموظفين الإنسانيين سيجمعون معطيات عن الانتهاكات واقتراح إجراءات. فمثلاً في حال إطلاق النار المستمر يمكن سحب القوات، بمراقبة روسية وتركية".

وفي حين يبدو أن رسم خرائط المنطقتين الثانية (ريف حمص الشمالي) والثالثة (غوطة دمشق الشرقية) أقل جدلاً وتعقيداً عن المنطقتين الأولى والرابعة، وهو ما تأكد مما نقلته وكالة "إنترفاكس" عن مصدر مقرب من الاجتماع بقوله "حتى الآن تم التوصل إلى التوافق حول الغوطة الشرقية وحمص"، فإن إقرار حدود المنطقة الرابعة، التي من المفترض أن تشمل أجزاء من محافظتي درعا والقنيطرة، يبدو أنه ما زال قيد الدراسة، فالنظام ومن خلفه الموقف الروسي، يريد الوصول إلى الحدود الأردنية وتحديداً في معبر نصيب الحدودي الذي تسيطر عليه المعارضة حالياً، فيما كانت المملكة الأردنية والولايات المتحدة قد اشترطتا إبعاد المليشيات المدعومة إيرانياً عن الحدود مسافة 30 كيلومتراً. ونقلت "روسيا اليوم" عن مصدر مشارك في المفاوضات قوله إن "إيران دعت إلى تأجيل البحث في موضوع المنطقة الجنوبية، وتريد طرح رؤية مختلفة عن خطوط التماس الحالية هناك".

كذلك فإن إقرار حدود وخرائط المنطقة الأولى، التي تشمل كامل محافظة إدلب وأجزاء من ريفي حماة واللاذقية الشماليين وشمال وغرب حلب، ينتظر حصول تفاهم روسي –تركي. فأنقرة صعدت في الأيام الأخيرة من نبرة تصريحاتها وتحركاتها العسكرية شمال حلب، مع ظهور معطيات تفيد بأن الجيش التركي يستعد لبدء عملية عسكرية في محيط مدينة عفرين، التي تسيطر عليها الوحدات الكردية، وتتموضع إلى الشرق منها قاعدة روسية في قرية كفرجنة. ويستشف من تصريحات أدلى بها مسؤولون من الدول الثلاث الضامنة، خلال الأيام القليلة الماضية، بأن منطقة "خفض التصعيد" الأولى التي تشمل كامل محافظة إدلب وأجزاء من ريفي اللاذقية وحماة الشماليين وغرب وشمال حلب، سيكون الإشراف عليها من قبل الجانبين الروسي والتركي، فيما سيؤدي الجانب الأميركي وكذلك الأردن، الدور الأبرز في تنفيذ الاتفاق جنوبي البلاد في بعض أجزاء محافظتي درعا والقنيطرة، بينما يؤول تنفيذ ورقابة الاتفاقية في محيط دمشق إلى كل من روسيا وإيران. كل ذلك يبقى في انتظار ما تكشفه "أستانة 5" في ختام الاجتماعات اليوم، والتي تأتي قبل نحو أسبوع على الموعد المقرر لبدء جولة مفاوضات "جنيف 7" السورية، التي كان دي ميستورا عبر عن أمله أن تعقد في العاشر من يوليو/تموز الحالي.

المساهمون