سلاح إبادة جديد للنظام السوري: "الألغام الطائرة" تخلف البراميل

سلاح إبادة جديد للنظام السوري: "الألغام الطائرة" تخلف البراميل

13 فبراير 2015
السلاح الجديد يمتلك قدرة تدميرية أكبر من البراميل (الأناضول)
+ الخط -
يبدو أنّ النظام السوري لم يعد يجد في البراميل المتفجرة التي يلقيها بواسطة الطيران المروحي وتتسبب في مجازر يومية، والصواريخ التي يقصف بها المناطق الخارجة عن سيطرته، ما يكفي لمواصلة الإبادة اليومية التي باتت حصيلتها 2 مليون قتيل وجريح منذ بدء الثورة في 2011 والحرب الشاملة التي يشنها النظام على الشعب السوري. فعلى الرغم من أن سلاح البراميل المتفجرة المحشوة بمزيج من المواد المتفجرة أرخص تكلفة من غيره، إلا أنه يفتقد للدقة، ويصل وزن البرميل الواحد إلى 300 كيلوجرام تقريباً، بينما يتحمل النظام تكاليف مرتفعة في سلاح الطيران الحربي. انطلاقاً من ذلك، يبدو أن النظام "اكتشف" سلاحاً جديداً أقل تكلفة، يمكن تسميته "الألغام الطائرة"، ويتحمل عبئه المالي أحد ممولي مليشياته، أيمن الجابر.

ويكشف مدير مركز حماة الإعلامي، يزن شهداوي، لـ"العربي الجديد"، كما سُرّب له من داخل أروقة النظام، أن "قوات النظام بدأت تعتمد سلاحاً شبيهاً بالألغام المتفجرة ذات حجم معتدل، وأصغر نسبياً من البراميل المتفجرة، ولكنه يمتلك قدرة تدميرية أكبر من البراميل، ويتمتع بدقة أعلى، ويتم تحميل الألغام من مطارات اللاذقية بشكل خاص، لقصف قرى وبلدات ريف حماة وإدلب وحمص".

وفي السياق نفسه، تشير مصادر محلية عدة تتعرض مناطقها للقصف العنيف في ريفي إدلب وحماة، لـ"العربي الجديد"، إلى "قيام طائرات مروحية بقصف أكثر من لغم متفجر في آن من كل واحدة منها، وهذا ما يدل على قيام النظام بتحميل من أربعة إلى خمسة ألغام متفجرة داخل المروحية الواحدة، وذلك لصغر حجم تلك الألغام نسبة إلى البراميل".

وإذا كان النظام يركّز في سلاح البراميل المتفجرة على الطيران المروحي، فإنه سيعمد من خلال سلاح الألغام إلى الاعتماد على طائرات "ميغ 21"، و"ميغ 23"، وقد جهّز أمكنة خاصة لحمل هذه الألغام المتفجرة، لقصف القرى والبلدات الخارجة عن سيطرة قواته ومليشياته ومليشيات حلفائه.

تقنياً، يشرح رائد الفضاء السوري، اللواء محمد فارس، في اتصال مع "العربي الجديد"، بأن "المروحيات ليست لها قدرة على التسديد الدقيق، فالبرميل المتفجر يُرمى بشكل عشوائي وغبي ينزل في أي مكان، والحوامات تلقي هذا السلاح من مساحة مرتفعة عن الأرض، والرياح تؤثّر بشكل سلبي على قصف أهداف محددة". ويضيف اللواء فارس على الجانب الآخر بأن "السلاح الجديد، يعمد النظام السوري على تطويره عبر تقنية استفاد منها من الروس والإيرانيين، ويستطيع عبره الاعتماد على طائراته الحربية في استهداف حواجز أو أبنية يتحصن فيها عدوّه، علماً أن أجهزة الدفاع الجوي الأرضية للجيش الحر، ليس لها قدرة على اصطياد الطائرات المقاتلة".

ويؤكد فارس أن "الطائرات المقاتلة أو القاذفة مزوَّدة بأجهزة تسديد دقيقة جداً، وهي ذات سرعة عالية، حيث يقوم الطيار بوضع الموقع ضمن جهاز التسديد ويطلق هذه القذيفة، ولذلك ممكن جداً تحميل هذه القنابل الجديدة على الطائرات المقاتلة أو القاذفة، ولو أن هذه السلاح أصغر حجماً، لكنه أكثر دقة في الإصابة".

ويتابع فارس بأن هذا السلاح في نهاية المطاف هو "عبارة عن قنابل ذات دقة عالية أكثر، ومن الممكن لطائرات النظام السوري، مثل ميغ 23 أن تحمل 2 طناً منه".

وفي الفترة الأخيرة، لاحظ عبد الحميد، وهو رجل خمسيني من ريف حماة الشمالي، في حديث لـ"العربي الجديد"، قدرة تدمير أكبر لما يسميه "البراميل الجديدة" التي يلقيها النظام السوري على المنازل السكنية، مشيراً إلى "تشكل حفر كبيرة جراء سقوط تلك البراميل، وإلقاء المروحية أكثر من برميلين دفعة واحدة".

وعن مصادر دعم السلاح الجديد، يلفت يزن شهداوي، إلى أن "المسؤول عن تصنيع الألغام بشكل خاص، هو رئيس مليشيات "صقور الصحراء"، أيمن الجابر، وبالتالي فإن السلاح الجديد سيكون دعماً مستقلاً"، مشيراً إلى أن "جابر يعتمد في دخله على مردود الدخّان المهرّب وإدخال وتهريب المازوت الآتي من تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، والمحروقات من حقل شاعر وغيرها".

ويقول نائب رئيس هيئة الأركان في "الجيش السوري الحر"، العميد أحمد بري، لـ"العربي الجديد"، إن "النظام استخدم كل أشكال ووسائل القتل والتدمير بدون أي رادع، فبعد استخدام براميل الموت والتفنن في رميها، استخدم خزانات كان يرميها من طائرات السوخوي، حيث يقوم برميها فقط، من دون أن يهتم أين تأتي، ولكن المهم أن تقتل وتدمر".

وأضاف أن "النظام اعتمد على رمي البراميل لكلفتها القليلة وتدميرها الكبير، ولكن المشكلة التي كانت تواجهه هي وقوع البراميل في مكان واحد، وأحيانا قد لا ينفجر البرميل، أو يأتي خارج القرية أو المدينة. مع العلم أن الطائرة الحوّامة لا تستطيع أن تحمل سوى برميلين، لذا قرر النظام تجزئة هذا البرميل إلى عدة أجزاء، وتطوير محتواها بألغام مفخخة"، مبيّناً أنه "في حال عدم انفجارها تبقى كاللغم تنفجر عند الاقتراب منها أو تحريكها".

وأوضح القيادي العسكري أن "هذا يضمن مساحة في الرمي أكبر، فالبرميل الواحد قسم إلى 10 أو أكثر، كما أن قدرة التدمير أصبحت أوسع، فبدل أن ينفجر برميل واحد، يكون هناك عشرات الانفجارات، وبالتالي تكون نسبة القتل والتدمير أقوى وأوسع، والتي لا تنفجر تبقى كاللغم المفخخ، على مبدأ قذائف التلغيم عن بعد (العنقودية).

من جهة ثانية، ولتعويض خسائر قوات النظام في حلب، وتفادي الهجمات المفاجئة كهجوم "جبهة النصرة" على منطقتي نبل والزهراء، كشفت مصادر مطلعة عن إيعاز النظام السوري للعقيد سهيل الحسن، الملقب بـ"النمر"، بجمع عدد كبير من عناصر ريف حماة وبدعم من "صقور الصحراء" والتوجه بهم لفتح جبهة قوية جداً من جهة حندرات ومعامل الدفاع في حلب، لتدعيم جبهتي قريتي نبّل والزهراء، بقيادة "النمر".

ويُعتبر سهيل الحسن من أهم القادة العسكريين المفضلين لدى النظام، وقد تم استقدامه في وقت سابق من حلب إلى ريف حماة، لتعويض الخسائر التي مني بها النظام في ريف حماة الشمالي، وقد نجح الحسن في ذلك، عبر تسخير المطارات لصالحه، واتباع سياسة الأرض المحروقة.

ويهدّد نشاط المعارضة المسلحة، قرب منطقة السفيرة وما حولها في شرق حلب، وجود قوات النظام هناك، إذ إن منطقة السفيرة هي مركز الصيانة الأول للطيران المروحي والحربي، وطائرات النظام، وبحسب المعلومات، أصبحت مستهلكة، ولم تعد بكامل جاهزيتها، وبحاجة إلى صيانة في الأيام المقبلة، وهذا ما يشكل خطراً كبيراً في تلك المناطق التي تدور حولها الاشتباكات مع كتائب المعارضة، وهذا ما يستدعي تدخل النظام بشكل عاجل لحماية تلك المنطقة من أجل صيانة سلاحه الجوي العسكري. وستعمل المعارضة على تأمين طريق خناصر، من خلال فتح جبهة حندرات ومعامل الدفاع في حلب، وقطع طريق إمداد النظام السوري في هذه المناطق.

وكانت حركة "أحرار الشام" الإسلامية قد أعلنت قبل نحو ثلاثة أشهر عن بدء معركة "زئير الأحرار"، لتحرير منطقة معامل الدفاع الواقعة جنوب حلب، ونجحت في السيطرة على قرى عدة غرب ثكنة معامل الدفاع، ما سبّب ضغطاً إضافياً على النظام هناك.