ألكسندر بنعلا يواصل دفاعه "الهجومي": سأخرج أقوى من المحنة

ألكسندر بنعلا يواصل دفاعه "الهجومي": سأخرج أقوى من المحنة

29 يوليو 2018
أكد بنعلا أن ما يربطه بماكرون "علاقة تعاطف" (Getty)
+ الخط -

في استمرار لحملة منسَّقة له، وفي ترتيب واضح مع دوائر في الإليزيه وفي حركة "الجمهورية إلى الأمام"، يواصل المستشار الأمني السابق للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ألكسندر بنعلا، حواراته مع الإعلام الفرنسي.

وبعد حوار أجرته معه صحيفة "لوموند"، ثم حلوله "ضيفاً" على قناة "تي إف 1"، استضافت صحيفة "لوجورنال دي ديمانش" بنعلا، في عددها الصادر اليوم الأحد. وحرصت الصحيفة المقربة من ماكرون على منح اللقاء حيزاً كبيراً، مكرسة له ثلاث صفحات بعنوان "الرجل الذي أراد حماية الرئيس"، عدا عن الغلاف الذي ظهر بعنوان مثير "ما فعلتُه من أجل الرئيس".

وكتبت الصحيفة إن بنعلا، ورغم كل ما حدث، "يُظهر قوة هادئة، ويجيب بصوت رخيم، من دون حقدٍ ظاهر ولا خشية من المستقبل، كيف لا وهو يقول: أعرف أنني سأخرج أقوى. أنا مرتاح الضمير. أعرف ما فعلتُ وما لم أفعل، وأعرف من هم الكذّابون ومن يقولون الحقيقة". 

وتحدثت الصحيفة عن رسائل قصيرة تتدفق على بنعلا، موجّهة الإطراء له، كما أن وزيرَين مقربين من ماكرون، اتصلا لتشجيعه. وتساءل بنعلا، في حوار "لو جورنال دي ديمانش"، عن الهجمات التي تنهال عليه: "لجنتان برلمانيتان، واستجوابات مباشرة على التلفزيون، وتحقيقات في كل الاتجاهات، من أجل هذه القضية. هل رأيتم هذا من قبل؟".

ومثلما فعل مع "لوموند" و"تي إف 1"، اعترف بنعلا بأنه ارتكب "خطأ"، ولكنه لم يرتكب "مخالفة للقانون". وأصرّ على أنه لم يضرب شخصاً كان ملقى على الأرض: "أنا مندفع، ولكنني لست عنيفاً".  

وتساءل عن سبب تحميله، وحده، المسؤولية، علماً أن "الصُوَر تُظهرُ رجالَ الشرطة وهم يضربون المتظاهرين".

وكرّر بنعلا كذلك أن ما يربكه إنما هو "كونه من تسبَّبَ في ظهور الفضيحة. الحلقة الأضعف التي تُستَخدَم للوصول إلى الرئيس". وأضاف "كان (الرئيس) يثقُ بي، فارتكبتُ هذه الفوضى. كنتُ هنا، من أجل حمايته، وإذا بي أضعه في وضع صعب".

وتطرق بنعلا إلى حياته الشخصية، ليثبت كلّ ما أنجزه حتى يصلَ إلى ما وصل إليه. تحدث عن والدته، التي وصلت إلى فرنسا عام 1980 لدراسة الكيمياء، وهي مدرّسة، والتي طلّقت زوجَها بُعَيد ولادته، بسبب ممارسته العنف، وعن أخيه وأخته الصغيرين، والحياة في منزل لا تتعدى مساحته 15 متراً مربعاً، ويُطلُّ على سجن، وعن ظروف العيش الصعبة حيث كانت العائلة تلجأ لمساعدة جمعية "الإغاثة الشعبية". 

وخلال المقابلة، تحدث بنعلا كذلك عن رغبة قديمة له في ولوج سلك الشرطة، إذ كاتَبَ حين كان في سنّ الخامسة عشرة الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي، فمُنِح ثلاثة أيام في "قسم حماية الشخصيات السامية". وتذكر تأثير فيلم "بودي غارد" لكيفن كوستنر. وقال إن حلمه تحقق في 2012، حين أصبح عضواً في جهاز حماية فرانسوا هولاند.

ولم يتوقف ألكسندر بنعلا، في رغبة لتحديد المسؤوليات، عن استحضار مشاعر كثيرين معادية له، خاصة "من يعتقدون أن المسؤوليات تتعلق بالشهادات الجامعية"، و"بعضهم اعتبرني غير شرعي بسبب مساري الدراسي. ففي عالم السلطة، لا يحظى بالحب سوى من تمّ صقله جيداً ومن يغلقون أفواههم. وأنا لديّ نزعة دائمة لفتح فمي. فدُفّعتُ الثمن...".

من دفّعه الثمن؟ يجيب: "في الدوائر العليا للشرطة، يوجد أناسٌ يُديرون مصالحهم، ومسارهم المهني، وأنا أزعجتهم. وعن طريق خطئي، منحتهم فرصة. فقفزوا عليها من أجل إبعادي". 

وتحدّث عن علاقاته بماكرون قائلاً: "تربطنا علاقات تعاطف، ولكن باحترام. ولم يحدث أي نوع من الألفة، فقد كنت في خدمته. لقد وثق بي من دون أن يعرف الشيء الكثير عني. آمل، وأعتقد، أنه لن يندمَ عليه أبداً".

واستعرض بنعلا بعض بطولاته التي قرَّبته من الرئيس الفرنسي أكثر، خاصة في مرسيليا، حيث كان الرئيس محاصراً في بناية تحيط بها سيارات تاكسي غاضبة، فهرّبه عن طريق السطح، وفي مدينة أميان، حيث كان من القلة التي وافقت على قرار ماكرون زيارة مصنع "ويرلبول"، بين الدورتين الانتخابيتين الرئاسيتين.

وتحدث بنعلا عن آخر اتصال مع ماكرون، في 16 يوليو/ تموز الحالي، على هامش استقبال فريق فرنسا لكرة القدم في الإليزيه. كما تحدث عن لقاء آخر سابق: "أخذني الرئيس جانباً، وقال لي: لقد ارتكبتَ خطأ كبيراً. أصابني بالخيبة، وأحسّ بأنني تعرضتُ للخيانة. لقد أنزلت به عقوبة، وهذا شيء عادي. أنا أضع ثقتي بك، وعليك أن تتحملها". واعترف بنعلا بأنه فهم وقَبِلَ، على الرغم من أنه يجد العقوبة "مهينة". وأضاف أنه اقترح تقديم استقالته، لكنهم لم يجدوا لها مبرراً.


واعترف ألكسندر بنعلا، أيضاً، بأنه كان يتوقع وجود فيديوهات، لكنه لم يكن يتصور أن تتسبب في كل "هذا الجنون". وحاول أن يبعد جانباً كل الانتقادات والمآخذ عن اقترابه الشديد من السلطة وعن تسلطه وعن حضوره الدائم المزعج إلى جانب الرئيس، فقال: "لديّ احترامٌ للآخرين، ولستُ كما يصفونني. وعلى العكس، كثيراً ما التقيتُ بضباط وموظفين كبار لا يتحمّلون أن يُصدر لهم شابّ من الجيل الثاني للهجرة (والدته جاءت من المغرب سنة 1980) الأوامر. هذا ما حدث في مطار شارل ديغول، حين كنا ننتظر طائرة الفريق الوطني لكرة القدم، أشعرتُ كولونيل الدرك بأن رجاله اقتربوا كثيراً من المدرج - كانوا يريدون التقاط صُوَر - كانت الفوضى. فقال لي إنه ليس عليه أن يخضع لأوامري. والنتيجة، هي أنه بسبب هذا الحادث، تأخر وصول اللاعبين". 

هل ظهور بنعلا إلى جانب لاعبي كرة القدم سرّع من سقوطه، بسبب الغيرة؟ هذا هو تصور الصحيفة الفرنسية. ولا يزال بنعلا يُصرّ على أن عقوبته، ثم تسريحه لاحقاً، بسبب "صُوَر كاميرات الشرطة"، كانا قاسيَين، رغم أن كثيرين يعتبرونهما خفيفتين: "مع الفضيحة، تبدو عقوبتي خفيفة جداً، لقد استخدموا هذا السبب للحسم. كانت هي اللعبة".